بلغت الحلقوم

شئ من حتى
إستعصت الحياة على عامة الناس في السودان بعد الإجراءات الإقتصادية الأخيرة وإجازة ميزانية 2018 الكارثية. ورغم وضوح كل شئ إلا أن الحكومة وحزبها وأنصارها يريدون أن يطفئوا نور الشمس بأيديهم بمحاولة إيهام الناس أن ما حدث يمكن قبوله والتعايش معه بإعتباره أمرا عاديا وطبيعيا. ففي خطابه أمام أعضاء المجلس الوطني بتاريخ 31/12/2017م بمناسبة الذكرى 62 لإستقلال السودان، قال عمر البشير أن الإقتصاد لا يعاني أزمة كما يحاول البعض أن يصوره، بل نواجه صعوبات ، وتحف به مشكلات تتمثل في إختلال هيكلي منذ إعلان تكوين الدولة الوطنية…… ومضى إلى أن مشكلات الإقتصاد تقتضى مواجهتها بشكل جرئ، وبصبر وتحمل حتى يتسنى إزالة التشوهات الهيكلية، وإعادة توزيع الموارد لخدمة الإنتاج والإنتاجية، وحفز المجتمع لتنفيذ المشروعات التنموية…..إلخ. هذا قبل أن يطمئن الناس بأن الأزمة ستحل بحلول العام 2020م أى بعد عامين من الآن. من جانبه وزير المالية محمد عثمان الركابي قد أكد بأنه (كلما ضاقت سنضطر لإتخاذ إجراءات قاسية)، مشيرا إلى أن السياسات المتخذة تناصر الفقراء؟!! .
أما حاتم الوسيلة وزير التجارة فقد قال في تناقض غريب أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدى ولن تتناقض مع سياسة التحرير.. مبشرا الناس بأن هناك حزمة إجراءات وتدابير وضوابط سيتم الإعلان عنها لكبح جماح الأسعار التى حمل المسؤولية عنها لمجموعة من وصفهم بالسماسرة والوسطاء ..وهكذا.
ولكن الشاهد أن هذا الخطاب وهذه التبريرات ليست جديدة، بل ظل يتكرر مع أى منعطف إقتصادي حاد تمر به الحكومة منذ عامها الأول وإلى الآن لم يتغير فيه أى شئ ولم يتحقق أى وعد إصلاحي. ففي أول أعوامها طرحت الحكومة من خلال ملهمها الإقتصادي عبد الرحيم مهدي البرنامج الإقتصادي الثلاثي، وطلبت من الناس أن يربطوا الحجارة على البطون ويتجلدوا بالصبر لثلاث سنوات فقط،بعدها ستبيض الدجاجة ذهبا وتمطر السماء دولارا وأسترليني.وبالطبع لم يحدث شئ من هذا رغم تكرارمثل هذه الوعود المترافقة مع الإجراءات القاسية وفي كل مرة يزاداد حال الناس سوءا على سوء.
في سبتمبر 2013م تردد نفس الخطاب بعد الإحتجاجات الشعبية التى فجرتها نفس الإجراءات الإقتصادية بزيادة الضرائب والجمارك، وإنسحاب الحكومة من تأمين قوت الناس. فقد قيل حينها أنه لابد من عملية جراحية ليتعافى الإقتصاد، نحتاج نراجع ونشوف العلة وين، الحل في زيادة الإنتاج. وما أن عدت العاصفة خرجت تعبيرات مستفزة لا تنطوي إلا على نظرة محتقرة للشعب (علمناكم الهوت دوق.. قبل الإنقاذ كنتو تاكلو العصيدة بالموية.. لو ما جات الإنقاذ كان مشيتو المقابر…).
الإنقاذيون وسلطتهم هم سبب هذا الواقع الإقتصادي المأزوم بمشروعهم الإقتصادي الذى يجرد الدولة من أى مسؤولية نحو مواطنيها، بل يحولها إلى عالة عليهم. فمع شعار التحرير أجهز هؤلاء على مؤسسات القطاع العام التى كانت تعتبر ركائز للإقتصاد القومي السوداني، وحولوها إلى مزاد علني لمصلحة شريحة الطفيلين الجدد(المتأسلمون). لم يسلم من هذه السياسة مشروع الجزيرة والمناقل،ولا المؤسسات الزراعية الكبرى في حلفا والسوكي والنيل الأبيض وجبال النوبة، والمؤاني البحرية والنهرية،والخطوط الجوية، والبريد والإتصالات ، والسكك الحديدية، ودور العلم، وكل ما طالتهم أيديهم حتى الأصول والأراضي وإناث الحيوانات الإقتصادية،… لم يغير من هذا النهج ظهور البترول، ولا أطنان الذهب ولا الديون المليارية. وحول هؤلاء المؤسسات الخدمية إلى مورد لخزانة الدولة التى هي خزانتهم الخاصة بوضع اليد. فالمحليات هي ذراع الدولة الخدمية بإعتبارها الحلقة الإدارية الأقرب للمواطن. تعني بتنظيم حياته في السكن والتعليم والعلاج والمياة والكهرباء والبيئة..إلخ. تحولت هذه بقدرة قادر إلى آلية جباية كل همها هو ملاحقة المواطنين في أرزاقهم وعد أنفاسهم لمصلحة جماعة المتأسلمين الحاكمة.
لذلك لم يعد هناك مايمكن عمله أو تصديقه من إجراءات أو وعود. وحالة الإستنفار الأمني القصوى المعلنة كافية للتدليل على ذلك.ولم يعد في الناس قدرة لإحتمال هذه السياسات الفاشلة والتى لا تخدم إلا منظومة صغيرة محدودة من الحاكمين، كل همها البقاء في السلطة من أجل الإستمتاع بمزاياها وما على الشعب إلا الصبر على الموت البطئ وغير البطئ. وليس هناك ما يمكن التعويل عليه بعد الآن فقد بلغت الحلقوم، ولن تبدل هذه الجماعة جلدها ولايمكن فطامها من أكل السحت ومص عرق الشعب ودمه.
حمد لله على السلامة يا دكتور
تماااام يادكتور اصبت كبد الحقيقة
حمد لله على السلامة يا دكتور
تماااام يادكتور اصبت كبد الحقيقة