قضية البدون .. محنة الهوية والكرامة

ومضى قطار اتفافية نيفاشا متجاوزاً الكثير من المحطات لسبب أو لآخر حتى بلغ آخر محطاته بانشطار السودان إلى دولتين، مخلفاً وراءه عديد قضايا عالقة بفعل المشاكسات والمكايدات التي اتسم به طابع التعاطي مع بنودها بين الشريكين الأكبر المؤتمر الوطني والشريك الأصغر الحركة الشعبية، وما إن أسدل الستار على فترة الشراكة التي انتهت بانقسام البلدين، حتى بدأت رحلة معانأة مجموعة كبيرة ممن يحسبون للشعب السوداني بحكم الدستور، ولكنهم وجدوا أنفسهم “بدون” بين عشية وضحاها بلا هوية وبلا عمل، وأضحوا في مواجهة سؤال الكرامة والانتماء، طرقوا كل الأبواب جيئة وذهاباً لنحو ست سنين خلت منذ أن رفرف علم الاستقلال في سماوات جوبا إيذاناً بميلاد دولة جديدة.
حفيد “عبد الفضيل الماظ” بلا هوية
وتجسد حالة وقصة عادل برعي، وهو حفيد البطل السوداني عبد الفضيل الماظ، واحدة من مئات النماذج التي تم إسقاط الجنسية السودانية عنها عقب انفصال جنوب السودان دون مراعاة أو استنثاء لأي تفاصيل.
وروى عادل برعي، حوالي (50) عاماً، تفاصيل محنته لـ(الأخبار) قائلاً : “تأثرنا كثيراً لانقسام البلد لجهة أننا نحمل جينات، أواصر وأرحام من الشمال والجنوب، ولكن لم يكن باليد حيلة، فإرادة الشعوب لا تقهر، ومضت الحياة على نحو طبيعي إلى أن شارف ابني امتحانات الشهادة السودانية في العام 2013م، حيث قصدنا مراكز السجل المدني لاستخراج جنسية لابني لاستكمال مطلوبات إجراءات الجلوس للامتحان وبعد البحث والفحص أخبرنا الضباط المعني بالصدمة الداوية، مؤكداً لنا استحالة المضي في إجراءات استخراج الجنسية لأن جذوري وفقاً لما قيد في سجلات السجل المدني تنحدر من قبيلة الدينكا”.
ومضى برعي في حديثه قائلاً: جدتي لأبي شمالية ووالدتي تنتمي لقبيلة الشكرية وزوجتي أيضاً شمالية، نعم أنا حفيد عبد الفضيل الماظ، وأعمامي وأجدادي كانوا ضمن الحركة الوطنية السودانية (اللواء الأبيض) التي ناهضت الاستعمار في هذه البلاد، وبالرغم من أن جذوري جنوبية كنت اتوقع أن لا يقف ذلك عقبة في طريق حصولي وأبنائي على الهوية السودانية”.
وتابع “أعلم أن الجنسية السودانية وفقاً للقانون تمنح للأبناء من أم سودانية ولكن لا اعرف شيئا عن الجنوب ولدنا وتربينا هنا، نحن أُسر عريقة قطنت أم درمان لسنين بعيدة، ولم نرَ الجنوب يوماً ولا نعرف شيئا عن تفاصيله، ومنذ أن وعينا على هذه الدنيا ونحن نقيم بأم درمان”.
رحلة البحث عن الانتماء والهوية المسلوبة
غادر عادل برعي مباني السجل المدني مع ابنه لتبدأ فصول المعانأة في رحلة البحث عن الهوية، لم يتسنَ لابنه الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية، ليس ذلك فحسب فلدى عادل أربعة أبناء حرموا أيضاً من الدراسة والامتحانات، ويصف عادل حالة أبنائه النفسية بالسيئة والمتأزمة للغاية لاسيما وهم يرون أندادهم على وشك إنهاء دراستهم الجامعية بينما هم يلازمون قعر بيتهم.
ويمضي عادل برعي في رواية مأساته ويقول “كما لدى طفلين في عمر الروضة لم نستطع بطبيعة الحال استخراج شهادة ميلاد لهم، وواحد منهم على أعتاب إكمال مرحلة الروضة ولكنه بلا شهادة ميلاد ولا ندري كيف ستخرج في الروضة وأي مستقبل ينتظره مع هذه المعطيات الغامضة”.
قنصلية جوبا .. نفس الملامح والشبه
وذكر حفيد عبد الفضيل الماظ، أنه طرق باب قنصلية سفارة جمهورية جنوب السودان بالخرطوم لمساعدته في محنته، لكنه تفاجأ بعدم معرفته بإجابات الأسئلة التي طرحت عليه كشرط استحقاق نيله الهوية الجنوب سودانية، وأضاف “عند سؤالنا عن المنطقة والأصل والجذور هناك لم استطع الإجابة سوى أنني من “رمبيك” ولا أعلم شيئا عن تفاصيل ومعالم المنطقة، فاعتذروا لنا وأخبرونا بأننا لسنا جنوبيين ولا نستحق الجنسية الجنوب سودانية”.
ولم يكتف برعي بذلك فلا بد أن يجد حلاً لمحنته ولكن هيهات، يضيف قائلاً “كان لا بد من إيجاد حل فذهبنا إلى الأمم المتحدة فخيروني بين إعادة توطين في وطن بديل أو السعي للحصول على حقي الدستوري فاخترت الأخير وجلست إلى المحامية ووصلنا ساحات القضاء وما بين المماطلة والأعذار الواهية تسربت أربع سنوات من عمرنا سدى ولم نحصل على شيء، وأخيراً قررت المحكمة العليا استدعاء وزير الداخلية الذي تخلف عن إجابة دعوتين لحضور المحكمة “.
بيان للناس من مسجد القصر
كل الطرق توصد لكن عادل برعي، لا ييأس، ويقول “توجهت هذه المرة إلى مسجد القصر الجمهوري، وبعد الفراغ من صلاة الظهر استوقفت المصلين الذين ظن بعضهم أنني طالب إحسان، بيد أني أوضحت لهم وقلت إنني أعاني من مشكلة حقيقية، ففي الوقت الذي تمنح فيه الجنسية السودانية للسوريين والمصريين يتم حرماني وأبنائي ونحن الأولى لجهة أني ابن أختهم، واسم والدي رمضان شعبان مدرجاً في قائمة الشرف في سلاح المهندسين وأطلعت المصلين على كل الحكاية وأخبرتهم بتخلف السيد وزير الداخلية مرتين عن دعوة المحكمة، فتفاعل المصلون وكان ضمنهم رتب عسكرية عالية ومسؤولين في البلد ومستشار الحكم والمظالم فسألني عندك خطاب من المحكمة؟ أجبت بالإيجاب فوعدني بإرسال قضيتي للوزير، حيث وعدوني بايصال قضيتي إلى وزير الداخلية وبالفعل حدث ذلك، وفي الجلسة التالية للمحكمة قدمت وزارة الداخلية طلب مراجعة وسمحت المحكمة لهم بذلك وطلبوا من المحكمة فترة ثلاثة أشهر للمراجعة ولكن القاضي رفض وحددت الجلسة وحدد يوم 26 من ديسمبر الجاري موعداً أخيراً في المحكمة العليا للفصل بيني وبين وزارة الداخلية.
وكان قرار المحكمة العليا قضى بأحقيتي في نيل الجنسية السودانية، ولكن حتى الآن لم يتم تنفيذ قرار المحكمة العليا الذي قضى بإلزام وزير الداخلية منحي الجنسية بالميلاد، ولا زالت معاناتنا ماثلة فأنا بلا هوية بلا كرامة بلا عمل، وكل مصالحي مجمدة تماماً وقد سحبت مني رخصة القيادة، وأعيل أبناء وزوجتين “إحداهما طلبت الطلاق لأني عاجز عن القيام بواجبي تجاه الأسرة في ظل العطالة التي أعانيها.
لجنة لدعم (البدون)
الشاهد أن عادل برعي، ليس إلا واحدا من مئات الحالات لـ”البدون” الذين بدأوا في التكاثر منذ انقسام السودان في 2011، وقالت رئيسة لجنة دعم “البدون” إحسان عبد العزيز، لـ(الأخبار) إن عدداً من المحامين نذروا أنفسهم لمناصرة قضية “البدون” وهم بصدد تنظيم حملة تحت اسم “أنا سوداني” لهذا الغرض.
وأوضحت أن هناك العديد من الحالات بعضها فصلت فيها المحكمة، ولكن لم يتم التنفيذ بالرغم من أن قانون الجنسية يكفل لأي مولود من أم سودانية الحصول على الجنسية، وأضافت “هذه المادة موجودة في الدستور من 1إلى 4 النص الأول والمادة 3 إلى 4 الباب الثاني، وتقول إن أي شخص مولود من أم سودانية له حق التجنس متى ما قدم طلباً بذلك، والنص موجود في القانون منذ العام 1994م ولم يتم تحديثه إلا بعد في العام 2011م أي بعد انفصال جنوب السودان وتم تطبيقه”.
وأكدت عبد العزيز أن لجنة دعم “البدون” أقامت ورشة عمل كان من ضمن الحضور محمد طاهر عسيل، عضو مستقيل بالبرلمان، وطالب باستدعاء الوزير ومدير الشرطة للبرلمان لمساءلتهما، وإدارة الشرطة حال الاستيضاح تعلل بأن هناك تضارباً في القانون مع الدستور ولكنه لا يشير إليه أو يحدده.
عبد العاطي: التاريخ الإنساني سيلغي الحدود السياسية
قضية “البدون” من القضايا العالقة التي ترتبت على انفصال جنوب السودان في العام التاسع من يوليو 2011م وبالرغم من أن العديد من الملفات ظلت عالقة إلا أن قضية “البدون” تظل هي الأكثر حساسية لتعلقها بجانب الكرامة الإنسانية، وفقاً لحديث القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي، الذي أكد في حديثه لـ(الأخبار) بأن الهوية من المسائل التي تصان بها الكرامة الإنسانية.
ويرى عبد العاطي فيما يتعلق بقضية الجنسية أنه كان يجب التخيّر نسبة لأن السودان بلد مفتوح من كل الاتجاهات وهناك ازدواجية الجنسية، واعترف بأن هناك حالات لسودانيين “بدون” ينبغي على متخذي القرار معالجة أوضاعهم لأنهم الأولى في وقت تمنح جنسيات للأجانب، منوهاً بأن تلك الخطوة تحتاج لتدخل عال نسبة لأهمية الموضوع الذي يتطلب تدخلاً فورياً لا سيما وإن التاريخ الإنساني في طريقه لإلغاء الحدود السياسية، وقطع بأن التواصل الشعبي لا علاقة له بالحدود السياسية.
وباستصحاب التاريخ في حالة عادل برعي، حفيد عبد الفضيل الماظ، الذي استبسل حتى استشهد وهو يحتضن مدفعه قرب كُبري بحري في معركة النهر في 28 نوفمبر 1924 وبالرغم من أن الجنوبيين صوتوا للانفصال بمحض إرادتهم، يرى دكتور ربيع عبد العاطي، أن التاريخ لا يتجزأ ولا يقسم أسوة بما حدث من تقسم تركة نيفاشا بين الشريكين، وأضاف “وجود الحدود السياسة لا معنى لها وهي مجرد نقاط على الخريطة وربما يأتي وقت تذوب فيه كل تلك الحدود تأسياً بالأنظمة المحلية والدولية”.
أقوك ماكور: لا داعي للتشديد بحق المواطنة والهوية
ويتفق القيادي في الحركة الشعبية جناح المعارضة المسلحة لحكومة جمهورية جنوب السودان، أقوك ماكور، مع حديث عبد العاطي، ويضيف في إفادته لـ(الأخبار) افتكر أن انفصال جنوب السودان يعود لأسباب سياسية، ولأن السودان كان دولة واحدة، كان هناك حق العمل والانتقال وحصل نتاجا لذلك تداخل وتصاهر وأبناء بين جينات جنوبية وأخرى في أقاصي الشمال، فينبغي أن لا يضار أولئك وعلى الجهات المعنية في هيئة الجوازات مراعاة ذلك وأن يتحققوا فإذا كانت مدة الإقامة طويلة هناك “عرفيين” وطالما أن هناك حالات تعرفت على الجذور واسم الأسرة فلا داعي للتشديد بحق المواطنة والهوية”.
ويرى الخبير القانوني، صالح محمود، أن كل إنسان يولد يجب أن يكون لديه هويه تربطه برقعة جغرافية ما، ويؤكد في حديثه لـ (الأخبار) أن الوضع غير الكريم الذي يعيشه “البدون” تعتبر مسؤولية على عاتق حكومة .ر المساعي القانونية لأن المواثيق الدولية التي تعترف بتلك الحقوق جزء من الدستور السوداني”.
[email][email protected][/email]




هذه بعض مهازل “نيفاشا ” ومفوضية الانتخابات ، التي قامت بتوصيف منْ يحق له التصويت في الإستفتاء لفصل الجنوب وهي قصية آلاف السودانيين الذين تسبب الاستعجال والجهل في حالة لم يعد يعلم بها أحد ، رغم تخذير كثير من الأقلام .
لا يريد أن يسمع أحد بفشل اتفاقية “نيفاشا ” وقوانينها ودستورها ،التي تحدثنا عنها مراراً. وعلق الآلاف في دولة جنوب السودان أيضاً وراء هذا الفعل الجهول : إجراءات فصل السودان .
هذه بعض مهازل “نيفاشا ” ومفوضية الانتخابات ، التي قامت بتوصيف منْ يحق له التصويت في الإستفتاء لفصل الجنوب وهي قصية آلاف السودانيين الذين تسبب الاستعجال والجهل في حالة لم يعد يعلم بها أحد ، رغم تخذير كثير من الأقلام .
لا يريد أن يسمع أحد بفشل اتفاقية “نيفاشا ” وقوانينها ودستورها ،التي تحدثنا عنها مراراً. وعلق الآلاف في دولة جنوب السودان أيضاً وراء هذا الفعل الجهول : إجراءات فصل السودان .
شكرا أستاذة أجوك على فضح زيف السودانيين
تحضرنى الان واقعه غايه ف الالم والظلم يواجهه احفاد انصار الثوره المهديه فبعد ان تم منح قبيلة الكريش الرقم الوطنى باعتبارها قبيله حدوديه بين جنوب دارفور وبحر الغزال وفى اجراء غريب تم منع استخراج الرقم الوطنى والجنسيه مره اخرى..يخبرنى صديقى انهم وعلى مدى اكثر من 130 سنه ومنذ تحرير الخرطوم ع ايدى جدودهم احفاد الثوره المهديه يستوطنون الخرطوم وكل السودان على مدى سبعه اجيال وجذورهم من منطقة حفرة النحاس ( قبيلة كريش) بعد كل هذه الفتره تم حرمانهم من الرقم الوطنى وتم تشريد ابنائهم من وظائفهم بحجة ان القبيله حدوديه ومشتركه مع جنوب السودان..حدثنى صديقى ان ارض جذورهم منطقة حفرة النحاس هى من ضمن مناطق جنوب دارفور وتتمسك بها حكومة السودان مع انها ترفض منحهم صفة المواطنه فالسودان يريد الارض ويرفض اهل الارض..سبعه اجيال عاشت ف الخرطوم ليأتى من يحرمهم حق المواطنه بعد كل هذه الفتره..130 سنه منذ الاستيطات بالخرطوم ويحرمون من الوظائف …ما الفرق بين من اتت جذوره من جنوب دارفور او من جنوب السودان ما الفرق بينه وبين من اتت جذوره من مصر وارتريا ومن الجزيره العربيه كمان..اتقو الله ..فالظلم ظلمات..
شكرا أستاذة أجوك على فضح زيف السودانيين
تحضرنى الان واقعه غايه ف الالم والظلم يواجهه احفاد انصار الثوره المهديه فبعد ان تم منح قبيلة الكريش الرقم الوطنى باعتبارها قبيله حدوديه بين جنوب دارفور وبحر الغزال وفى اجراء غريب تم منع استخراج الرقم الوطنى والجنسيه مره اخرى..يخبرنى صديقى انهم وعلى مدى اكثر من 130 سنه ومنذ تحرير الخرطوم ع ايدى جدودهم احفاد الثوره المهديه يستوطنون الخرطوم وكل السودان على مدى سبعه اجيال وجذورهم من منطقة حفرة النحاس ( قبيلة كريش) بعد كل هذه الفتره تم حرمانهم من الرقم الوطنى وتم تشريد ابنائهم من وظائفهم بحجة ان القبيله حدوديه ومشتركه مع جنوب السودان..حدثنى صديقى ان ارض جذورهم منطقة حفرة النحاس هى من ضمن مناطق جنوب دارفور وتتمسك بها حكومة السودان مع انها ترفض منحهم صفة المواطنه فالسودان يريد الارض ويرفض اهل الارض..سبعه اجيال عاشت ف الخرطوم ليأتى من يحرمهم حق المواطنه بعد كل هذه الفتره..130 سنه منذ الاستيطات بالخرطوم ويحرمون من الوظائف …ما الفرق بين من اتت جذوره من جنوب دارفور او من جنوب السودان ما الفرق بينه وبين من اتت جذوره من مصر وارتريا ومن الجزيره العربيه كمان..اتقو الله ..فالظلم ظلمات..