وداعآ أيتها القابلة القانونية النبيلة

الموت هو الحقيقة الثابته وهو الكأس الذي يشرب منه الجميع طال العمر او قصر ولكل انسان حين ينقضي اجله ويلبى نداء ربه اعزاء واحباب واصدقاء يفقدونه ويحزنهم فراقه ويوحشهم غيابه ويترك داخلهم حيز فارغ يستمر طوال حياتهم لكن هنالك اخرين جعلوا حياتهم ملك للاخرين تنازلوا بطوعهم عن ذواتهم وعن اوقاتهم وعن متعتهم وسعادتهم الشخصية من اجل الاخرين ومن اجل خدمتهم وقضاء حواجئهم وتوفير الراحة والامان لهم، تخطوا في ذلك حيز الاسرة والاصدقاء والمعارف والقبيلة اي الدائرة الضيقة للانسان الى رحاب المجتمع او جميع افراد المجتمع ( قرية ? مدينة ? ولاية ? وطن ? العالم ) لا تهمهم حواجز العرق واللون والدين وانما الانسان المحتاج للخدماتهم بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه يخدمون انسانيته .
انحازوا للانسانية في ابهاء واجمل صورها هؤلاء فقدهم جل وعظيم على أسرهم واصدقائهم وعلى كامل المجتمع ويفقدهم ايضا المتلقي لخدماتهم والمحتاج لها والانسانية جمعا ، الكل يترحم عليهم ويذكر جميل فضائلهم وعظيم اعمالهم للمجتمع والانسان ، ويخلدهم الكل ويمجد ذكراهم فهؤلاء نجدهم موزعون على جميع القطاعات والمؤسسات التى تعمل في خدمة الانسانية قطاعات رسمية او شعبية يتركون بصماتهم فيها وتظل الالسن تلهج بسيرهم العطرة بعد رحليهم من بين هؤلاء القابلة القانونية النبيلة شامة محمد عبدالباري التى انتقلت الى رحمة ربها مطلع هذا الشهر بعد مسيرة وحياة عامرة بالعطاء والعمل والكفاح من اجل خدمة نساء المنطقة خدمة تصدت لها بكل عزيمة واصرار وتفانى ونكران ذات من اجل راحة بنات جنسها استلمت الراية من نبيلة اخرى مطلع التسعينات حتى وفاتها لم يسنيها المرض من اداء مهمتها الانسانية العظيمة ولم تقهرها او تمنعها ظروف الامطار ووعورة الطرق في فترة الخريف من القيام بمهامها تصاحب نساء المنطقة المتعثرة ولادتهن المحتاجات لتدخل جراحي للمستفيات التى تبعد عن القرية عشرات الكيلو مترات المستشفيات الريفية احيانا سيرآ على الاقدام او على ظهر تراتر(تراكتور) او سيارة يجرها عشرات الرجال بسبب الامطار وانعدام الطرق المعبدة بالمطنقة التى تحاصرها المياة كامل فترة الخريف وتعزلها عن العالم الخارجي نتيجة اهمال الحكومات المتعاقبة على السودان منذ الاستقلال لها (انقلابية – ديمقراطية ) يهملها الانقلابيون باعتبارها منطقة نفوذ طائيفة وتهملها الطائفية عندما تصل الحكم اايضا فضاعت مصالح اهلها بين مطرقة الطائفية وسندان الانقلابين .
تشاهدها بجسدها النحيل الذي انهكه المرض تحمل حقيبتها البيضاء تخوض في الوحل والطين والشوك والضريسية لا تخش افات الامطار من عقارب وثعابين همها الوحيد انقاذ مريضتها التى تحتاج خدماتها يا لها من عظمة ورفعة وسمو مواجهة الاخطار والسيول والامطار من اجل انقاذ ام ومولودها تخلت دولة الشريعة عن توفير وسائل الرعاية والحماية والانقاذ لها ولطفلها .
الراحلة كانت من اول المستجيبن لنداء وقف ومنع ختان الاناث وانتهاك براءة الطفولة وتشوية اعضائها التناسلية بالختان الفرعوني دافعها في ذلك ضميرها المهني وحسها الانساني النبيل وتجربتها الطويلة في خدمة النساء ومشاهدتها الام واوجاع ضحايا الختان الفرعوني عند الولادة ومعاناتهن وموت الكثر منهن بسبب التعسر قبل وصولهن المستشفيات .
رحم الله القابلة القانوينة شامة محمد عوض الباري واسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اوليك رفيقا.
وخالص التعازي لجميع افراد اسرتها ونساء المنطقة .
واتمنى التوفيق والنجاح للنبيلة القادمة التى ستحمل الراية من بعدها !!
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..