الشاشة القومية.. لم يشاهد أحد

منذ فترة طويلة بدأت أوضاع التلفزيون القومي الداخلية تلفزيون البلاد الرسمي وتوترات بيئته الداخلية ونتائج الفشل الإداري المزمن الذي يعيشه بدأت تنعكس على مظهر شاشته البائسة بعد أن افتقدت معظم برامجها جمهور المشاهدين ولم يتبق سوى نسبة مشاهدة محدودة لنشرة الأخبار الرئيسة فقط وحتى تلك النسبة تبدو لنا متواضعة جدا ومتراجعة، خاصة في ظل وجود بدائل فضائية سودانية أخرى بعضها تقدم وجبة الأخبار في طبق متكامل من التحليل والتمحيص والاستقراء والتفصيل مثل قناة سودانية 24 على سبيل المثال، بجانب فخامة شاشات تلك الفضائيات وروعة الديكور والخلفيات وروح التقديم والأداء الأكثر مواكبة والذي تبدو شاشة القومي البائسة أمامه وكأنها شاشة من الماضي البعيد لأنها تفتقد تماما للرؤية الإخراجية القادرة على استقطاب المشاهدين.
عين المشاهد يا سادتي اختلفت في هذا الزمن وتطورت بحكم الخبرات البصرية الهائلة التي رفعت من شروط المشاهدة و(الشوف).. وهذه معانٍ وسمات جمالية يمكن فقط للمخرجين المبدعين توفيرها فهي ترى بالعين لكنها لا تكتب ولا تقال.
التلفزيون القومي السوداني الآن هو خارج المنافسة تماما سواء في الصورة أو المضمون أو العناصر الأخرى المطلوبة لشاشة تلفزيونية جاذبة للمشاهدين.
التلفزيون القومي يحتاج إلى وقفة جادة معه من الدولة لأنه هو والإذاعة القومية يمثلان المنبر الرسمي الإعلامي المسموع والمرئي لهذا البلد..
وليس هناك مبرر لكل هذا الإهمال والفشل الذي نراه.. لا مبرر إطلاقا فأضعف الشاشات السودانية الموجودة الآن بمختلف تخصصاتها وأفقرها من ناحية الإمكانيات نجدها تحظى في الواقع بنسبة مشاهدة أعلى من التلفزيون القومي بكل رصيده التاريخي الهائل وخبرته الكبيرة بوصفه الأقدم الذي ظل يواصل بثه منذ عام 1962.. فهل يليق واقع التلفزيون بهذا الرصيد التاريخي له؟
(55) عاما، كانت كافية جدا لصناعة شاشة تلفزيونية متميزة قادرة ليس فقط على منافسة شاشات لم يتجاوز عمرها شهور وسنوات قليلة بل كافية لأن يصبح صرحا إعلاميا ضخما ومتكاملا مثله مثل قنوات جيله في دول العالم والتي تحولت إلى مؤسسات تفرخ الفضائيات المتخصصة.
كنا نظن أن حادثة أغسطس الماضي حين غابت نشرة الأخبار الرئيسة عن شاشة التلفزيون لأول مرة في تاريخه ولجأت إدارة التلفزيون إلى تسجيل النشرات قبل بثها، وذلك بسبب الأعطال الفنية التي لحقت بعدد من أجهزته.
كنا نظن أن تلك السابقة المؤسفة ستجعل إدارة التلفزيون القومي ووزارة الإعلام وقيادة القطاع الإعلامي الرسمي تتعامل معها ليست كمجرد حادثة عابرة بل تتخذها شرارة لإطلاق ثورة تصحيحية واسعة في هذه المؤسسة تعيد بها صياغة وجودها بشكل مؤسس وبإمكانيات حقيقية تعيد للقناة الرسمية اعتبارها لكن ذلك لم يحدث.
شاهدت قبل أيام في تلفزيون السودان جزءا من برنامج خاص بذكرى الاستقلال استضاف عددا من المتحدثين بصحبة الفنان أبو بكر سيد أحمد.. كان كل شيء في هذه الحلقة لا يليق لا بالتلفزيون ولا بهذه الذكرى المجيدة.. بدءا من أداء مقدمة البرنامج ومرورا بشكل الجلسة وعدم تناسق المقاعد التي يجلس فيها الضيوف (كل كرسي من بلد)، وصولا إلى الخلفية البائسة والمحتوى وكل شيء؟
أوضاع التلفزيون الرسمي وحالته الصحية العامة تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل وشامل وثورة حقيقية تستدرك سمعة هذا الجهاز الإعلامي القومي.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالى

تعليق واحد

  1. على الدولة ان ترفع يدها عن الإذاعة و التلفزيون و تعمل على خصحصتهم وبذلك توفر على نفسها آلاف الملايين من الجنيهات كانت تنفقهم قنوات لا يشاهدها احد.

  2. على الدولة ان ترفع يدها عن الإذاعة و التلفزيون و تعمل على خصحصتهم وبذلك توفر على نفسها آلاف الملايين من الجنيهات كانت تنفقهم قنوات لا يشاهدها احد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..