الحركة الشعبية .. مرحلة ما بعد المؤتمر الاستثنائي؟

*بعد تسارع الإحداث واحتدام الصراع داخل الحركة الشعبية , انعقد المؤتمر الاستثنائي الأخير في كاودا بجنوب كردفــان في الفترة من{ 8ــ 12 أكتوبر 2017م } , والذي تم فيه إجازة المنفستو و دستور الحركة الشعبية لتحرير السودان و تضمين حق تقرير المصير ، و بناء هياكل جديدة للحركة الشعبية و بموجبه تم انتخاب القيادة الجديدة بقيادة الفريق/ عبدالعزيز آدم الحلو و نائبيه الفريق/ جقود مكوار و الفريق/ جوزيف تكا و الأمين العام للحركة الشعبية العميد عمار امون دلدوم
*يبدو ان المؤتمر حسم بشكل نهائي كل التكهنات و افرز واقعا جديدا , وجاء تكريسا لنفس التناقضات التي قادت الي الصراع ومن ثم الانشقاق , ويتجلي كل ذلك من خلال محاولة الحلو ومجموعته السيطرة علي كل المفاصل القيادية السياسية والعسكرية {الرئاسة والأمانة العامة } ورفع السقف بتضمين حق تقرير المصير بديلا لوحدة البلاد , وبالرغم من الحديث والقول بان تقرير المصير حق مكفول للشعوب وفقا لقوانين الأمم المتحدة ، الا انه يأتي من باب المزايدة , لان اتجاهات الأحداث داخليا وإقليميا ودوليا و المعطيات علي ارض الواقع في الجنوب الآن والشواهد تؤكد عدم موضوعية تبني الفكرة في هذه المرحلة بالتحديد مهما تجبر النظام .
بعد عزل مالك وعرمان وقبل المؤتمر الاستثنائي قلنا في مقال بعنوان { تداعيات صراعات قيادات الحركة } ان { المطلوب البحث عن قيادات جديدة سياسية وعسكرية متوافق عليها لسد الفراغ وإعادة صياغة برنامج جديد يتوافق مع متطلبات المرحلة ويستند ويرتكز علي وحدة الوطن وقضايا المواطنين في السلام والامن والاستقرار والمساواة والعدالة والحياة الحرة الكريمـــــــة , وليس من المصلحة العامة هذه السيولة والترهل وربما فقدان السيطرة للمقاتلين بمرور الزمن وبالتالي الفوضى التي ستدخل المنطقة في نفق مظلم ودوامة الموت {سمبلة } …. وأضفنا بان علي القيادات الجديدة المنتظرة الابتعاد عن النزعات العنصرية وعن استبداد و{ ميكيافلية } عــــــــقار وغطرسة و{ نرجسية } عرمان و{غلو وتطرف} الحلو ووصايتهم المطلقة …يجب الاستفادة من تجارب الاحتراب قبل نيفاشا وبعدها. وجعل التصحيح والتغيير واقعا وليس شعارا }.
*لكن يبدو ان الحركة بقيادتها الجديدة وقعت في نفس الأخطاء التي بررت بها التخلص من قيادتها القديمة , كالإقصاء والاستبداد , وزادت عليها بتبني حق تقرير المصير في التوقيت الخاطئ , فماذا كان يضير لو ان احد قيادات قطاع النيل الأزرق رشح لمنصب الأمين العام بعد ا ن آلت رئاسة وقيادة الحركة والجيش للحلو ولقيادات قطاع الفرقة التاسعة ؟؟ وهل كل ما يستحقونه رئاسة أعمال المؤتمر الاستثنائي فقط ؟ لقد أضحي حالهم كالمستجير من النار بالرمضاء , ونخشى تكرار سيناريوهات الاستغلال والاستغفال والاستفادة من حالة التماهي للعبور إلي الأجندات الاخري ؟
*الآن يبدو المشهد أكثر ضبابية ونظام المؤتمر الوطني المستفيد الوحيد من الحالة الراهنة , حالة التوهان , وما فشل في تحقيقه من أهداف وعجز في الوصول إليه بكافة الأساليب تحقق الآن ومجانا, وإمعانا في المزيد من التفتيت والإضعاف , تفيد تسريبات من مصادر مقربة من الدوائر العليا بان هناك اتصالات جرت مؤخرا خلف الكواليس مع عقار وخاصة بعد {هذيانه } و دعوته الأخيرة للقوي السياسية لخوض انتخابات 2020م , ودعوة عرمان للشعب للانتفاضة وإقراره {
{ بأن العمل المسلح والمفاوضات لم يقودا لإسقاط حكومة البشير،} حسب إفاداته الأخيرة لصفحة {حزب المؤتمر السوداني } الالكترونية وأكد أن الانتفاضة هي الأهم وأن المعركة من أجل الانتخابات في التصدي لتغيير الدستور وإعادة ترشيح البشير فرصة سانحة لقيام الانتفاضة الشعبية.
وناشد عرمان القوى السياسية المعارضة بتوظيف الانتخابات في قيام الانتفاضة والنضال في معركة واسعة لاستعادة الحريات ووقف الحرب وحل قضية دارفور.
مؤكدا بأنهم لن يدخلوا في تسوية مع الحكومة ولا يعملون من أجل إيجاد شرعية لها.
وشدد على أنهم لن يطالبوا مرة أخرى بقسمة السلطة والثروة ولكن بإصلاحات هيكلية لمصلحة الفقراء والمهمشين }
* ويبدو ان الثنائي { عقار وعرمان } وبعد ان دمرا الحركة الشعبية ومزقا ميثاق الفجر الجديد وفقدا البوصلة اكتشافا أخيرا بعدم جدوي السلاح والمفاوضات الثنائية والمحصصات وقسمة السلطة والثروة , وان كل محاولات التسوية قادت الي شرعنة النظام , ولكنهم يسعون لمصلحة الفقراء والمهمشين ؟ ويا لها من عبقرية . أين كانت هذه المصلحة وانتم تحرمون رفاقكم من أبناء النيل الأزرق من فرص التأهيل الأكاديمي والعسكري في الجامعات الغربية أسوة برصفائم من أبناء الجنوب وج كردفان ؟ افيدونا كم بلغ عدد ابناء النيل الازرق الذين تخرجوا من كليات الطب والطيران والصيدلة والقانون ….الخ من العام 1987م الي 2005م ومن 2011 الي 2017 م ؟؟ فالي ماذا يؤدي دعوتكم الخجولة لولوج عالم الانتخابات ؟ وهل الانتخابات ترشيح وقوائم ام قوانين وإجراءات ولوائح وحركة دائبة وفعاليات وندوات …..الخ؟؟ لكنّ السؤال المحير، كيف تخوض الحركة الشعبية انتخابات وهي محظورة بالقانون ؟؟
لقد سبق ان أكدنا مرارا وتكرارا { أن البندقية ومن يحملها لا يقدمون حلا لهذه القضايا بقدر ما يضيفون إليها من تعقيدات أكثرها خطورة : تدويل قضية السودان .. المضي في تفتيته علي سابقة نيفاشا ..بالإضافة إلي ما يعنيه مشروع الحل عبر فوهة البندقية من سيادة قانون الغابة وإلغاء للعقل و ديمقراطية الحل . وذاك هو الحل المستحيل }
ولكم يبدو ان دعوتهما تدخل في سياق المحاولات المستميتة للبقاء في دائرة الأضواء , و النظام ولضمان بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنه لا يتواني في تقديم التنازلات والمساومة بتراب هذا الوطن ,
وعلي خلفية المعطيات الراهنة وتهافت كل الأطراف فان المحاولات الجارية الان لإعادة مالك عقار الي حظيرة الوطن عبر بوابة القصر الجمهوري وليس ولاية النيل الأزرق من السيناريوهات الأكثر رواجا , ومالك في ظل معاناته وعزلته أكثر استعدادا للاستجابة للنظام , ولكن اي مشروع للخروج من الأزمة هنا او هناك لا مكان له في ظل الاستبداد وغياب الحريات واحتكار النظر فيه بيد من ساهما في خلق الازمة او تفاقمها , ونؤكد ان كل من جنوب كردفان والنيل الازرق يعتبرا جزء لا يتجزأ من خارطة السودان (الشمالي الراهن) ? وبالتالي فأن اي محاولة لتجاوز هذه الحقيقة إنما تنذر بتكرار مشروعات التفتيت التي عبرت من بوابة حق تقرير المصير وما يستتبعها من تداعيات , و أزمة كل من جنوب كردفان والنيل الازرق هي جزء لا يتجزأ من أزمة المركز الحاكم (الازمة الوطنية الشاملة) و بالتالي فأنها مرتبطة بالحل الشامل , وإن أي مسعى وطني جاد وصادق للوصول للسلام حسبما أكد البيان السياسي للمؤتمر القطري السادس لحزب البعث العربي الاشتراكي لابد أن ينطلق من الآتي:
{{ 1/. التأكيد على الثوابت الوطنية في الوحدة والسيادة والإرادة الوطنية واستقلال القرار السياسي، فقضية السلام في أي بقعة من السودان، هي جزء لا يتجزأ من قضية السودان ككل، وحل تلك القضية يستلزم تناولها بإرادة وطنية مستقلة، لا سيما بعد الإفرازات التي خلفها غياب المشاركة الشعبية وتبني العنف لحل قضايا التطور الوطني والتدخل الدولي خلال و بعد إتفاقية نيفاشا.
2/ . إن قضية السلام الشامل والعادل، ليس قضية المجموعة الحاكمة، بل هو قضية كل الشعب السوداني، ويجب أن تسهم كافة قطاعات الشعب السوداني في التفاوض المباشر، وتحدد آليات وشروط التفاوض، وذلك يشمل القوى السياسية الحزبية، و القيادات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، والنازحين وقطاعات الشباب والمرأة في مناطق النزاع، للوصول لحل دائم لكافة قضايا النزاع، دونما تجزئة للنزاع أو إقصاء للأطراف الفاعلة..
3/ . إن عملية بناء السلام الشامل، لابد أن تسبقها تدابير عاجلة تستهدف صيانة التعايش السلمي وحقوق الإنسان بين كافة المجموعات السكانية، وتحقيق العدالة في مواجهة الجرائم التي أرتكبت بصورة نظامية وممنهجة، وإنصاف المتضررين من النزاعات المسلحة الجارية .}}
والحركة الشعبية بنسختيها القديمة والحديثة سيان مازالت في دورانها في الحلقة المفرغة ومزايداتها السياسية فتارة يطالبون بحق تقرير المصير وتارة بالانتخابات الحرة وأخري بالانتفاضة المحمية ما هذا المصير المجهول والتوهان ؟؟
والله الموفق والمستعان
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..