وقفة مع الذات..!

منكم
في كل عام يبتهج السودانيون ويحتفلون بمناسبة عيد الاستقلال المجيد ،وهذا بالطبع شي لايمكن ان نستنكره بطريقه مطلقه ،فنيل الحريه وخروج المستعمر البغيض قبل اثنين وستون عاما حدث كبير يستوجب ان نفرح له كثيرا ولكن السؤال العريض هو هل استطاعت الحكومات الوطنيه التي تعاقبت منذ تلك اللحظه التاريخيه على حكم السودان وحتى الان ان تلبي تطلعات الشعب في الاستقرار والنماء ؟! الاجابه على هذا السؤال هي التي ستحدد طبيعة فهمنا لهذا اليوم .
تحتفل شعوب الارض قاطبه ببداية السنه الميلاديه وتعتبر ان الليله التي تسبق مطلع شهر يناير اي ليلة راس السنه هي يوم عظيم ..حيث ان لكل بلد وشعب طقس خاص يختلف عن الاخرين ..والسودانيون كغيرهم من شعوب الدنيا (انجروا) وراء هذه الموضه وجعلوا هذه اللحظه لحظة فرح ..ولكن الى حد يكون يكون الفرد السوداني صادقا في احتفاله بعيد الاستقلال ؟ .
صادف استقلال بلادنا يوم 1/1 ولذلك اختلط على السودانيين (البقر) وصاروا يجمعون الفرحتين ..لكن في اعتقادي الاوضاع التي نعيشها حاليا وهي بلاشك نتاج لسياسات النخبه السودانيه التى ادارات البلاد منذ سته عقود لايمكن ان تجعل اي انسان مسرور ابدا ..فهذه المظاهر التي نراها هي لاتعبر عن فرح السودانيين بالاستقلال بقدر ماهي تضامن انساني احتفاءا ببداية العام الجديد.
الرعيل الاول من الحركه الوطنيه بقيادة السيد اسماعيل الازهري والسيد محمد احمد المحجوب كانت بدايتهم صحيحه ..وحاولوا بقدر استطاعتهم ترسيخ النهج الديمقراطي في الحكم ،ولكن خاب فالهم عندما تقاطع نهجهم مع طبيعة الانسان السوداني الذي لم يتربى على هذا السلوك الجديد ما ادى الى حدوث النكسه الاولى حينما سلم السيد رئيس الوزراء عبدالله خليل في نوفمبر 1958 الحكم للجيش بقيادة الفريق ابراهيم عبود بسبب طبعا صراع الحزبيين التقليديين الامه والاتحادي على السلطه وقتها.
بعد مرور ست سنوات على الحكم العسكري خرج الشعب في ثورة شعبيه ليرجع السلطه للقوى الحزبيه ولم تمضي خمسة سنوات حتى تمكن الجيش مره اخرى من استلام السلطه بقيادة العقيد جعفر نميرى والذي جلس على كرسي الحكم 16 عاما ،لينزع منه با انتفاضه شعبيه في العام 1985 لتعود الاحزاب مره اخرى وتتصارع الى ان لقت حتفها با انقلاب الانقاذ 1989 وحتى هذه اللحظه.
الشاهد ان فترات الحكم العسكري كانت اطول من الحكم المدني وهذا وحده يكفي لا ان نحكم على طبيعة الشعب السوداني ونقول ان نزعته ناحية الدكتاتوريه اكبر ..حيث لاينفع معه حكم مدني سلمي ولذلك في كل مره ياتي العسكر و يعطيهم فتره اطول من الاحزاب ..وكما يقولون فان (والطبيعة جبل) و من الصعب جدا ان تتغير.
السودانيون كان عليهم ان ينظروا لمناسبة الاستقلال من زاويه اخرة ويعتبرونها لحظه للوقوف مع الذات ، لا ساعة انتشا كما يحدث الان .
الوقفة مع الذات ومراجعة ما اقترفته النفوس في حق الوطن هو ليس شان الحاكمين فقط وانما هو مسؤولية الجميع ،فقدكنت اتوقع ان تبادر المعارضه بطرح رؤية وطنيه شامله للخروج من المازق الذي يحكم قبضته على الدوله السودانيه في الوقت الراهن ،الا ان المعارضين كعادتهم (جاحدين) وهمهم كله ان يصبحوا ويجدوا هذا النظام قد لفظ انفاسه الاخيره .
بعد اثنين وستون عاما ذهب ثلث السودان في خبر كان وبعد اثنين وستون عاما اغلب مناطق السودان تعاني من ويلات الحروب وبعد اثنين وستون عاما السودان على شفا جرف هار و(مهدد ) بالتمزق ،وبعد اثنين وستون عاما الاقتصاد السوداني اسوا اقتصاد في الدنيا ،وبعد ستون عاما المواطن السوداني اكثر مواطن في العالم يتعرض للذل والهوان ، وبعد اثنين وستون الرؤية للمستقبل قاتمه جدا حيث لا امل يلوح في الافق لانفراجه في الوقت القريب،بالله عليكم اليس هذا هو الواقع ..؟!فاذا كان كذلك ..لماذا نضحك ونمرح ! ( فهل نحنا بنضحك علي غبانة) ام اننا نريد ان (نضرب الهم بالفرح )..ونحاول ان ننسى الجراح .
مراجعة النفس امر مهم …ان كانت على مستوى الافراد او الجماعات ..فهي تعتبر خطوه سليمه من شانها ان تعبر بنا سريعا الى طريق النجاح ،والقيادة الرشيده هي التي تسعى للوقوف مع ذاتها لمراجعة (مافات و الاستعداد لما هو ات ).
خلك من الكلام المكرر . ورينا من اين يبدا طريق البندقية.
خلك من الكلام المكرر . ورينا من اين يبدا طريق البندقية.