أعرف حقك واحمي نفسك

لم يعد التقصير في حماية حُقُوق المُستهلك مُشكلة تقع نتيجة لعدم اهتمام الحكومة بالخدمات وتحري معايير الجودة وتطبيق القوانين والمُراقبة والمُحاسبة فيما تُقدِّم من خدماتٍ، بل المُواطن نفسه يُساهم في استفحالها ويمنح الحكومة مساحة للاستمرار، فالمواطن المنكوب نفسه أصبح يستغل الأمر لتحقيق مَصالحه الشخصية على حساب الآخرين، فكلٌّ يغش ويُزوِّر ويتلاعب في كل شيء ويتغاضى عن قول الحق أو مقاومة الظلم بذريعة تجنب المشاكل رافعاً شعار (أبعد عن الشر وغنِّيلو)، وعليه بطريقة مُباشرة أو غير مُباشرة كل الشعب مُتورِّطٌ في انتهاك حُقُوقه الصحية والتّعليميّة والغذائيّة وغيرها إمّا نتيجةً للجهل أو السُّكوت عليها أو الإهمال أو الأنانية أو نتيجة لغياب الضمير والوازع الأخلاقي.. قبل أيامٍ وصلني إيميل من الجمعية السودانية لحماية المُستهلك بتوقيع من أمينها العَام ياسر ميرغني يقول، إنّ الجمعية السودانية لحماية المستهلك تبدأ حَملة تَوعية تَستهدف خلالها تثقيف مائة ألف مُستهلك خلال العام 2018 وذلك بمُناسبة اليوم العالمي لحُقوق ذوي الإعاقة، وحَملة استقطاب ألف خبير من مُختلف التّخصُّصات في كل فروع الجمعيّة السُّودانية لحماية المُستهلك في 18 ولاية، وكذلك تستهدف الحملة استقطاب الخُبراء السُّودانيين من كل دول العالم خُصُوصاً الناشطين في المُنظّمات العَالميّة، الحملة تحت شعار الجمعية الثابت ?حماية المستهلك مسؤولية الجميع وأعرف حقك احمى نفسك?.. جمعية حماية المستهلك أعتقد أنّها هي الجهة المدنية الوحيدة التي لها نشاطٌ فاعلٌ يُعنى بتبصير المُواطنين بحُقُوقهم من أجل تثبيت حُقُوقٍ كثيرةٍ أساسية جداً أصبحت مُنتهكة بشكلٍ روتيني، لأنّ أجهزة الدولة لا تعمل بما فيه الكفاية لوقف الفوضى وضرب المُتلاعبين بحُقُوق المُواطن التي تُهدِّد صحته البدنيّة والاجتماعيّة وغيرها بِيَدٍ من من حَديدٍ ولا تُهيئ المناخ العام لبناء قيم النزاهَة، فغياب الرقابة الرسمية والحساب والعقاب في ظل انتشار الفَقر والمَشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في التلاعب بمصلحة المُواطنين أياً كانت، وما تقوم به الجمعية أمرٌ مُهمٌ جداً، ولكن (الإيد الواحدة ما بتصفِّق) خاصّةً وأن الحكومة ذات نفسها عجزت عن حماية المستهلك وأصبحت تحتاج إلى تحرك كل المُواطنين، والجمعية نفسها اشتكت كثيراً جداً وعلى لسان ياسر ميرغني نفسه من الصُّعوبات التي تُواجه حماية المُستهلك، وطَالبت بالكثير من الإجراءات والقوانين التي تسهم في تطبيق الإجراءات اللازمة التي تُطوِّر العمل في هذا الشأن وتجعله ذا أثرٍ واضحٍ.

عُمُوماً المواطن هو أول المعنيين بمعرفه حُقُوقه من أجل حماية نفسه، فإذا عرف كل مُواطن أنّ له الحق في أن يَتَمَتّع بأفضل معايير الجودة في الصحة والتعليم والبيئة والغذاء والماء وغيرها وعلم أن القانون معه وتحلى بالشجاعة، فلا شك أنه سيُطالب بها وقتما حَدَثَ تقصيرٌ وحارب الانتهاكات، ولتعامل بضمير وأخلاق مع المصلحة العامة، ولما وصلت البلد لهذا الحال المُزري من تَردٍ في حُقُوق المُستهلك، وعليه فإنّ المُجتمع بحاجة إلى المَزيد من مُنظّمات المُجتمع المَدني التي تبصر المُواطنين بحُقُوقهم، فالجمعيّة وحدها لا يُمكنها أن تصل لأيِّ مُواطن في مكانه وتعرِّفه بحُقُوقه وكيف يحميها، مَطلوبٌ من أيِّ مُواطن أن يَتحرّك في إطاره، فإن عرف كل شخص حقه تلقائياً سيتحرّك الجميع في الاتجاه الصحيح.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..