ومن الزي الفاضح

أخيراً أسدلت المحكمة الستار على قضية الصحافية “ويني عمر” بتبرئتها من تهمة الزي الفاضح والتي تم القبض عليها في العاشر من ديسمبر الماضي بتلك التهمة… بعد متابعتنا لتلك القضية التي تحوّلت إلى قضية رأي عام، عقب تداولها بوسائط الإعلام الحديثة عبر أثيرها الممتد، بات جلياً أن المادة “152” من القانون الجنائي تحتاج إلى تعديل أو تفسير قانوني واضح بحيث يبدو معناها واضحاً في أذهان رجال شرطة النظام العام، ووكلاء النيابات أولاً، وحتى لا تستخدم لتصفية الحسابات والابتزاز والأهواء والأمزجة الشخصية على نحو يسيء إلى الدولة بكاملها والمجتمع بأسره، وتصبح مادة للسخرية في الإعلام العالمي بما يُكلف الدولة الكثير لتحسين صورة السودان المشوّهة (بالمناسبة وزير الإعلام قبل فترة طرح مبادة لتحسين صورة السودان عن طريق دعوة النجوم والمشاهير في أوربا وأمريكا لزيارة السودان لعكس الوجه الحقيقي… يا ربي بقصد الوجه دا ولا غيرو..)، أعود وأقول لا بد من تحديد ما هو الزي الفاضح، حتى نطمئن على بناتنا بحيث لا يتعقّبهن ويترصّدهن أحد ؟!…

حيثيات حكم البراءة الذي حصلت عليه الصحافية “ويني عمر” يجعلك بالضرورة تضيف تعويذة جديدة وأنت تحصن بناتك في الصباح قبل خروجهن من الدار إلى حيث يُردن، فإذا كنت تدعو لهن: اللهم إني استودعتك بناتي، وأعيذهن بك من شر الشياطين والسلاطين وجهد البلاء وشماتة الأعداء، فيلزمك بعد حيثيات الحكم أن تضيف عبارة: وأعيذهن بك يا ربي من “تهمة الزي الفاضح”… أقول ذلك وفي ذهني حديث القاضي الذي حكم القضية وهو يؤكد أن المتهمة لم تكن ترتدي زياً فاضحاً بل هو زي عادي وذلك بقوله وهو يتلو حيثيات حكم البراءة: (بعد الاطلاع على ملابس المتهمة وُجد أن ملابسها عادية ومتوفرة في الأسواق بل إن المتوفر الآن في الأسواق يعد أكثر خلاعة من زي المتهمة، وأن زيها ليس فاضحاً في هذا البلد…!!!)…

حالة الفوضى التي أراها “تعربد” حالياً وقد أخذت بتلابيب كل شيء، هي الآن تجعل المستورد الذي يستجلب “قلة الأدب” نفسها و”المسخرة” التي هي أكثر إيلاماً ووقعاً من الزي الفاضح، تجعله في مأمن من المساءلة والرقابة..

وذات الفوضى التي تجعل أصحاب المصانع التي تنتج الزي الفاضح الحقيقي في مأمن من المساءلة والرقابة، هي نفسها التي تثير الشبهات حول بنات الأسر المحترمات، وتجعل المادة “152” من القانون الجنائي سيفاً مسلطاً على رقاب بنات الناس، والتشهير بأهلهن… فلماذا لا تكون هناك رقابة مشددة على الأزياء المستوردة، أو تفتيش الأسواق ومصادرة الأزياء الفاضحة (بعد الإتفاق على ماهيتها)، بدلاً عن ملاحقة بنات الناس بمعايير مختلة وحالات تربص وتعقب “تكسر” الأب والأخ، والأم والعشيرة في مجتمع ينام ويصحو على حب التشهير والغيبة والنميمة والقيل والقال وتداول الشائعات بعد إضافة التوابل والشمارات التي حولت مجتمع (فتبينوا) إلى مجتمع يتلقف أخبار الفضائح والتشهير عبر وسائط الإعلام الحديثة من فيس بوك وواتساب، وتويتر..الخ….. اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة

تعليق واحد

  1. كل ذلك لا ينفي ضرورة ضبط المظهر العام.. كما يجب إضافة مادة جديدة بالإغتصاب النفسي والبصري الذي يمارسنه الفتيات بحق الشباب.

  2. ( اقتباس ).. بات جلياً أن المادة “152” من القانون الجنائي تحتاج إلى تعديل أو تفسير قانوني واضح .
    ليست هذه المادة فقط يجب أن تعدل او تلغى بل يجب ان يلقى كل قانون النظام العام هو ومن وضعوه لأذلال هذا الشعب فى اوسخ واقذر كوشة فى التاريخ .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..