ثقافة وفنون

ناشر التراث القومي الفنان العالمي عاصم الطيب قرشي: استدرجوني للسياسة فتحصنت بمملكة الفن

في عرض تجربته بمنتدى الجريدة

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

 

موسيقار أدهش العالم. بعزفه لكل الآلات وباحث يهابه مقدمو البرامج إنه الموسيقار والباحث وناشر التراث القومي الفنان العالمي عاصم الطيب القرشي الحائز على عدد من الجوائز العالمية آخرها (جائزة فن التصفير بالفم) الذي بدأ عرض تجربته الموسيقية بمنتدي صحيفة (الجريدة) بمكنونة المديح السوداني (السُّراي السُّراي الجافوا النوم وعقدوا الرأي)، وتناول مشروعه لتوظيف الموسيقى والغناء للدفع بالمواطن للنظافة والتشجير ومكافحة التلوث والذي أطلق عليه (مبدعون للتنمية)، وعرض ما جمعه من أغنيات عبر أسفاره الكثيرة داخل ربوع البلاد من أقصاها إلى أقصاها كما شرح رؤيته للمشاكل بالبلاد وسبل تجاوزها أيضاً عبر وسيط الفنون.

وحول علاقته بالتصوف تطرق لزيارته لعدد من المشايخ من مختلف المشارب الصوفية على امتداد أرض البلاد وأخذه نصوصاً شعرية منهم ومعالجتها موسيقياً عاصم الذي أدهش الحضور من الصحفيين والضيوف بالمنتدى قدم نماذجه الغنائية بآلتي (الجيتار) و(الكمان) وتفاعل معه المتابعون رقصاً وطرباً لا سيما في مدائح (السُّراي) و(صلوا عليه النبي صلوا عليه)، ونماذج التراث الشعبي. في أغنية (رحل بيّ دقندرا) كآيقونة لغناء مسقط رأسه مدينة (الرصيرص) بالنيل الأزرق ونموذج (ولد الناس اللبسو الرمادي) من دارفور ورائعته الشهيرة (سوداني أسمراني) فإلى مجريات المنتدى..

أجواء روحية!

افتتح القرشي الحديث بتلاوة آيات من (سورة الرحمن)، ثم صلى على سيدنا محمد بقوله: (اللهم صلّ على سيدنا محمد عدد ما عندك من العدد صلاة تدوم من الأزل إلى الأبد)، ثم مضى: نريد أن نقدم هذه التجربة في أجواء روحية تأخذنا إلى عوالم منطوق مهم هو الدين وأرى أن لكل إنسان الحق في البحث والتأمل في دينه وكل ما خلق الله تعالى وليس هذا الحق متاح فقط للعلماء ومن نسميهم رجال الدين كما أنه لا ينحصر فقط في التشريعات والعبادات، بل الدين التعامل والحركة والحياة والإبداع وكل شيء وإذا تأملنا الآية (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) و(كن) هذه تحوي المكان والكينونة والتكوين والكيان وصولاً إلى الكون والمأمور بتعميره الإنسان وهذا الإنسان صوره الله على شكل (محمد) من الرأس (الميم الأولى) إلى مدة اليدين التي تظهر (الحاء) ثم منطقة الوسط (الميم الثانية)، فالأرجل (الدال) لأن الرسول هو الأصل ويمكن تأمل هذا والتفكر في الآية (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) والآية (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) الدكتور عبد الله الطيب قرأها برواية (من أنفسكم) بفتح الفاء والروحانية ندخل اليها عبر التصوف وهو كما أعرفه (الدين الشعبي)، والتصوف أو الصوفية هي (فن التدين) وعلاقتي بهذا العالم المملوء بالدهشة والجمال تتجذر من نشأتي في أسرتي أسرة الشيخ القرشي وجولاتي في ربوع البلاد شرقاً وغرباً أحمل (جيتاري) وأزور عدداً من المشايخ في هدأة الليل وكلما زرت شيخاً وجدت وجبة من الطعام قبل الحديث في أي شيء. عندما دخلت على الشيخ عبد الرحيم البرعي قلت: السلام عليكم رد عليّ بسرعة: سلامك وصل العشاء قدامك هذا الدين الشعبي أدهشني فاستغرقت في ثناياه جلست إلى مشايخ وسمعت منهم وتغنيت بأمداحهم ورددوها معي بـ(الجيتار(، تعاملت موسيقياً مع رائعة (السُّراي) كعمل متفرد ويحتوي على تصوير بالغ الدقة والجمال لمجتمع الصوفية وأحوالها ومشاهدها:

يا محبهم لا تكون بعيد من قربهم

واحدين عباد واحدين زهاد

واحدين صايمين تاركين الزاد

في كل فعالية أغني هذا العمل فعلاوة على مشاهدة الصوفية هو عمل قومي يعبر عن كل السودانيين، وتعاملت موسيقياً مع نصوص أخرى لحاج الماحي مثلاً (القبة اليلوح قنديلا)

توظيف الموسيقى!

ولما كانت تجربة القرشي الإنسانية وهو ملحن بارع، وعازف متمكن من استنطاق العديد من الآلات الموسيقية، عزف للكبار، وردي وأبو اللمين، وعثمان حسين، وإبراهيم عوض، وصلاح بن البادية ومصطفى سيد أحمد، شادي مطرب، يترنم بكلمات من بيئته كيفما اتفق، ليطرب سامعيه حتى الثمالة، زريابي حاذق لا تنفصل عن الأخرى الموسيقية فقد جاب ولا يزال البلاد للتبشير بفن مثمر وملازم للقضية كيف كانت وحول هذا قال: النظافة أولاً الشكاوي تزايدت من تراكم الأوساخ زرت عدداً من المدن والقرى وتحت عنوان مبدعون للتنمية قلت لنجعل الإبداع في خدمة التنمية ننظم حملات للنظافة إذا كل سوداني نظف المساحة أمام بيته أصبح السودان كله نظيفاً في قرية أم سنط. بولاية الجزيرة اقترحت جائزة لأنظف شارع تقدم أسبوعياً هذا جهد بسيط يشكل محفزاً كبيراً جداً للنظافة ثم في كوستي بولاية النيل الأببض حذرنا من مياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع وتأثيرها على زراعة الخضروات والفواكه دعوت لزراعة أشجار الفاكهة المانجو والجوافة وغيرها بدلاً من زراعة النيم ويمكن للمواطن أن يزرع كل ما يحتاجه من الخضروات لـ(الملاح والسلطة) داخل منزله وبذلك يوفر المال ويتجنب ما يتردد من وجود مواد ضارة في (الطماطم) وغيرها وحتى الفواكه التي نستوردها من الخارج يمكن بقليل من الجهد وتوظيف العلم أن نزرعها في البيوت.

السياسة والفن!

ورأي عاصم أن معطي الفن أقيم من السياسة لحل القضايا وتحقيق التمية وأضاف: السياسة استنفدت أغراضها ولم تنجح في إيجاد الحلول والتقاطعات وتبادل التهم بين الشعب والحكومة لم تتوقف وهناك كثيرون يدعون لـ(قلب) الحكومة وتغيير النظام وأنا وإن كنت فناناً ولست سياسياً. البعض حاول تلويني سياسياً أو استدراجي للسياسة فتحصنت بمملكة الفن. قلت لهم أنا زول فنان وكيفما يكون الهم الذي يحمله الإنسان تكون شخصيته. فمن حمل هم الفن أصبح فناناً، ومن حمل هم الأمة أصبح أمة لذلك أرى أن قلب الوعي الشعبي للتزود بالمعرفة والنشاط والحيوية والأمل أسهل وأكثر نفعاً من قلب الحكومة الشعب يعي إمكانياته يرتبط بالأرض التي متى ألقيت فيها أي نوع من الحبوب أعطتك الوفير من الظلال والثمار نريد أن نزيد الوعي بالأقاليم والولايات المركز هذا مكان مثقل بالأوجاع والتراكمات والتعقيد القري والبوادي والنجوع نستخرج كنوزها التجوال ملهم أول!

ابن شقيقة عاصم خف لحضور المنتدى بعد مطالعته الإعلان عبر (الفيس بوك) واعتبره فرصة ذهبية للاستماع إلى خاله الذي لا يلبث أن يستقر بمكان واحد وحول هذا قال عاصم: أتجول في بلدي وخارجها لأتأمل من بث الأمل أحمل عودي  وجيتاري وكماني اليوم في النيل الأزرق وغداً في بحر أبيض، ثم كردفان ودارفور هذا  قدري وأنا سعيد به. أما جولاتي في الخارج في (أوروبا) و(أستراليا) وغيرهما أو إقامتي في سيدني لأوقات وتقديم عروض غنائية هناك فهي لعرض السودان على الآخر والتعريف به وإزالة الفكرة الخاطئة التي قد يروج لها الإعلام بأننا بلد ناءٍ وفقير ومحترب ومحاصر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وموضوع اسمه ضمن قائمة الدول الراعية  للإرهاب عبر الوسيط الأسهل والأقرب وهو الموسيقى. فمن لم يستمع إلى موسيقاك ويفهمك عبرها فلن يفهمك أبداً وخلاصة ممارسة الفن هي قضايا الإنسانية والتبشير بالفن السوداني وعرضه للتعريف بالبلد يجب أن يقدم كفن شعبي أصيل كما هو لا أن تلقي آلة (الربابة) لتحمل الجيتار وتغير ما تلبسه بدعوى الحداثة فالحداثة والتفوق في تمسكك بالمضمون المحلي، ويردف عاصم: في قرية في قلب دارفور جلست إلى امرأة  وقلت لها أنا أريدك أن تغني لي ذات المشهد يتكرر مع مزارع في حقله مع بائعة شاي الفن من الناس وإليهم.

التغني بالكمنجة!

وفي سؤال حول تقديمه للعديد من الأعمال الغنائية بآلة الكمان منفردة رغم صعوبة ذلك قال القرشي: لا توجد آلة موسيقية أحن من آلة الكمان أو كما قال أستاذي الراحل المقيم الهرم محمد عثمان وردي وهي آلة جميلة ساحرة وسهلة الحمل للمبدع.. صحيح الأمر صعب وكنت سألت أستاذي في الكمان بمعهد الموسيقى والمسرح حول التعاطي مع هذه الآلة الموسيقية الساحرة والموغلة في التعبير عن ما يكنه المغني، بل والموغلة في العمق وتوصيل الرسالة والمتعة والمضمون للمتلقي وسألته عن أفضل الأوضاع للتعاطي مع آلة الكمان فقال لي يا عصام والأساتذة الأجانب بالمعهد كانوا ينادوني كذلك أفضل وضع للكمنجة هو أجمل وضع لك عندما تنظر للمرآة وأنت تحمل هذه الآلة وأنا أعمل بتلك المقولة منذ ذلك الزمان وهذا لا يلغي أو يقلل من فاعلية وقدرة الآلات الأخرى التي أتعاطى معها فلكل آلة صوتها وجاذبيتها وسحرها ورجع الصدى الخاص بها في توصيل رسالة المبدع في قرية أم سنط تغنيت مرة بالعود وأخرى بالجيتار، ثم الأورغ والآن أفكر في تقديم نماذج عبر آلة (البيانو).

 

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..