كرة القدم .. والسياسة وبينهما انقلابات

شاهدت مساء الامس حفل توزيع جوائز كرة القدم الافريقية . أذهلنى أولا الحفل تنظيما وفنا وأضاءة ، يكاد يكون بلا خطأ . غير انى كنت طوال الوقت انتظر كلمة عن السودان فى الماضى أو حتى الحاضر الانقاذى ، الذى لاأتوقع عادة كلمة طيبة عنه فى أى مجال ، أو كما وصفه بأسوأ من ذلك الاسلاموى الكبير .اسحاق فضل الله ! وبالطبع لم أحصل على ما تمنيت . بالرغم من ان السودان كان ثالث ثلاثة أنشأوا الاتحاد الافريقى لكرة القدم ، وأحد الفائزين الاوائل بكاس الامم الافريقية ،ذلك عندما كانت الامم الافريقية اصلا قليلة العدد .
تذكرت اللاعبين الفنانين من أمثال منزول وعصمت وجكسا وسليمان فارس وغيرهم من الذين رفعوا اسم السودان فى جميع قارات العالم ، وتذكرت الفرق العالمية التى لعبت فى السودان من امثال الهونفيد المجرى وريال مدريد الاسبانى ، واللاعبين الافذاذ ، من أمثال بوشكاش وبيليه ، الذى وقف امامه اللاعب السودانى ” ود الشياطين ” بالدرجة التى جعلت جماهير الهلال تطلب منه فك الحصار عنه ليستمتعوا بفنياته ، ولكن هيهات ! كل ذلك لم يحدث لأن السودان كان من مصدرى البترول أو الذهب , ولا لأن ميادين الكرة فيه كانت تضاهى ميادينها حتى فى مصر القريبة ناهيك عن اوروبا ، وانما حدث ذلك لسببين رئيسيين:
ألاول : انها رياضة شعبية بحق وحقيق جمهورا ولعيبة .
الثانى : كانت تعيش عهد الديموقراطية الاول ، ولذلك فقد كان كل شئ فيها يتم برضى الجماهير ، فهى التى تأتى بمن تشاء وتبعد من تشاء . لايتحكم فيه سلطة حاكمة ، ولا أصحاب مال يمثلون السلطة فى نهاية الامر .
لكن الحال بدأ يتغير مع تغير الاحوال السياسية . فمع الانقلاب الاول ، عبود 1958-1964 ،
بدأ استغلال الكرة سياسيا : ذلك ان انعدام السند الجماهيرى لضباط الانقلاب ، جعلهم يلجأون الى جماهير الكرة لايجاد السند ، وفى نفس الوقت استخدام الساحرة المستديرة فى الالهاء عن الفعل السياسى ! كان اللواء طلعت فريد ، وهو رياضى أيضا ، القائم بتمثيل مجلس الثورة فى هذا المجال .
ثم جاء العهد المايوى ، الذى جسمت دكتاتوريته لستة عشر عاما على صدر الشعب السودانى ، تقلب فيها يسارا ويمينا ووسطا ، واستخدم كل الوسائل التى تعينه على البقاء ، ومن ضمنها الساحرة المستديرة . وقد ساعد النظام مستشاروه من التكنوقرط فى ابتداع اشكال جديدة من تدخل الدولة فى الشأن الرياضى ، فجاؤوا بما عرف بالرياضة الجماهيرية . ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل وصل الى فكرة جذبت المزيد من الشعب الى الاهتمام بكرة القدم ، الى الحد الذى جعلها عمل دائم للبعض من الشباب العاطل ! تلك هى فكرة ” توتو كورة ” . ولفائدة الذين لايعلمون ماهى ، ولتوضيح الدور الناجح جدا لهذه البدعة فى الهاء البشر ، أقول : هى عبارة عن تذاكر تصدر اسبوعيا ، بها قائمة باسماء فرق الكورة فى جميع انحاء السودان ومبارياتها فى ذلك الاسبوع ، وكان على المشاركين من مشترى التذاكر ان يسجلوا توقعاتهم بالفوز ! كانت جوائزها غاية فى الاغراء ” سيارات فاخرة ومنازل جميلة فى مواقع ممتازة .. الخ .
وحقيقة الامر، من وجهة نظرى ، ان الفكرة كانت جيدة وساعدت فعلا فى التنافس الكروى وانشاء فرق جديدة خاصة فى الاقاليم ، ولكن ، وبما ان الاعمال بالنيات ، فانها كانت فى ذلك التوقيت من مساعدات الالهاء الكثيرة ، التى تلجأ اليها عادة النظم الديكتاتورية للاسباب المذكورة اعلاه !
ثم جاءت الطامة الكبرى مع الانقاذ ، التى لم تترك مجالا الا وعاثت فيه فسادا يصعب اصلاحه . ولولا تدخل الفيفا الاخير لاسلمت كرة القدم الروح مثلما حدث للكثير من مجالات الحياة فى عهد ” الانقاذ ” .
امنياتنا فى العام الجديد ان يضاف الى قوانين الامم المتحدة ما يجعلها مثل الفيفا قادرة على فرض النظام الديموقراطى عل مستوى الامم والانتخابات !!!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اين من اخبار جبهة النهضة والتطوير الكروى الكمالى! الحكأم اخدوا متأخرات مستحقاتم الماليه؟ هل مما وجده البروف (منسق مخرجات الحوار) فى قلعة الاتحاد الكروى منسيا من اموال الاتحاد المعتصمى الجعفرى ..ام من دعم المريخ الكوستاوى الذى اعلن البروف قبوله لسداد متأخرات الحكام!

  2. اين من اخبار جبهة النهضة والتطوير الكروى الكمالى! الحكأم اخدوا متأخرات مستحقاتم الماليه؟ هل مما وجده البروف (منسق مخرجات الحوار) فى قلعة الاتحاد الكروى منسيا من اموال الاتحاد المعتصمى الجعفرى ..ام من دعم المريخ الكوستاوى الذى اعلن البروف قبوله لسداد متأخرات الحكام!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..