مسك زمن

البروفيسور البخاري الجعلي أحد أهم قيادات الحزب الاتحادي الديموقراطي (الأصل).. عزف ? أمس- آخر مقطع في أنشودة (لن ننسى أيَّاماً مضت) وترجَّل عن صهوة جواد الحزب..
في مؤتمر صحفي بمكتبه بالخرطوم قدم البخاري مرافعة طويلة نعى فيها حزبه الاتحادي.. ووصفه بأنَّه مات سريرياً منذ فترة طويلة.. وقال إنَّ الحزب كان يعيش بنفس الميرغني، ولما غادر السودان في سبتمبر ٢٠١٣، حمله في حقيبته إلى مثواه قبل الأخير.. الموات السريري..
وقال البخاري إنَّ المكتب السياسي الذي تشكَّل في العام ٢٠٠٤ في مؤتمر المرجعيات بالقاهرة لم يجتمع مطلقاً.. فالحزب بلا مؤسسات، مجرد وردة زابلة في جنينة مولانا الميرغني. وتبلغ الملهاة ذروة المأساة عندما أعلن البخاري أنه لا يستقيل، بل يترك الحزب فليس هناك حزب ليستقيل منه.. هو مجرد بيت تهدمت أسواره وبات أهله في العراء من أراد الخروج لن يبحث عن مكان الباب.
بالله عليكم.. هل وصل السودان إلى هذا الدرك.. الحكومة تكابد الفشل الذريع في كل شيء حتى قوت الناس الحتمي.. والمعارضة تنتظر صاعقة من السماء تحرق الحكومة وحزبها.. والأحزاب حتى العريقة في مقام مثل الاتحادي تفقد قياداتٍ في مثل مقام البروف البخاري.. صورة ولا أهول..
ليس البخاري من يجب أن يغادر أسوار حزبه المهدمة.. الأجدر أنْ يدرك الشعب أنَّ العمل السياسي بات، إمَّا وسيلة لكسب العيش أو مجرد ذكرى يتسلى بعض الساسة بها، على سبيل تجزية الوقت (مسك زمن).
والحال هكذا؛ من الغباء أن ينتظر الشعب السوداني مستقبلاً محمولاً على مثل هذا المشهد القاتم.. نحن شعب مستنير راشد ماذا ننتظر؟ من يقرر مصيرنا؟. غيرنا..
الأمر أصبح فرض عين.. ليس من سبيل لأي فرد في الشعب السوداني أن يخول التعامل مع الواقع لمحاسن الصدف أو مجاهيل الأقدار.. هي ضريبة إن لم ندفعها اختياراً سنخضع لأمرها قسراً وتحكم علينا بالعيش في كنف مستقبل مهين ومهان..
البخاري أطلق سراح نفسه فمن يطلق سراح السودان.
التيار