بيان الجيش الذي حول الألعاب النارية في ميدان المولد الى (نيران لعوبة)

كانت خواتيم احتفالات المسلمين بالمولد النبوي الشريف بميدان الخليفة بأم درمان أسيفة ومؤلمة هذا العام ، كأسف وإيلام تلك الحادثة التي ارتكبت في نفس هذا المكان في خمسينات القرن المنصرف ، وذهب ضحية لها نفر عزيز من أهل الشرطة كشهداء . الحادثة الأخيرة كانت بسبب تفجيرات الألعاب النارية التي درج الناس إطلاقها عند الأفراح ، ولكن يبدو أن الألعاب النارية نفسها قد انحدرت للدرجة التي باتت معها تحمل بذور الموت وحبيبات الجراح النازفة ، فأزهقت روحي شخصين وأصابت خمسة عشر آخرين بجروح بدنية ونفسية متباينة الأذى والفداحة ، ومع ترحمنا على أرواح الضحايا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للجرحى ، نقول بأن هذا الحادث لم يجد حظه من التناول والتحليل والقراءة العميقة الممتدة ، كحدث مهم يتعلق بتأمين وحفظ الأنفس المسالمة التي أتت طوعاً لتقضي وقتاً طيباً في حضرة ذكرى ميلاد سيد الخلق أجمعين ، فهل يا ترى طغت أحداث ” مستريحة ” والزعيم القبلي موسى هلال على كل حدث أم أن ثقافة الموت وابتلاع أسبابه باتت من المسلمات التي أدمن علكها المجتمع السوداني أخيراً مع الطقطقة !!؟
إن هذه الحادثة المؤسفة هي بلا شك من أعمال الأمن الداخلي بامتياز، ما لم يسفر التحري عن نوايا سياسية أو عسكرية أو تخريبية كانت تعشعش في رؤوس جالبي ومطلقي هذه الألعاب النارية ، أو بمعنى أدق ( النيران اللعوبة ) وسط آلاف الأبرياء من رواد الاحتفال الديني المعلوم ميقاتاً ومكاناً. ما دعاني لايراد كلمتي ( النيران اللعوبة ) هو بيان الجيش الذي نشرته المواقع الالكترونية والصحف على لسان الناطق الرسمي للجيش السوداني سعادة العميد الشامي الذي قال ( بأن تحقيقاً سيجري حول أسباب الحادث ولا يتم إطلاق الألعاب النارية في المناسبات الكبيرة بالسودان إلا باشراف القوات المسلحة التي تمتلك وحدة للمفرقعات ويستخدم في إطلاقها قاذف عسكري ) وأكد بيان الجيش تعاون جميع الجهات العسكرية والشرطية والطبية في السيطرة على الموقف ، وإعادة الأمور إلى الوضع الطبيعي في مكان الاحتفال ) … بالتأكيد فان النيران اللعوبة قد أنجزت مهمتها بازهاق روحي شخصين وجرح بضعة عشر آخرين ، مع زرع الخوف والهلع في أنفس الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ ، داخل وخارج حرم الاحتفال وغادر الرواد المكان مكتفين من الغنيمة بالاياب ، فهل فعلاً تمت إعادة الأمور الى نصابها وهناك موتى وجرحى !؟ .. لقد كنت آمل صادقاً ألا يقحم سعادة الناطق الرسمي للجيش نفسه في هذا الأمر باصدار مثل هذه البيانات التي يقرأها الناس وكأن الحادثة اعتداء عسكري مسلح ، استهدف البلد وأمنها ، وأن الأمر أكبر من إمكانيات الشرطة المختصة بعلاج مثل هذه الأحداث أو الحوادث . بالتأكيد فإن واجبات وظيفة الناطق الرسمي للجيش لها خطورتها التي توازي المهام الموكولة للجيش نفسه ، وليس من الحكمة إصدار الجيش لبيان يتحدث عن أمور اعتبرتها الشرطة أحداثاً قدرية عادية ، وتعاملت معها وفق قانون الأسلحة والذخيرة والمفرقعات لسنة 1986م ، باشراف النيابة المختصة وفقاً لسلطاتهما بموجب القوانين الجنائية السودانية . أضاف البيان أيضاً ( وأشار الى أن الجهات المختصة ممثلة في مفتش عام المفرقعات ستتولى التحقيق في أسباب الحادث وتتخذ الاجراءات الادارية والفنية والقانونية اللازمة ) وللحقيقة فإن الجهات المختصة هي وزارة الداخلية ووزيرها كجهة مرخصة ، والشرطة الجنائية ، والنيابة الجنائية كجهات مختصة بالتحريات ، حسب قوانين الشرطة والنائب العام والاجراءات الجنائية لسنة 1991م وقانون الأسلحة والذخيرة والمفرقعات لسنة 1986م ، وليس مفتش عام المفرقعات الذي لم يعطه القانون حق التحقيق أو التحري إطلاقاً ، فهذه سلطة حصرية للجهات العدلية من شرطة ونيابة وبعد الابلاغ عن الحادث لنقطة الشرطة المختصة ، ثم قيام الضابط المسؤول باجراء التحقيق ، ولعل دور مفتش عام المرفقعات ينحصر في حضوره للتحقيق ( إذا رغب ) كجهة خبيرة ، أو شاهد خبرة في مجال المفرقعات لتدوين إفادته العلمية ، التي يتم عبرها إدانة مشتبه فيهم أو تبرئتهم ، خاصة وأن هناك أناس قد قتلوا في الحادث الأليم ، ودوره هنا مثل دور أخصائي الحرائق والسموم وطبيب التشريح كشاهد خبير .
عند حوادث التفجير والحرائق في أو حول أي مكان بها مفرقعات ، وكما قالت المادة ( 38 ) من قانون الأسلحة والمفرقعات لسنة 1986م فإن الواجب يحتم ابلاغ الضابط المسؤول عن أقرب نقطة شرطة ، ليقوم باتخاذ التدابير اللازمة لمنع تغيير معالم الحادث باللمس لأي بقايا ناتجة من الحادث ، إلا ما تقتضيه الظروف لإزالة الجثث أو اسعاف المصابين ، أو انقاذ أي أموال من خطر الحريق ، وذلك لحين إجراء التحقيق ، وللضابط المسؤول إجراء التحقيق إن رأى ضرورة ذلك ، ويكون التحقيق وجوبياً إذا ما نتج عن الحادث إصابات في الأرواح أو إصابات خطيرة للأشخاص ، ويباشر إجراءاته وسلطاته بموجب قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م ، وعليه التأكد عما إذا كان مفتش عام المفرقعات يرغب في حضور ذلك التحقيق ، واذا أبدى رغبته يستجاب لها كجهة لديها الخبرة في هذا المجال الفني … نعم ، لمفتش عام المفرقعات ( يجوز تعيينه من وزير الدفاع ) سلطات نظمتها المادة ( 35 ) من ذات القانون ليس من بينها التحقيق ، وهي الدخول والتفتيش عن أي مفرقعات ، وأخذ عينات منها اذا كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوجودها في أي مكان أو وسيلة نقل ، وله حق إبادتها إذا كان ذلك ضرورياً ، وللمتضرر من الاجراء الحق في الاستئناف للمحكمة العامة المختصة ، كما أن لقاضي جنايات الدرجة الأولى أو النيابة أو أي ضابط جيش أو شرطة برتبة المقدم فأعلى ، أن يمارس سلطات مفتش المفرقعات في حالات الخطر مع وجوب اخطاره بما اتخذ من إجراءات والظروف الداعية لذلك .
إن بيان السيد الناطق الرسمي للجيش به بعض الايحاءات الايجابية التي يجب على الشرطة والنيابة الجنائيتين أخذهما في الاعتبار عند التحقيق الجنائي ، من شاكلة هل تم اطلاق هذه ( النيران اللعوبة ) من قاذف عسكري فعلاً ؟ ومن له الحق في استخدام القواذف العسكرية في الألعاب النارية ومن المسموح له باجرائها ؟ وهل تم استخدام هذه الألعاب النارية من قبل متدربين سواء كانوا نظاميين أو تلقوا تدريبات عسكرية ؟ وهل هناك متهمين من طرف الضحايا ؟؟؟ أرجو أن يكون التحقيق شاملاً وكاملاً ولابد من أن تقوم الجهات المختصة بتنوير الرأي العام بمجريات هذه القضية المهمة ، ولو من باب رفع الحس الأمني للمواطن السوداني ، وحتى لا يفاجأ المواطنون بأن ميدان المولد قد استحال لغابة أسمنتية بحجة خطورته على أرواح ( أولاد أم درمان ) من قبل هواة ( النيران اللعوبة ) القاتلة.
المؤكد ان لا علاقة للجيش بمباشرة القضية و لا اصدار بيان حولها فهو عمل شرطي بحت ..
كيزان الشيطان يقحمون انفسهم في كل شئ و يصرح كل من هب و دب فيما لا يليه و لا يخصه بعجلة شيطانية مما يجعل الناس يتساءلون و يثير الشكوك و الريبة..
ثم اين هو الجيش السوداني؟
هل نتوقع تصريحات و بيانا من الدعم السريع ايضا؟
لا استبعد ان جهات لها راي في حرمة الاحتفال بالمولد قد دبرت الحادث
المؤكد ان لا علاقة للجيش بمباشرة القضية و لا اصدار بيان حولها فهو عمل شرطي بحت ..
كيزان الشيطان يقحمون انفسهم في كل شئ و يصرح كل من هب و دب فيما لا يليه و لا يخصه بعجلة شيطانية مما يجعل الناس يتساءلون و يثير الشكوك و الريبة..
ثم اين هو الجيش السوداني؟
هل نتوقع تصريحات و بيانا من الدعم السريع ايضا؟
لا استبعد ان جهات لها راي في حرمة الاحتفال بالمولد قد دبرت الحادث