مشروع صالح.. المخرج الوحيد لليمن

اللعبة السياسية المعقدة جداً في المنطقة ككل والأكثر تعقيداً وأسرع تحولاً في الواقع اليمني جعلت الكثيرين لحظة إعلان مقتل علي عبد الله صالح لا يعرفون لمن سيقدمون ماذا.. التعازي أم التهانئ..؟!
خصم السعودية وحليف الحوثيين حتى الأسبوع الأخير من حياته حين أعلن بشكل مفاجئ انقلابه على الحوثيين ودعوته للشعب اليمني للانتفاضة ضدهم والحوار مع دول الجوار مما اعتبره المراقبون تغييراً كلياً يوفر الفرصة الذهبية للحل السياسي للأزمة اليمنية، الشيء الذي أحدث تغييراً فورياً متفائلاً في لغة إعلام التحالف العربي الخليجي حين استبدل على الفور صفة المخلوع في وصف صالح بصفة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح قبل أن تسرق يد الغدر الإيراني وخيانة المقربين هذا الحلم العابر والضوء الخاطف الذي لاح أمام شعب اليمن في آخر النفق..
فعلتها إيران التي اتخذت مرجعيتها قرار تصفية علي عبد الله صالح بشكل فوري على طريقة (نتغدى به قبل أن يتعشى بنا)..
وبرغم كل المرارات والأحزان التي تسبب فيها علي عبد الله صالح داخل وخارج اليمن في سنوات تحالفه مع جماعة الحوثي وقتاله في صف العصابة الإيرانية ضد شعبه وفي مواجهة قوات التحالف العربي إلا أن موقف صالح الأخير كان كفيلاً بمسح كل تلك الصفحات السوداء والحصول على الدعم العربي الكامل لمشروعه الذي طرحه لحظة انقلابه على الحوثيين واستخدامه في تلك اللحظة لمفاتيح السياسة التي لا تعرف أسواراً للمواقف.
والآن ورغم أن مقتل صالح قد وضع المشهد اليمني على خيارات مفتوحة لكن تلك الخيارات والسيناريوهات الممكنة تبدأ من إنقاذ مشروع المصالحة اليمنية التي طرحها الرجل قبل أيام من مقتله والتي تتم عبر تحالف حزبه وجماعته مع الرئيس هادي وبقية المكونات السياسية والقبلية لمواجهة الحوثيين بآليات الانتفاضة الشعبية بجانب تحالف قوات الراحل صالح مع الجيش اليمني لقطع يد ايران في اليمن، وإعلان حكومة انتقالية وطنية وانتخابات تعيد الاستقرار والشرعية لليمن السعيد..
هذا أو الخيار الثاني والسيناريو السيء الذي سيدفع شعب اليمن فاتورته الباهظة لأجيال قادمة وهو خيار ترك الأمور كما هي عليه معبأة بالرصاص العام ومفخخة بالغبينة والثأرات لتدخل اليمن بشكل أكيد في مرحلة الحرب الأهلية الحقيقية والشاملة المتعددة الأطراف والطويلة..
لا تهنئة لأحد في مقتل علي عبد الله صالح الذي تساوي الأيام الثلاثة الأخيرة في حياته الفرصة النادرة لنهاية أزمة اليمن بشكل كامل والمشروع الإصلاحي الحقيقي لتصحيح وإعادة الأمور الى نصابها..
بنجل صالح أو بقيادات حزبه وجماعته وقواته أو بأية رمزية قبلية أو سياسية أو عربية داعمة للشرعية في اليمن، بتكاتف كل هذه المعطيات وتوظيفها بشكل صحيح يمكن الاستمرار والالتزام بذلك التوجه الوطني الصحيح الذي كان دشنه صالح وشرع فيه عملياً قبل أن تغدر به إيران.
شوكة كرامة
اليوم التالى