هل من الضرورة بناء محطة نووية للكهرباء في السودان؟

عمود : محور اللقيا

قبل أيام قلائل أعلنت المؤسسة العامة للطاقة الذرية في روسيا (روس أتوم) عن توقيع إتفاق مع وزارة الموارد المائية و الري و الكهرباء السودانية لبناء محطة كهرباء نووية في السودان و انه سوف يتحدد موقع المحطة بناء على دراسة الجدوى للمشروع كما و سيتم تحديد معايير السلامة اللازمة , و لم يذكر في الخبر قدرة المحطة القصوى من الكهرباء و لا كيفية التغلب على إنعدام الخبرات التأمينية المطلوبة و لا كيفية التغلب على مسالة النفايات المشعة .
كما ذكرت عاليه فإن للمحطات النووية متطلبات يجب على اي دولة الإلتزام بها و ذلك لخطورة التعامل مع الإنشطارات النووية , فليست لدينا خبرة في هذا المجال و ليست لدينا تخصصات في الهندسة النووية و ليست لدينا مراكز تدريب حاليا و لا أظن أن لدينا علاقة قوية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تقوم بإجراء التفتيش و الرقابة و التحقيق في الدول التي بها منشآت نووية , و حسب علمي فإن الهيئة السودانية للطاقة الذرية تعمل فقط في المجال الطبي كعلاج الأورام بالذرة , و فوق كل ذلك ليس لدينا في سودان اليوم إستقرار سلمي أو أمني لأن المحطات النووية تتطلب ذلك خوفا من التخريب و الهجمات الإرهابية و التفجيرات . لذلك فالخوف الأكبر في المحطات النووية يكون من حدوث الكوارث بها نتيجة لأخطاء تشغيلية أو تخريبية أو نتيجة لعوامل طبيعية كالأعاصير و الزلازل و التسونامي , و يؤدي ذلك ألى حدوث تسرب إشعاعي أو حدوث إنفجار في قلب المفاعل و إنتشار الإشعاعات القاتلة للضحايا و المشوهة للأحياء منهم , و توجد أمثلة لثلاث حالات لكوارث المحطات النووية : كارثة المحطة النووية في جزيرة الأميال الثلاثة في أمريكا في عام 1979 , و كارثة المحطة النووية في تشيرنوبل في الإتحاد السوفيتي في عام 1986 , و كارثة المحطة النووية في فوكوشيما في اليابان في عام 2011 و غيرهم توجد حالات عدة على مستوى أقل و قد راح الآلاف ضحية لهذه الإنفجارات النووية و تم تهجير مئآت الآلاف من الأماكن التي تلوثت بالإشعاعات و التي سوف تستمر ملوثة لمدد طويلة من الزمان .
لذلك فمنذ سبعينات القرن الماضي خرجت عدة مظاهرات شعبية في كل أنحاء العالم تندد بالمحطات النووية و تكونت حركات ضد الإستعمالات النووية و تطالب بإيقاف تشييدها و إنتشارها بل و بإيقاف المحطات العاملة القديمة تخوفا من الإشعاعات المسرطنة و المشوهة و القاتلة , و لذلك يتم حاليا تفكيك الكثير من المحطات النووية القديمة في دول كثيرة في العالم . توجد مسألة أخرى و هي خطورة عملية تعدين اليورانيوم و إستخراجه و نقله فهي تتطلب الكثير من المخاطر الصحية و البيئية , و هذا الأمر يتطلب إعتباره في حالة إكتشاف يورانيوم في السودان و تقرر السعى لإستغلاله , أما في حالة إعتماد السودان على اليورانيوم المستورد فإن ذلك سوف يقلل من ضمان السودان لإستقلاليته و من ضمان إستمرارية التوليد الكهربائي من المحطات النووية . أيضا يهمنا هنا مشاكل التخلص من النفايات الذرية هل عن طريق دفنها فتزيد من إنتشار السرطان في السودان و الذي كان سببه دفن نفايات نووية مستوردة في العقود الماضية ؟ أم عن طريق دفع نقود لدولة فقيرة فاسدة لتدفنها في أراضيها ؟ توجد عمليات متطورة لتدوير النفايات الذرية و الإستفادة منها و لكنها عمليات مكلفة , كما و توجد مفاعلات نووية حديثة يمكن لها أن تعمل بالنفايات الذرية كوقود لها و لكنها في طور التجربة و لم يتم تعميمها .
إذا قارنا تكلفة بناء محطات توليد الكهرباء الحرارية بأنواعها المختلفة من محطات ماكينات ديزل و محطات توربينات بخارية و محطات توربينات غازية و محطات نووية نجد أن تكلفة المحطات النووية هي الأعلى و تعادل عدة مليارات من الدولارات و لكن التكلفة التشغيلية خاصة للوقود قليلة نسبيا . إن وضع السودان الجغرافي و المناخي يساعد على الإعتماد على الطاقة البديلة و المتجددة و هي طاقة مساقط المياه و الطاقة الشمسية و طاقة الرياح , ففي بلادنا تظل الشمس حارقة في كل شهور السنة و يمكن لنا بناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية و أيضا بناء محطات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح التي تهب قوية على سواحل البحر الأحمر .
توجد تجربة ناجحة لبناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية و هي تجربة مشروع الطاقة الشمسية في المغرب ( نور ) الذي يتكون من خمسة مراحل بقدرة قصوى تعادل 580 ميغاواط و بتكلفة تعادل 660 مليون دولار و بها نصف مليون قطعة من المرايا العاكسة التي تدور مع إتجاه الشمس و سوف توفر ما يعادل مليون طن من البترول سنويا و هي صديقة للبيئة لإنعدام إنبعاثات الكربون . لقد تم تدشين المرحلة الأولى من المشروع بإفتتاح المحطة ( نور 1 ) في فبراير 2016 لإنتاج 160 ميغاواط من الكهرباء . في محطة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية تجتمع قلة تكلفة تشييد المحطة مع قلة تكلفة تشغيلها التي لا تتطلب أي نوع من الوقود سوى حرارة الشمس المتوفرة مجانا !

د. عمر محمد صالح بادي
دكتوراة في الهندسة الميكانيكية ( قوى )
مهندس مستشار و كاتب صحفي حائز على القيد الصحفي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الطاقه الشمسيه ناجحه حتي في أوربا المافيها شمس
    تكاليف بناء محطة نوويه يمكن ان تبني محطات طاقه شمسيه في السودان تغطي كل الاستهلاك ويكون هناك فائض للتصدير لكن مين يقول البقرة في الابريق

  2. حتى ثمانينات القرن الماضي كان ممنوعاً على دول العالم الثالث الحديث أو التفكير في إقتناء محطة نووية حتى ولو كان للاستخدام السلمي . أما الآن فقد تم الإيعاز لتلك الدول بالسعي للحصول على المحطات النووية فأكثر من ثلاثة أو أربعة دول عربية الآن بصدد الحصول على محطات نووية ! مما يثير الشكوك حول نوعية المحطات التي سوف يحصلون عليها !! ليس للسودان صناعات ثقيلة تستخدم قدراً كبيراً من الطاقة في تشغيل المصانع أو إستخراج المواد الخام أو وسائل النقل وأعتقد بأن مصادر المياه المتاحة في السودان كافية حالياً لتوفير الطاقة المطلوبة . وقد بدأت الدول المتقدمة في الاستغناء عن الوقود الأحفوري والطاقة النووية والإعتماد على الطاقة الشمسية ففي العام 2016م تخلصت ألمانيا من ستة مفاعلات نووية واستبدلتها بمحطات للطاقة الشمسية . وقد رأينا مؤخراً إنعقاد مؤتمرين للمناخ في ألماينا وفرنسا للبحث عن وسائل خفض الانبعاث الحراري وفي مقدمة هذه الوسائل حث الدول الصناعية بتقليل الإعتماد على النفط والغاز والفحم الحجري واللجوء للطاقة النظيفة . وفي سنغافورة والتي تبلغ مساحتها 715 كيلومتر مربع فقط لا توجد أي مساحات من الأرض لإقامة محطات للطاقة الشمسية وتعاني من إرتفاع إنبعاث ثاني أوكسيد الكربون حيث يعتمد إقتصادها على الصناعات التحويلية والصناعات الصغيرة والإلكترونيات والخدمات بصورة أساسية فإن إستهلاك الطاقة لديها عالي جداً ، فقد لجأت إلى إقامة منصات عائمة في البحر وتركيب ألواح شمسية عليها حيث أن هذه الدولة قريبة من خط الإستواء وتبلغ متوسط الحرارة فيها 31 درجة مئوية ، وإذا قارنا ذلك بإستهلاك السودان من الطاقة في الصناعات لا تساوي شيئاً بل يظهر عجزنا فقط ، وهناك عدة ولايات في أمريكا أصبحت تعتمد بنسب كبيرة على الطاقة الشمسية وكذلك في الهند والإمارات والمغرب ومصر . ورغم إرتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمقدار الثلث عن إنتاجها من النفط فإن فإن أبحاث تطويرها سوف يؤدي إلى خفض تلك التكاليف مستقبلاً . وأننا كما ذكر الدكتور/ عمر بادي لا نحتاج إلى محطة للطاقة النووية إطلاقاً ويجب اللجوء إلى الطاقة الشمسية وخاصة بالنسبة للمشاريع الزراعية التي مازالت تعتمد على وقود الديزل خاصة إذا علمنا أن كل أعمال الزراعة في السودان تتم خلال النهار فقط ولايمارس المزارعون أي أعمال زراعية ليلاً حيث يمكن مد المشاريع بالطاقة الشمسية مباشرة دون الحاجة إلى وسائل تخزينها كما في المنشآت الأخرى وذلك يقلل التكلفة . كما أن إنشاء محطة نووية يعني الإعتماد بالكامل على الخبرة الأجنبية لعشرات السنين مما يضاعف التكلفة عدة مرات لذلك من الأفضل إنشاء إقليمي كبير وحديث قبل أن يسبقنها إليه الآخرون لإنتاج مكونات محطات الطاقة الشمسية ونشر إستخدامها في أنحاء البلاد وتجنب الكوارث المحتملة من المحطات النووية .

  3. اتفق مع كل ما ورد فى هذا المقال و لكن من الأهم التذكير بأهم متطلب عند انشاء محطة نووية و ه وجود بنية تحتية متكاملة و للأننا نفتقد هذه البنية الأن فأن الأمر حتى الأن مجرد امانى و لن تست
    يع اى دراسة جادة ان توصى بها.
    علما بأن المكان الوحيد الذى يمكن ان يكون موقع لهذه المحطة هو ساحل البحر الأحمر الذى لا تتوفر فيه متطلبات البنية التحتية اللازمة اضافة هل ستوافق السعودية على ان تكون هناك محطة نووية على بعد حجر منها.
    كلها امانى و فعلا الحل الوحيد و السليم هو الأتجاه نحو الطاقة الشمسية.
    فهل من مجيب

  4. انسى قدراتك انسى امكانياتك
    هذا هو العنوان لهذه العلاقة مع روسيا.
    مليون طن قمح؟؟
    طاقة نووية؟ وانسى الطاقة الشمسية.؟؟؟
    لابد ان يجن عقل الانسان امام هذا…. ماذا يسمى هذا؟

  5. الطاقه الشمسيه ناجحه حتي في أوربا المافيها شمس
    تكاليف بناء محطة نوويه يمكن ان تبني محطات طاقه شمسيه في السودان تغطي كل الاستهلاك ويكون هناك فائض للتصدير لكن مين يقول البقرة في الابريق

  6. حتى ثمانينات القرن الماضي كان ممنوعاً على دول العالم الثالث الحديث أو التفكير في إقتناء محطة نووية حتى ولو كان للاستخدام السلمي . أما الآن فقد تم الإيعاز لتلك الدول بالسعي للحصول على المحطات النووية فأكثر من ثلاثة أو أربعة دول عربية الآن بصدد الحصول على محطات نووية ! مما يثير الشكوك حول نوعية المحطات التي سوف يحصلون عليها !! ليس للسودان صناعات ثقيلة تستخدم قدراً كبيراً من الطاقة في تشغيل المصانع أو إستخراج المواد الخام أو وسائل النقل وأعتقد بأن مصادر المياه المتاحة في السودان كافية حالياً لتوفير الطاقة المطلوبة . وقد بدأت الدول المتقدمة في الاستغناء عن الوقود الأحفوري والطاقة النووية والإعتماد على الطاقة الشمسية ففي العام 2016م تخلصت ألمانيا من ستة مفاعلات نووية واستبدلتها بمحطات للطاقة الشمسية . وقد رأينا مؤخراً إنعقاد مؤتمرين للمناخ في ألماينا وفرنسا للبحث عن وسائل خفض الانبعاث الحراري وفي مقدمة هذه الوسائل حث الدول الصناعية بتقليل الإعتماد على النفط والغاز والفحم الحجري واللجوء للطاقة النظيفة . وفي سنغافورة والتي تبلغ مساحتها 715 كيلومتر مربع فقط لا توجد أي مساحات من الأرض لإقامة محطات للطاقة الشمسية وتعاني من إرتفاع إنبعاث ثاني أوكسيد الكربون حيث يعتمد إقتصادها على الصناعات التحويلية والصناعات الصغيرة والإلكترونيات والخدمات بصورة أساسية فإن إستهلاك الطاقة لديها عالي جداً ، فقد لجأت إلى إقامة منصات عائمة في البحر وتركيب ألواح شمسية عليها حيث أن هذه الدولة قريبة من خط الإستواء وتبلغ متوسط الحرارة فيها 31 درجة مئوية ، وإذا قارنا ذلك بإستهلاك السودان من الطاقة في الصناعات لا تساوي شيئاً بل يظهر عجزنا فقط ، وهناك عدة ولايات في أمريكا أصبحت تعتمد بنسب كبيرة على الطاقة الشمسية وكذلك في الهند والإمارات والمغرب ومصر . ورغم إرتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمقدار الثلث عن إنتاجها من النفط فإن فإن أبحاث تطويرها سوف يؤدي إلى خفض تلك التكاليف مستقبلاً . وأننا كما ذكر الدكتور/ عمر بادي لا نحتاج إلى محطة للطاقة النووية إطلاقاً ويجب اللجوء إلى الطاقة الشمسية وخاصة بالنسبة للمشاريع الزراعية التي مازالت تعتمد على وقود الديزل خاصة إذا علمنا أن كل أعمال الزراعة في السودان تتم خلال النهار فقط ولايمارس المزارعون أي أعمال زراعية ليلاً حيث يمكن مد المشاريع بالطاقة الشمسية مباشرة دون الحاجة إلى وسائل تخزينها كما في المنشآت الأخرى وذلك يقلل التكلفة . كما أن إنشاء محطة نووية يعني الإعتماد بالكامل على الخبرة الأجنبية لعشرات السنين مما يضاعف التكلفة عدة مرات لذلك من الأفضل إنشاء إقليمي كبير وحديث قبل أن يسبقنها إليه الآخرون لإنتاج مكونات محطات الطاقة الشمسية ونشر إستخدامها في أنحاء البلاد وتجنب الكوارث المحتملة من المحطات النووية .

  7. اتفق مع كل ما ورد فى هذا المقال و لكن من الأهم التذكير بأهم متطلب عند انشاء محطة نووية و ه وجود بنية تحتية متكاملة و للأننا نفتقد هذه البنية الأن فأن الأمر حتى الأن مجرد امانى و لن تست
    يع اى دراسة جادة ان توصى بها.
    علما بأن المكان الوحيد الذى يمكن ان يكون موقع لهذه المحطة هو ساحل البحر الأحمر الذى لا تتوفر فيه متطلبات البنية التحتية اللازمة اضافة هل ستوافق السعودية على ان تكون هناك محطة نووية على بعد حجر منها.
    كلها امانى و فعلا الحل الوحيد و السليم هو الأتجاه نحو الطاقة الشمسية.
    فهل من مجيب

  8. انسى قدراتك انسى امكانياتك
    هذا هو العنوان لهذه العلاقة مع روسيا.
    مليون طن قمح؟؟
    طاقة نووية؟ وانسى الطاقة الشمسية.؟؟؟
    لابد ان يجن عقل الانسان امام هذا…. ماذا يسمى هذا؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..