كشف المستور فى موضوع الدولار والقرار (2)

قبل ان أواصل سرد بقية لقاء الصحفى اليهودى بالمسئول الامريكى ، احب ان اعلق على التعليقات الجميلة التى اشكر اصحابها ، وأقول انها جاءت كما توقعت , التعليق الاول يصدق ماجاء فى الحوار على انه يشبه الحالة الشيعية تجاه السنة ، والثانى ايضا يصدق الحوار على انه يشبه السياسة الامريكيه ، على الرغم من تشككه فى المصدر . أما من ناحيتى فاننى أوافق على التعليقين ربما من منظور يختلف قليلا ، وذلك للاسباب التالية :
أولا : أنا لا أستغرب ان يكون هذا أحد اتجاهات السياسة الامريكية ، ذلك ان هدف تدمير العالم العربى أو على الاقل اشغاله بمشاكل داخلية ومحلية تجعله غير قادر على مجابهة الاهداف الاستعمارية الكبرى وبالتالى ساع الى الحماية ومسلم قياده الى الحامى ، كان ولا يزال حاضرا كحجر الزاوية فى السياسة الامريكية الخارجية مع تبدل الادارات . وهذا ، كما هو بين لكل ذى عينين ليس هدفا مخفيا وانما صرح به كسياسة وفعل على الارض لانجازه . الامثلة على ذلك لاتحصى منها على سبيل المثال اشعال الحرب بين العراق وايران ومن ثم دفع العراق لغزو الكويت ليكون سببا فى غزو العراق نفسه بمساعدة أغلب الدول العربية الكبرى ، ثم الفوضى الخلاقة التى لم تبقى ولم تذر ، ثم تاسيس القاعدة ومن بعدها داعش ومن ثم المشاركة فى دحرها وتدمير البنية التحتية وقتل وتشريد الملايين من بشر المنطقة ..الخ
ثانيا : التحالف مع ايران واضح جدا فى اسلوبين تواجه بهما امريكا الصراع فى المنطقة الذى تكون ايران طرفا فيه :
? ليس هناك موقف عملى من التدخل الايرانى فى سوريا والعراق من طرف الولايات المتحدة غير بعض عبارات الشجب واحيانا ترك الامر برمته لتعليقات منظمات حقوق الانسان التى غالبا ماتركز على فظائع الحرب على المدنيين وغالبا ماتلقى باللوم على الاطراف الشرعية او تضع اللوم على الطرفين وعل قدم المساواة .
? فى اليمن ، ومن غير اعتبار لصحة أو خطا قرار المملكة العربية القائدة للتحالف العربى فى الحرب هناك ، فأنه على الرغم من ان الحوثيين قد وصلوا للسلطة بانقلاب على حكومة شرعية ، وعلى الرغم من وضوح العلاقة بينهم وايران ، خصوصا بعد الصواريخ التى اطلقت مؤخرا على المملكة ، فان موقف الولايات المتحدة والغرب بشكل عام يكشف حقيقتين : الاولى ان امريكا والغرب بشكل عام يتقاضىون عن فظائع ماقام ويقوم به الحوثيون ولكنهم فى نفس الوقت يلقون اللوم على الجانب الاخر وكأنه المسئول الوحيد عن فظائع الحرب من كوليرا وموت اطفال وتدمير للبلاد. وعلى الرغم من انه قد اتضح استغلال الحوثيين للموانئ والمداخل اليمنية الاخرى فى تهريب السلاح الايرانى ، الا ان الضغط يتكثف على التحالف لفتح المنافذ ..الخ بما يدل على تأييد ولوكان خفيا وخجولا لممثلى ايران .الحقيقة الثانية هى ان الولايات المتحدة ترغب فى استمرار الصراع وذلك لاضعاف الطرف العربى وبخاصة المملكة العربية تحقيقا لاهداف آنية ? بيع السلاح وتقوية الميل لطلب الحماية ? والقرب من تحقيق الهدف الكبير الذى اشار اليه المسئول الامريكى فى الحوار ، الاوهو اسقاط الحكم فى المملكة ومن ثم تقسيمها !
? دليل آخر على الحلف الامريكى الايرانى غير المعلن ، وهو السهولة النسبية فى الاتفاق مع ايران والسرعة التى فك فيها اسر مليارات الدولارات من الاموال الايرانية ومن ثم التعاون الذى فتح على كل مصاريعه، ان صح التعبير ، فى كل المجالات ومع كل الدول الغربية .
وبرغم اتفاقى مع صاحبة التعليق الاول عن العلاقة بين الشيعة والسنة فى جوانب عقدية دينية ،الا اننى اميل الى الاعتقاد بأن مايقوم به النظام الايرانى يمثل شكلا من اشكال الاسلام السياسى الذى لاتختلف افعاله شيعيا كان او سنيا : المبادئ التى تعلن قبل اعتلاء السلطة لاعلاقة لها بما بعدها : أسال الشعب السودانى الذى عاش هذه المحنة أكثر من ربع قرن والشعب المصرى خلال سنة واحدة .وقد وضحت طموحات النظام الايرانى التى تخطت المنطقة العربية الى افريقيا وآسيا .
وفى نهاية الامر يجب الاننسى امرين اساسيين :
– الطبيعة الامبريالية للنظام الراسمالى الامريكى الذى وصل مرحلة الشراسة وهوويصارع ازماته المتفاقمة وصراعه للبقاء أحد اقطاب العالم بعد ان فقد مكانة القطب الاوحد التى لم تدم طويلا بعد سقوط القطب الثانى : الاتحاد السوفيتى .
– ماهو معروف عن السياسة الامريكية التى تضعها عقول كبيرة ولآماد طويلة ، وهى لهذا تظل السياسة المتبعة من غير اعتبار لتغير الادارات , لذلك فا ن موضوع الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، التى لاتمثل الا تفصيلا صغيرا لسياسة الولايات المتحدة فى المنطقة ، هو سياسة مقررة وكانت موضوعة امام عدد من الرؤساء السابقين ، الذيم منعتهم حكمتهم من محاولة تنفيذها ، الى ان جاءت ادارة ترامب المتصفة بالصلف والغرور وعدم الخبرة السياسية . وكانت النتيجة هى ادخال الولايات المتحدة فى عنق الزجاجة هذا وهى فى اضعف حالاتها . فهل تكون الفرصة قد حانت للقضاء على الديناصور ؟!
ننتقل بعد هذا لسرد بقية الحوار الصحفى مع المسئول الامريكى . فى هذا الجزء يكشف المسئول عن حقيقة العلاقة مع الدول العربية :
(الصحفى : ننتقل الى الملف العربى ، لماذا نرى امريكا تتقارب مع الدول العربية والخليجية بالذات المعاديى لاسرائيل ؟
المسئول : علاقتنا مع العرب عامة ودول الخليج خاصة ، علاقات مصالح اقتصادية وتجارية فقط ودول الخليج بالنسبة لنا محطات بنزين لا اكثر ولا اقل . نحتاج اليها لكونها اكبر مصدر للنفط فى العالم الذى هو مصدر الطاقة وعليه يقوم الاقتصاد العالمى !
ص : ولكن الواقع عكس ماتقول ، فنحن نرى ان العلاقات الامريكية الخليجية قد تعدت المصالح الاقتصادية والتجارية واصبحت امريكا تقيم تحالفات مع هذه الدول وتتعهد بحماية امنها وتدعم مشاريعها السياسية عبر مجلس الامن والامم المتحدة فكيف ذلك ؟
م : قد نضطر لذلك احيانا ارضاء للاصدقاء العرب وحرصا منا على حماية المصالح الامريكية والغربية عموما فى الشرق الاوسط ، ولكننى أؤكد لك ان أى قرار يصدر من مجلس الامن والامم المتحدة يدعم أى مشروع عربى أو أسلامى نوافق عليه نكون قد أجرينا اتفاق مسبق مع أحد الدول الكبرى مثل روسيا والصين على اعتراضه ونقضه ، واما ان نوافق عليه بالاجماع ويبقى فقط مجرد حبر على ورق غير قابل للتنفيذ كما هو حال الكثير من القرارات المتعلقة بقضايا الشرق الاوسط والصراع العربى الاسرائيلى !
ص : بخصوص الحروب الطائفية المشتعلة الآن فى بعض البلدان العربية يبدو الموقف الامريكى غير واضح ، لماذا ؟!
م : موقفنا واضح ، نحن ندعم الشيعة فى حربهم على العرب السنة فى كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن !
ص : ولكن الموقف الرسمى الامريكى يدعم العرب السنة !!!
م : نعم ، هذا فى الظاهر سياسيا ولكننا على الواقع عسكريا ندعم الشيعة ! مع اننا لانريد ان تحسم هذه الحروب سريعا لصالحهم وتنتهى المعارك ويتوقف الصراع ، فنحن نريد ان تستمر الحروب طويلة الامد حتى تكلف العرب والمسلمين الكثير من الخسائر البشرية والمادية ، وفى نفس الوقت نستفيد منها مليارات الدولارات من تجارة السلاح أولا وابتزاز دول المنطقة الغنية بالنفط مقابل حماية امنها القومى ثانيا ومن خلال تلقى الدعم والمعونات من الدول الداعمة عبر المنظمات الاغاثية التابعة لنا ثالثا ، وغير ذلك مكاسب كثيرة جدا !
ص : وماذا بعد هذه الحروب ؟ وماهو الهدف الذى تريدون الوصول اليه ؟
م : نحن نقوم الآن بعمليات قص الاجنحة وهدم الحصون حتى نصل الى القلب وهو هدفنا الاول !
ص : أى قلب تعنى ؟!
م : قلب المسلمين النابض وقبلتهم المقدسة . المملكة العربية السعودية هى هدفنا الاول من كل هذه الحروب !
ص : وماذا تعنى بقص الاجنحة وهدم الحصون ؟
م : الاحزاب والتيارات الاسلامية السنية هى اجنحة المملكة السعودية والتى نعمل على قصقصتها والدول العربية السنية هى الحصون التى نقوم بهدمها !
ص : وهل نجحتم فى هذه العمليات ؟
م : نعم استطعنا ان نجعل الدول العربية وفى مقدمتها السعودية ودول الخليج تشاركنا فى محاربة التيارات الاسلامية السنية بذريعة محاربة الارهاب وقمنا بتجميد ارصدتها وحظر مؤسساتها وجمعياتها وايقاف نشاطها ومحاربتها سيا سيا واقتصاديا وعسكريا، فى الوقت الذى نقوم فيه بدعم التيار الشيعى سياسيا واقتصاديا وعسكريا , وفتحنا المجال للمؤسسات والجمعيات الشيعية فى كل انحاء العالم لزيادة نشاطها ، وقمنا بدعم ورعاية وحماية الاقليات الشيعية المعارضة للانظمة العربية السنية . ومن خلال ذلك كله استطعنا ان نجعل الدول العربية تحارب نفسها بنفسها وتخرب ديارها بايديها ! حيث اصبحت الآن فى حرب ومواجهة مع محورين وتيارين متضادين وكان بامكانها الاستفادة من التيار السنى فى الدفاع عنها ومواجهة خطر التمدد الشيعى الفارسى على اراضيها !
ص : اذا كان الواقع كما تقول ، فلماذا لا تخوضون حربا مباشرة مع الشيعة على الدول العربية السنية ؟
م : قلت لك ان السعودية ودول الخليج تمثل أكبر مصدر للطاقة فى العالم . والسعودية هى ايضا قبلة المسلمين المقدسة التى لايمكن ان يسمحوا باى اعتداء عليها ، وفى حالة تعرضها لأى عدوان خارجى ستعمل على ايقاف النفط وسيثور لها المسلمون فى كل انحاء العالم وعندها ستكون هناك حرب عالمية كبرى سينهار بسببها الاقتصاد العالمى ونكون نحن الخاسر الاول فيها .
ص : وكيف ستصلون اليها اذن ؟
م : نسعى جاهدين مع حلفائنا الشيعة لاسقاط المملكة العربية السعودية وتقسيمها بعد اسقاط نظام الحكم فيها ! فنعمل الآن على خلق احتقان طائفى واقامة ثورة شعبية شيعية داخل المملكة ، تدعو الى اسقاط نظام الحكم وتقسيم المملكة وانفصال الشيعة فى المنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية فى المملكة حتى تسيطر الاقليات الشيعية على المناطق الغنية بالنفط !
ص : ومتى تتوقعون حدوث هذا ؟
م : لا أحد يستطيع التكهن والتنبؤ بحصول هذا فى وقت معين ، فالزمن ملئ بالمفاجآت، ولكن نحن نسير على خطط ثابتة وقد رسمناها ووضعناها منذ عقود ونجحنا فى الكثير منها واعتقد اننا حتى الآن حققنا 80% منها ولم يتبقى الا القليل !!
ص : سعادة الوزير شكرا لك .
م : شكرا ، شكرا .)
وهكذا ينتهى هذا اللقاء . ومن غير اعتبار لكونه حقيقى او مصنوع ، فانه من ناحية يعبر عن كثير مما يجرى امام اعيننا ، ومن ناحية أخرى فأنه يستفز عقولنا الكسلانة للتفكير خارج الصندوق ولو قليلا . ساحاول فى مقال قادم ان اتلمس امكانية وضع خارطة طريق لما يمكن ان يكون بداية لوضع ارجل العالم العربى فى بداية الطريق الصحيح لجعل معركة القدس ، ليس فقط لحل القضية الفلسطينية ، انما جعلها مركزا للانطلاق الى معركة مشتركة نحو النمو والتقدم والمساهمة فى انهاء السيطرة الاحادية للديناصور الامبريالى الامريكى . وأظن ان الاسلحة للمعركة متوفرة لو بدأنا بأصلاح داخلى يجعل للشعوب صوتها المسموع .