جنوب كردفان- إختطاف مئوية المك رحال أندو – والنفخ في شرارة الفتنة

في السادس والعشرون من ديسمبر 2017م أقيمت الذكرى المئة لوفاة الزعيم القبلي المك رحال أندو كادقلي, وهي مناسبة إجتماعية تم الترتيب لها بشكل ممتاز بحيث تخدم قضية التعايش السلمي عبر الدبلماسية الشعبية التي تعني؛ الممارسة غير الرسمية لتنظيم وتطوير العلاقات بوسائل غير رسمية ولا سيما بين القبائل وخاصة العربية والنوبية منها ,حيث إعتمدت الخطة علي مشاركات القبائل بتراثها الشعبي وإبتعاث العلاقات التاريخية والسماح للقيادات الشعبية الممثلة لكل طرف للتعبير دونما تحفظات من شأنها تعكير صفو المناسبة أو إنحرافها عن المسار الصحيح.
بدأت الوفود القبلية صوب المقر الرئيس للمك محمد رحال حفيد رحال أندو,بمدينة كادقلي, قبل يومين من الموعد المحدد ونصبت كل قبيلة خيمتها وزينتها بما لديها من بقية تراث وفلكلور شعبي حتى تكاملت صورة المشهد الذي مثل بوتقة للإنصهار المجتمعي, فعمت الفرحة والسرور والتفاؤل بالتعافي وسط المجتمع, وإلى هنا وجدت ذاكرة العمل المشترك ظرفها المواتي للإنتعاش. إلا أن المؤسف, إنطبق على هذه المناسبة الطيبة, قول الإمام على رض الله عنه: “ما قال الناس لشئ طوبى له, إلا وخبأ له الدهر؛ يوم سوء” . وهنالك سوءتان, إعترتا المناسبة,: أولهما – التدخل الرسمي المباشر الذي حول هذا الفضاء الرحب الى منبر سياسي نكد وممل؛ إجتر فيه الساسة الحضور الثلاث (مساعد رئيس الجمهورية ?الوالي ?المعتمد) خطابا مكرورا غير موفقا ومقام المناسبة – مثل الحديث عن التحضير للإنتخابات والحديث عن السلام الذي يشتم منه رائحة المزايدة ما أدى إلى إستياء عام وسط الجماهير المستمعة.
لا أدري ما هو سر نزول حزب كبير مثل هذا الحزب الحاكم والمتربع على السلطة ثمانية وعشرون عاما قضاها في الحكم؛ نزول بهذا الثقل إلى هذا المستوى, الذي لا أجد وصفا له أكثر من القول: “كوكابه في الحوتي وعينه للقطي”, أي ما يزال يتوق ويتطلع ليحكم بينما هو يحكم الان, مع أنه ومن خلال طبيعة حكمه المعيش لا يعترف بأن تقديم الخدمات وتحقيق الأمن و الرفاه للمواطن جزء أساسي من السيادة الوطنية التي لا تعني عنده سوى الهيمنة والسيطرة. فعملية الخلط بين المسائل الرسمية بغير الرسمية, أفسد المقصد من المناسبة و كان من الأفضل والأجدى أن تقف الحكومة موقف المراقب أو الملاحظ وتترك الجماهير لتعبر بحرية وعفوية عن ما يجيش في خاطرتها لتخرج هي أي الحكومة بنتائج من شأنها أن تسهم في دعم هذا التفاعل والتواصل وصولا إلى الإستقرار والإنسجام التام. فمئوية المك رحال أندو كانت دعوة صريحة وعملية؛ لإدارة وتنظيم العلاقات بين المجتمعات وقد وجدت ما وجدت من التفاعل.
وتالي السوءات, وقبل أن ينفض سامر المئوية بما حوت, إذ تفاجأ الناس ضحى بهروب مدان بالإعدام من سجن كادقلي في جريمة قتل في نزاع بين قبيليتين؛ليعيد هذا الهروب الغامض التحفظ و التوتر من جديد على السطح.
السؤال المطروح- كيف تمكن هذا المدان من الهروب من السجن ولماذا في هذا التوقيت ؟ وكيف حدث هذا الهروب؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ وما هي الإجراءات والتحوطات اللازمة التي إتخذتها السلطات بالولاية ومحلية كادقلي خاصة لمنع وقوع الفتنة مجددا؟ الم يكن هذا بمثابة دعوة مبطنة للجوء إلى البربرية والأخذ بالثأر والتصفيات بعد أن كادت هذه الظاهرة أن تتلاشى بفعل إعمال القانون و الإحتكام إليه؟ التساؤلات والإستفهامات عديدة ولكن الإجابة واحدة نتركها للقارئ الحصيف والحكومة.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..