ثقافة وفنون

مهمة في أديس ابابا 

أكرم ابراهيم البكري
الفصل الاول :-
الليل واخره
السماء هي المكان الافضل للاحتفاظ بالامنيات ، لم يكن الوطن يوماً ملاذٍ للكثيرين ، خيانة اكثرهم  للوطن  مثل اركان الايمان لم تكن نافلة بل فرض عين  ،فقد كنت اتسال دوماً عنهم اولئك الذين يكسرون قلوبنا كل صباح بفجيعة فيتنزعون منا الامن والسلامة كيف يتثني لهم ان تردد افواهم عقب كل صلاة السلام علينا وعلي عباد الله في هذا البلد المسالم  ، نعم هو النفاق الذي نخر فينا… شهداءهم  قدموا ارواحهم زهيدة من اجل المشروع  ليس من اجل الوطن يصرخون لا داعي لذكرنا فقد خدعنا لا تتباكوا علينا  فقط اشتروا وطن للبقية
سامية عبد الحميد العتباني أمراءة في منتصف الثلاثين لها قوام رائع وحزن يفوق حزن هذه البلاد شاهدتها اول مرة بمكتب صديقي وقريبي المحامي مختار الامين بعمارة الحرية بالسوق العربي لها جمال قاتل وانوثة طاغية تتدثر تحت كم هائل من البؤس الذي ظل علامة استفهام واضحة في تلك العيون الجريحة ، حاولت التلصص علي هذا  الجسد  البض وفي كل مرة يرتد بصري خاسياً حسير لعله الحياء من هذا الحزن القديم .
سجال دائر ما بين المحامي وسامية والتي اعتقد انها تهم برفع قضية ما ، البلوزة البيضاء الفضفاضة  تخفي تفاصيل اكثر اثارة من هذا الوجه  الاسكيرت الاسود  يمتد بمساحة النيل الازرق في عنفوانة  قاطعة مسافة مابين الخصر  مقرن  الحياة واطراف القدم هناك ،  لم تكن  سامية انثي كانت ملاك الحزن الذي صفق باجنحتة علي وطن كئيب ، كيف لهذا الجسد ان يعيش هذا البؤس لعلها اللعنة التي اصابت تلك البلاد منذ زمن فاخذت في طريقها  كل ماهو بديع .
مازال النقاش بينها وبين مختار الامين الذي اخذ يستمع  اليها تارة ويسهب بالشرح تارة  اخري  ،   يصل الي  بعض اطراف حديثهم المحامي يحاول بقدر المستطاع ان يصل الي نقطة اتفاق مع موكلتة وفجاءة اخذت سامية منديل ورقي  تمسح به دموع القهر التي تزلت لؤلؤ علي زجاج خدها وعضت بالم  علي  العناب بالبرد يااا الله اكنت تقصدها يزيد بن معاوية  نعم انها هي اخذ صوت الكابلي والبلابل يخرج من اعماقي بتلك الروعة التي احسها بالنظر خلسة الي تلك العيون ، لم تتمالك الفتاة نفسها  فوقفت مثل حصان عربي اصيل
يا مثبت العقل والدين لا أحتمل مثل هذه الانثي فرسمت ابتسامة بلهاء  وحاولت ان انشغل بالجريدة التي امامي
نظر الي مختار الامين وابتسم بسخرية قائلاً
معليش يا مرتضي اخرتك
نظرت ناحيتة بل ناحيتها فالقلوب هي التي تري لم تكترث بوجودي صافحت المحامي وخرجت نسمة باردة عليها عطر انيق يرجعك الي ذكريات الماضي القديمة  ، تبع نظري طيفها الي ان وقف علي سلامتها هنالك في قلب الخرطوم التي لا تعرف الرحمة لانثي في جمالها ، بل الخرطوم لا تعرف الرحمة حتي لا بنائها ، انتبهت فجاءة علي صوت مختار الامين ساخراُ كالعادة……
يا دكتور مشيت وين خلاص البت  طلعت  مالك يا زول……؟ سارح  في شنووو …؟
ودون ان اخرج خيالها من نظري سألت مختار تائهاً فيها
دي منو يا مختار…..؟
تحرك مختار اتجاة اكواب الشاي وشرع في عمل كوب من الشاي الاخضر
دي سامية العتباني ما عرفتها …….؟
دائماً مختار هكذا يعيد اليك السؤال بسؤال …..اجبتة وقد بلغ بي الضيق حد تلاشي خيال الانثي التي كانت امامي الا ان رائحتها ظلت عالقة بداخلي
ابدا والله وما سمعت بالاسم دا و لا شفت جمال زي دا قبل كدة …
تحرك مختار الامين بجسدة الضخم وبطنة تعيق حركتة بين الكراسي المرصوصة علي مكتبة ، وضع كوب الشاي الاخضر علي المنضدة امامي وانهار هو علي الكرسي المقابل انتابني احساس بان  الكرسي  يأن  تحت جسدة .
واصل حديثة  بهدوءه المعهود  :-
يا سيدي سامية دي زوجة دكتور طارق عثمان الجعلي بتعرف الاسم دا

ارتفع حاجبي دهشة وانا اسمع الاسم …..
طارق الجعلي يالله  كيف ما بعرفوا كان الدفعة القدامنا في كلية  الاسنان بس دا موش اتوفي قبل فترة طويلة علي ما اعتقد…
رد مختار راسماً غموض مصطنع على ملامحة ….
ايوة اتوفي في ظروف غامضة ……….
دخلت في فضول عظيم يبدو ان في الامر ما يوحي  بشئ
نظرت ناحية مختار متسائلاً انت موش طارق دا كان ضابط جهاز امن .
ارتج جسد المحامي وهو يلوح بيدية عالياً ضابط جهاز بس… انت قلت عاصرتوا  في الجامعة دا كان  من اشد كوادر النظام باساً وبطشاً مشي الجنوب مرتين واتزوج من سامية   طبعا  هي من اسرة العتباني يا مرتضي  نظر مختار الي الاعلي كانة يسترجع معلومة غاية في الاهمية  انحني ناحيتي وقال بهمس :-
اعتقد انو الجعلي كان المسؤل الاول عن تحركات مصطفي حمزة ….. لا بل استطيع ان ااكد ليك برضو بان اولي خطوات تنظيم الجهاد الاسلامي المصري  واستضافتهم في السودان كانت تحت ادارة طارق عثمان هذا فهو مقرب جدا من علي عثمان ونافع علي نافع بل يعتبر الساعد الايمن لشيخ علي ….
استدرك مختار حديثة مرة اخري ومال نحايتي هذه المرة حتي اختفت كرشة و احسست بانفاسة الحار علي اذني سامية  قالت لي معلومات مهمة عن تورط نافذين في  محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك  ودور زوجها الجعلي في المهمة  …
تراجع مختار  الي الخلف وسند ظهرة  سمعت اصوات طقطقة الكرسي من تحتة اخذ كوب الشاي بيدة الضخمة وارتشف منه بتلذذ رشفه طويلة
سرحت لبرهه في ما قاله مختار محاولة اغتيال حسني مبارك  ماذا يقصد هذا اللعين فهو يدري مدي اهتمامي بتلك الاشياء ، لم تكن لدي معرفة بالسياسة اطلاقا منذ ايام الجامعة الاولي وما قبلها  فكل ما يشغلني الدوري الاسباني والنساء والعرقي كنت اتحاشي الكلام في السياسة او كل ما له صلة  بها ،  لذلك لم اكن اعلم بان طارق كادر اسلامي ام شيوعي ولكن بعد التخرج عرفت بالصدفة ان طارق تابع لجاهز الامن  بعد ان صادفتة  بمستشفي الخرطوم وانــا اقضي فترة الامتياز  وبعدها  اخذ يترد علي كثيراً ويتحدث معي بحذر فطنت يومها ان له غرض كبير وقد صدق حدسي فقد كان يطمع في تجنيدي فنوعيتي علي حسب زعمة مطلوبة في عمل الاستخبارات …. كيف هذا فانا صاحب كأس و زير نساء   وكنت اعتقد انهم اصحاب مشروع وفكرة تظاهرت بالغباء الي ان رحل عني  .
ظلت صورة سامية  في  ذاكرتي منحوتة ترفض الخروج  كيف لم اصادفها  ايام الجامعة ، مختار كان يدرك  عدم اهتمامي السياسي منذ امد  ويوبخني بسبب اهتماماتي الاخري والتي في عَرفة تعتبر انصرافية فنحن اصدقاء وفي نفس الوقت ابناء عمومة ، كثيرا ما استعنت به في خروجي من الحبس بعد مداهمات  الشرطة لبيوت العرقي او عندما يوقعني حظي العاثر في يد شرطة امن المجتمع وانا مع  فتاة ليل في سيارتي حتي اصبحت مشهور باسم الدكتور العربيد كانت عيادتي في شارع الموردة العيادة   الوحيدة للاسنان عبارة عن وكر وعلي كرسي الفحص امارس نزواتي المجنونة وباستمتاع تام ، وفي احد المرات داهمت العيادة  شرطة الاداب  وانا في نهاياتي مع مريضة في اقصي مراحل  الانتماء  الجسدي بعد أن  ذبنا روحا وعشقاً وانغرست اشيائي فيها ومع  هذه اللحظة تحديدا التي تعلو فيها معالم الحياة وتدخل في سكرة الخلود تلك اللحظة التي من اجلها خلق الجنس معبودا لكل البشر و تتساوي فيها كل الكائيانات من اجل الحقيقة  فتحت عيناي علي  صورة ضابط بدبورة واحدة يقف امامي مبتسما ً ،يــــا اللهي  صرخت  في هلع  ايعقل ان يكون هذا صحيحا … وكأن اشيائي مثل بالون تم ثقبة فجاءه  ومن الخوف و هول الموقف  اصبت بعقم مؤقت بل احسست بعدم وجودة من الاساس حتي اصبحت اتحسس بيدي مكانه هل مازال   ام  تواري خلف  حجاب الخوف ……. كيف دخل الضابط الي  العيادة ……..؟  خلف الضابط كانت تقف كتيبة كاملة مدججة بالسلاح  تركوا ثغور الوطن مفتوحة  وتفرغوا   لي  انا .
صرخ الضابط   بعد ان وقفت عاري تماما ابحث علي شئ   ارتديه
والله وقعت يا مرتضي العربيد  .
وكأن الاسلام قد رفُعت رايتة الان فقط وكل الموبقات التي حطت علي الامة سببها العبدلله هكذا خُيل الي  ، شاهدت صورة الرب غاضباً حاولت ان اشرح له اني مؤمن  وتلك نزوة   قمت عليها  ، اشاح بوجهه عني  ركعت امامه ضعيفاً اصرخ نفسي نفسي جهنم المشروع الجديد في وطني ، لم يحدثني الرب ولم ينظر الي ولكنة ابتسم الي بعد ان رأي استغفاري ومناجاتي ، لم يبتسم الضابط الزميم  و ابتسم الرب و رفرفت اجنحة الملائكة رحمة  داخل  عيادتي وانا ارتل ايات من  قراءن كريم فالله  رحيم والنظام في بلدي يتفشي فينا بالفضيحة ……
المسكينة التي علي كرسي الفحص اغمي عليها من الصدمة لم تكن فتاة ليل كانت احدي عشيقاتي المخدوعات بوسامتي ووضعي الاجتماعي ارتديت ملابسي امام الضابط والعساكر ايقظت الضحية  وسترتها ومن ثم حميتها بجسدي من تلك النظرات الغبية الشبقة بعض العساكر ارتفعت اشياءهم وهم يطيلون النظر بعبط اليها متخلفون كيف يتثني لهؤلا حماية الشريعة فهم انفسهم فاسقون .
تحرك الضابط وكانه وجد الشيطان نفسه رافعا راسه في شموخ فقد ضمن الجنة الان بضبطة  لدكتور  مرتضي في وضع مخل لتوجه البلد العام ، على جبهه الضابط  تربعت غرة الصلاة ساخرة من الرب والدين ، اخذ  يطيل النظر الي الفتاة ويبتسم  لي اعتقد انه يحسدني كثيرا بل اني علي يقين انه يحدث نفسة بها  قام باتصالات علي  تلفونة المحمول اعتقد انه يتحدث مع شخصية مهمة عرفت فيما بعد انها طارق الجعلي والذي اصبحت شغلة الشاغل بعد ان رفضت الانضمام الي التنظيم ، استدار الضابط الي بعد ان  اخرج الجنود  الي صالة العيادة وبداء التفاوض معي اختفت النبرة الدينية واختفت تلك النزعة البوليسية واصبح الاتفاق علي مبلغ مالي و الفتاة ….؟

تاااافهون  …. اصحاب المشروع …. حقير جدا هذا المافون  … رضخت بعد مجهود بان ادفع المبلغ ولكن الفتاة هيهات …. لن يحدث … وليكن ما يكون ولو اقتضي الامر  للفضيحة سوف اعالجها بالزواج منها . نعم عربيد ولكني رجل  هكذا قلتها للضابط المشدود ، شاهدت الملائكة تصفق لي بحرارة  وحماس  وصوت ياتــــي من اعلي  لا تخف انـــي معك اسمع واري ادخل يدك في جيبك تخرج بالنقود من غير سوء  و هذا مايريدون   انتهت الليلة اخيرا بعد دفع مبلغ مالي كبير لم تكن الفضيحة تهمني فقد كان اكثر ما يؤلمني الفتاة  كرهت ان تتدمر سمعتها بسببي .

بعد هذه الحادثة  تحديداً لم اعد اطيق الوطن  بالاخص بعد ان عرفت ان طارق الجعلي خلفها ،   ليس من المستبعد ان يلفق لي مكيدة اكبر من ممارسة الجنس فاخترت طائعاً الهروب من ارض الوطن  ، الحقيقة لم يكن لدي اساسا اى احساس انتماء له ، قررت الرحيل وعزمت علي الامر  وكانت ايرلندا   تتناسب تماما مع مزاجي المتقلب المنفلت ، الغريب انه وبعد خروجي من السودان اصبحت مهتم به كثيرا  لقد استفز  ظابط الامن  الشعبي طارق الجعلي مكان ما داخلي  و تحول اهتمامي نوعا ما الي ما يشغل الناس داخل وطني  برغم انني لم اكن سياسي يوما الا ان ما كان يحدث  في الوطن مثيرا للاهتمام  .

ونواصل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..