رداً على د. ربيع عبد العاطي : ?الإنقاذ?” وحطام الشباب،، من المسؤول عن حمل الشباب للهروب من الواقع بالانغماس في المخدرات؟

حليمة عبد الرحمن

رداً على د. ربيع عبد العاطي… ومحاولته تجاهل الحقائق
” ?الإنقاذ?” وحطام الشباب … “حساب الحقل والبيدر”
ـ أسألوا إحصاءات الهجرة عن المنهجية الحكومية لتفريغ البلاد من قواها المنتجة!
ـ من المسؤول عن حمل الشباب للهروب من الواقع بالانغماس في المخدرات؟
ـ بعد 24 عاماً من تطبيقات ” مشروعهم الحضاري المزعوم ” يفاجئوننا بسؤال : ما دهى الشباب؟
ـ ” كلي خبزك يا الَرفلة ” … المثل السوداني الذي يفسر حصاد ” ?الإنقاذ? ” من الشباب!

1.

ما دعاني للكتابة مرة أخرى عن تداعيات فشل المشروع الحضاري، الذي تطرقت إليه في مقالتي السابقة بعنوان “رحيل الحوت يفضح المشروع الحضاري ” (الراكوبة 19 يناير 2013)، هو تدافع بعض منسوبي المؤتمر الوطني ، كالدكتور ربيع عبد العاطي القيادي بالمؤتمر الوطني ، لتناول ظاهرة المد “الحوتي” الشبابي الجديد، ومحاولاتهم المستميتة لحصرها في نطاق ضيق من الشباب” الضائعين” ، وفي ذات الوقت عدم إخفاء خوفهم من تداعياتها المستقبلية.
الدكتور عبد العاطي، في مقاله المنشور بصحيفة النيلين الالكترونية بتاريخ (20 يناير 2013)، نقلا عن “الانتباهة”، عزا الظاهرة إلى غياب المنهج، الذي لم يحدد ماهيته، و الفراغ الروحي الذي بعد عن الجهاد وساحاته، كما نوه إلى أنه ربما تكون تلك المجموعات مهيأة لإحراق المجتمع وتدمير الأسس التي ورثوها عن السلف الصالح حسب تعبيره، بتصرف مني.
لا يختلف اثنان في أن الشباب يعاني مشاكل كثيرة ، تصل في بعض الأحيان حد الأزمة. لكن قبل أن أتطرق إلى تلك المشاكل أتساءل: متى فوجئ المؤتمر الوطني بمعاناة الشباب؟ هل كان ذلك بعد خروج “الحواتة” (انصار الفنان الراحل محمود عبد العزيز) المؤثر لوداع فنانهم ، ام عقب الإعلان عن حزبهم؟ وما هي خططه المستقبلية التي يعدها للشباب، خاصة وأنه قد برع لأكثر من ربع قرن من الزمان، في استعمال كل ما اتيح له من معاول الهدم على هذه الشريحة المجتمعية الهامة؟

2.

ليست لدي اجابة قاطعة على الاسئلة المطروحة عاليه، لكن لي ملاحظاتي وقراءتي للواقع التي أنوي بسطها على القراء الكرام. قبل ان اسرد بعضا من ممارسات ?الإنقاذ? تجاه هذه الفئة بصورة خاصة والمجتمع السوداني بصورة عامة، لابد من ازجاء الشكر للدكتور ربيع عبد العاطي لاعترافه، على علاته، بوجود مشكلة شبابية، رغم أنه لم يقدم حلولا فعالة تخاطب جذور المشكلة.
ماذا قدمت ?الإنقاذ? “للمراهقين”، بنوعيهما “الخمسينيين” (هذه من عندي)، و المراهقين ، خاصة وان كلتا الشريحتين شكلتا هدفا مباشرا لمشروعها الحضاري المزعوم، فالاول كان ضحية التمكين أو فائض العمالة، وبالتالي التشريد من الخدمة العامة ، بينما الآخر، عاش منذ أن اطلق صرخته الاولى في ظل اجواء المشروع الحضاري المتعسفة.

بكل أسف لم تقدم ?الإنقاذ? شيئا يذكر وانما كان برنامجها خصما على حاضر الشريحيتين ومستقبلهما واحلامهما. فبدل السلام قدمت الحرب، وبدل الاستقرار برعت في افتعال المشاكل. قدمت للشباب التعليم الشائه ، والمحسوبية، والعطالة، والاحباط،، والنزوح، والهجرة والحرب. أليس حرام أن يمضي الشباب ست وعشرين عاما من أعمارهم في حروب إنقاذية، تخمد هنا لتشتعل هناك؟ (10 ) في دارفور و (16) في احراش الجنوب ،كانت هي حصيلة غرسها في الشباب، حيث زينتها له بأنها جهاد، وساقتهم اليها سوقاً، ثم تصالحت فيما بعد مع أعدائها، فوقعت على اتفاقية السلام الشامل في عام 2005، التي مهدت لفصل الجنوب عام 2011. وبين هذا وذاك لقي البعض حتفه، ومن نجا منهم بحياته من الموت بالسلاح اكتهل وهو غارق في ازمات نفسية او تشوهات جسدية، جراء الحروب والدمار الذي لحق بالبلاد والعباد.

3.

ضيم مكرس، وفقر متوارث، وأجيال شهود عيان على آليات الحكومة العسكرية الضخمة، وهي تسوقهم سوقاً إلى جبهات القتال الجديدة في جنوب كردفان، والنيل الازرق. فكان في كل شارع سرادق عزاء، وفي كل بيت مفقود، أوأيتام أو أرامل أو ثكلى. والقى الوضع الجديد بعبئه النفسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي على الاسرة، واستقرارها. كما كان للشابة السودانية نصيبا وافرا من عنف الدولة، فمن “الكشات”، إلى الاقتياد قسرا إلى ساحات المعارك، وإلى الاغتصاب الممنهج، والضرب المبرح على رؤوس الاشهاد، والهجرة، والنزوح، اوضاع لم تحدث من قبل حتى في احلامهن.

4.

أوضاع تمس الشباب بصورة مباشرة وتضرب في عصبه الحي. أصبح الإخوة الذين يجمعهم الوطن الوأحد، والدين، واللغة، والمصالح المشتركة، اعداء، او فُعلت الآلة الإعلامية الضخمة لإستعدائهم. حكومة ورثت اكبر دولة في افريقيا حيث كانت تشكل لوحدها 8% من مساحة القارة، كانت غنية بخيراتها وبتفاعل شيبها وشبابها ولكن مزقتها شر تمزيق، وجعلتها تنحدر إلى المرتبة الثالثة في القارة من حيث المساحة.
حكومة تنفق على أمنها ودفاعها أكثر من 77% من موازنتها العامة، بل ربما تكون اول حكومة تعلن ?بلا خجل- اكتفاءها الذاتي من الاسلحة، التي لم تطلق منها رصاصة وأحدة ضد أجنبي، رغم تحرشاته المتكررة سواء في شمال السودان ، او شرقه، ورغم تقزم اطراف الخارطة السودانية. بل كان العدو هو الشعب، وكان مطلوبا من الشباب إبادة أهلهم، واقاربهم ، وحرق حرثهم، وضرعهم، ومراتع صباهم ، وذكرياتهم. والحال كذلك كيف لا يضيع الشباب؟

5.

كانت النتيجة الهجرة الجماعية للشباب المأزوم، هربا من الحروب، و الأوضاع المعيشية الصعبة، والعطالة التي فاقت نسبتها الـ(48%) ، و بحثا عن الحماية والأمان في الجواز الأجنبي ، فنجحت قلة وفشلت أكثرية. إلا إن ذلك لم يستثن كثيرين من ركوب المركب الصعب، فدق جهاز شئون العاملين بالخارج ناقوس الخطر وأعلن بأنه يستخرج يوميا ثلاثة الاف(3000) تأشيرة خروج (الراكوبة 31 اغسطس 2012). بعملية حسابية بسيطة نجد ان السودان يفقد تقريبا اثنين وسبعين الفاً من قوته العاملة شهرياً، و (سبتعمائة وعشرين سنويا). فإذا أصبح تعداد سكان السودان بعد انفصال جنوبه (32 ) مليون، وإذا قدرنا أن أعداد الشباب المنتج يساوي نصف السكان، أي 50 في المائة، وإذا لم تزد اعداد المغادرين عن الرقم المذكور ، فإن السودان بحلول عام 2034 سيكون خاليا من الفئات المنتجة. علما بأن جهاز المغتربين لم يذكر في خبره عدد التأشيرات التي كان يستخرجها سابقا؟ أو متى قفزت إلى الرقم المذكور؟ كما لم يقدم قراءة لمؤشرات المستقبل ومآلاته؟ والعجيب أكثر أنني لم ارصد حتى الأن أي رد فعل رسمي تجاه هذه الظاهرة! الامر الذي يشي بأن هذه الهجرة “مخطط لها” من خلف كواليس الحكومة، و هي ما دعت نافع للتبجح بثقة واطلاق احاديثه “المستفزة” للشعب بأن لحس كوعه أسهل عليه من الاطاحة بـ?الإنقاذ?.
ومما يؤسف له أن سبعين في المائة من المسئولين النافذين في الحكم هم رعايا دول أجنبية. آن الأوان (للوزراء الاجانب) ان يمدوا هم أيضاً السنتهم ساخرين من دعاوى المحاسبة الآجلة. فمن يحاسب اجنبيا ؟ مما لا شك فيه أن أول ما سيفعله (هؤلاء) هو الاحتماء بسفارات (أهل الكفر والشياطين ).

6.

دعاوى تحرير الاقتصاد ببيع المؤسسات وخصخصة ما تبقى منها لـ(أهل الحظوة)، كان لها تأثيرا مباشرا على الشباب واستقراره الاقتصادي والاجتماعي والأسري والنفسي. إكتنزت الثلة المتنفذة الذهب والفضة، فلا مصنعا أقامت، ولا دمارا اوقفت، ولا شبابا وظفت. بل كان الاستثمار “الجبان” سيد الموقف: امتلكوا المَزَارع و الشقق، المفروشة، والشاحنات، والمشافي ذات العناية الملكية “لمن ثقف جيبه”، والصيدليات، والرساميل المتجولة ما بين اقتصاديات آسيوية ناهضة، وبنوك أوروبية تليدة. وتنازل دولار جورج واشنطن (بصلعته) الشهيرة إلى دولار العكد “?الإنقاذي” الذي، قفز في رحلته الصاروخية في الفترة من 1989 إلى 2013 ، من أقل من عشرين جنيها إلى تسعة آلاف جنيه. (الطاهر ساتي، صحيفة الراكوبة 01-12-2013). إفتقرت المشافي إلى الادوية المنقذة للحياة، فقضى المواطنون نحبهم نتيجة ذلك. حتى الأطباء أنفسهم لم يسلموا من هذا الضيم، وذلك العوز، إذ لقى أحد الأطباء الشباب حتفه لعجزه عن سداد ثمن الدواء المقرر لعلاجه. ووضعت النساء الشابات أحمالهن في الشارع على مرمى حجر من المستشفى . علما بان نسبة وفيات الحوامل، والمرضعات في السودان، أعلى نسبة في العالم. وصار البندول من هدايا المغتربين المقدرة إلى أهلهم، أسوة بالثوب والجلابية والعمامة.
باختصار شديد، مأساة العلاج يلخصها الاستاذ الكبير في كلية الطب بجامعة الخرطوم، الذي دأب على الشكوى إليَّ كلما حملت أبنائي اليه للعلاج، وكيف أنه حاول أن يلفت انظار زملائه من المسئولين إلى تدهور المستشفيات، بسبب هجرة الاطباء العموميين الشباب، الذين صاروا يقبلون الخروج من السودان بفيزا تربية مواشي، حينما لا يجدون البديل الافضل، فيقعون فريسة لأرباب أعمالهم الجدد.

7.

لم ولن ينسَ الشباب ان “هي لله لا لسلطة ولا لجاه”، و”لا لدنيا قد عملنا” إنما هي مجرد شعارات أُريد بها شيئا آخر. أرسلتهم ?الإنقاذ? إلى ساحات الحرب ، بينما دخلت عناصرها إلى الاسواق، فجففتها. أعدمت الحكومة من اتهمتهم بالإتجار بالعملة، ثم برهنت الأيام فيما بعد بأن كبار مسئوليها هم تماسيح الأسواق، بما فيها أسواق العملة. قدمت ?الإنقاذ? فسادا غير مسبوق، لا يفرق بين اموال النفايات “الكُوَشْ-42 مليار جنيه” ، او المساجد، او اليتامى، او الأوقاف، او الزكاة. نافس السودان الصومال على المرتبة الاولى في الفساد واوشك ان يفوز بها (منظمة الشفافية الدولية 2012). هذا حصاد ما قدمته اياديكم “الطاهرة” للشباب : دروس مجانية عن الفساد وثورة التعليم، وتحرير الاقتصاد، الخ.

8.

وأقبل بعضهم على بعض يلومون الشباب ، وعن سوءاتهم يتغافلون!
ماذا قدمت الحكومة للشباب الرافض للاعراس “الاخروية”، ووعود “حورها العين”، مقابل ما قدمته موسيقى وغناء الراحل المقيم محمود عبد العزيز، أيقونة الحب، والحياة، والتسامح، والجمال؟ لم اجد اجمل من الوصف الذي قدمه الكاتب وليد عثمان في مقالته ” الجن يحارب الهوس”، في اشارة إلى الفنان الراحل محمود عبد العزيز، و المنشورة في صحيفة الراكوبة الالكترونية بتاريخ 24 يناير 2013، في وصفه لتأثير الموسيقى و البومات محمود الغنائية عليهم والتي اخرجها في منتصف تسعينات القرن الماضي.: ” وقتها لا تكاد تجد كافتيريا او حافلة مواصلات عامة لا تبث فيها هذه الالبومات وماحوته من اغانى ، لدرجة ان البعض يحكى ان مجندى الخدمة الالزامية كانوا يتسللون من المعسكرات للذهاب لأقرب مكان يستطيعون فيه سماع هذه الالبومات متمسكين بحبهم للحياة كان الشباب يستمع لمحمود وهو يغنى (رغم بعدى ) و( لهيب الشوق ) يعبر عن حنينهم وشوقهم لأهاليهم وأحبائهم ولمناطقهم ، (ظالمنى شوف)وهى تعبر عن ظلم وطنهم لهم ، ووجدوا فى ( عينى ماتبكى ) ملاذا يساعدهم على التماسك فى محنتهم ، ولقوا ( الودعوه ارتحلوا ) تعبر عن شوقهم للرفاق والحبيبات ولومهم لوطن لم يسال عنهم وعما يحدث لهم، فقد تعرضوا لمعاملات دعتهم للتمرد مرارا الأمر الذي أدى لقمع تلك التمردات بفظاظة ووحشية مثلما حدث في معسكرات ود الحداد والمرخيات والجزيرة أبا وجبل أولياء والقطينة والسليت والعيلفون ، وعما حدث لرفاقهم(169 طالبا) الذين قتلوا بالرصاص بسبب تمردهم بمعسكر العيلفون في أبريل 1998، وهربوا عابرين النهر – ولعهم كانوا فى أحدى عملياتهم المسماة ب(قد السلك ) ذاهبين لسماع اغانى محمود – فواجه أهل العصبة عملية التمرد هذه بالرصاص الحى ، فتوفى في الحال 169 طالبا إما متأثرا بطلقات الرصاص أو غرقا في النهر ولم يجر النظام تحقيقا في الأمر ،فكانى بنا وقتها كنا نرسل رسالتنا عبر وسيطنا محمودلأهلنا ووطننا (ليه يعنى خلونا مارسلو وسالو)”. انتهى.

9.

إلى يومنا هذا تكاد تكون المعلومات عن الذين قتلوا في الحروب ، من الشباب، أوغيرهم، مخفية في أضابير ?الإنقاذ? ، التي أصبح التستر على كل مصائبها، كالفساد وغيره، هو ديدن الحكم. آلاف الطلاب لقوا حتفهم في المعارك وآلاف أخرى تسببت الحرب في الأذى الجسيم لأجسادهم وعقولهم. وماذا كان حصاد من نجا منهم من الحرب؟ كان حصادهم العطالة، وعدم توفر مورد الرزق الذي كان يُعَوّْل عليه الوالدان اللذان، ربما ظلا ينفقان عليه من تعبهما، وكدها آملين أن “يكبر الصغار ويزيلون غبار الفقر والمرض والشيخوخة”، لكن جاء حصادهما قبضا للريح . عدم أمان عند دخولهم الحرب، وعدم أمان بعدها، حتى وإن سلمت أرواحهم من الموت. أليست هذه دعوة صريحة للهروب من الواقع بإدمان المخدرات كما ورد في تصريح وزير الداخلية السيد ابراهيم محمود المنشور بصيحفة “الراكوبة الالكترونية بتاريخ 04-16-2011 ، نقلا عن صحيفة الرأي العام.

وإلا كيف نبرر انتشارها في المدارس والجامعات، والإجرام، والحقد على المجتمع؟ ما هو تبرير الدولة لظاهرة عصابات النقرز التي لم يعرفها المجتمع السوداني من قبل؟

10.

أورثت ?الإنقاذ? بتشددها الإجتماعي والثقافي الشيب والشباب كل الأمراض الاجتماعية والنفسية التي نعاني منها الان. اذكر انها في بداية عهدها اتخذت سياسة ثقافية وفنية متشددة ، ولن تنسى ذاكرة الشعب أن قانون النظام العام الذي طال الاغنية السودانية بكرباج المشروع الحضاري في بداية عهد التمكين ، هو الذي أفرخ ما عرف بــ “تطهير الاغنية” وهو ما اسميه “سَرْوَلة الاغنية ” ( من سروال الصحفية لبنى احمد حسين والتي حكم عليها بالجلد عام 2009) . فبجرة قلم شطبت من لائحة البرامج الاذاعية والتلفزيونية تسعين اغنية، ليقابل المجتمع ذلك باغاني من شاكلة “آي ده الشغل” و”الساعة ستة مالو ما جا، شال ناس كوثر السكرجي ده” وراجل المرا” و” قلبك عشرة قيقا ” و” طاعِنِّي دايماً بى ورا “، و” الباع هواك أرصدو بس بيعو كاش ما تقسطوا!!! ” (معاوية يس، صحيفة الراكوبة، 01-19-2013 )، او و”…”، و”…”، وغيرها من الاغاني الأكثر سقوطا، و التي ليس بالامكان ذكرها هنا، تحشماً وتأدباً. لكن ذاكرة الشعب الفولاذية، كانت تقاوم التدجين ، وتعود دائماً إلى مخزونها القديم الثر، المعبأ بجمال موسيقى الايام الحوالي.

11.

الدليل على ذلك ان اعلاناً صغيراً على صفحتي في الفيسبوك، عن سماء الأغاني الممنوعة في بداية “العهد التمكيني”، حتى تدافع الشيب والشباب في تزويد بها، فلهم الشكر. احتجبت عن خارطة البرامج الاذاعية والتلفزيونية اغنيات “القبلة السكري” ، و”لاوحبك”، و”لا تسلني”، و”الوكر المهجور” لعثمان حسين، و”القمربوبا”، و “يا ناسينا” لوردي، و “أجراس المعبد” ، و”هل انت معى” لعبد العزيز محمد داؤد ، و “يا سقاة الكأس من عهد الرشيد” للفنان سيد خليفة، كسلا، و “سلمى” و”إنى أعتذرّ للفنان عبد الكريم الكابلي، و “البعبدا” للفنان كمال ترباس ، و”الجمعة في شمبات” للكاشف، وغيرها، حتى بلغ الرقم تسعين أغنية بالتمام والكمال، فضلا عن الأنباء المتواترة عن اعدام أجزاء كبيرة من ارشيف الاذاعة. إن محاربة الغناء ، الذي تراجعت عنه ?الإنقاذ? لاحقا كان محاربة للذوق السليم أو الحب الفطري الطبيعي العفوي للموسيقى والغناء.

12.

ماذا قدمت الحكومة للشباب في مجال التعليم الذي هو عصب التنمية والتطور؟ هل اقامت أركان التعليم الأربعة والتي حصرتها اليونسيف في التالي: التعلم للمعرفة، والتعلم للعمل، والتعلم للتعايش والتعلم لتكن ما تريد. (learning to know, learning to do, learning to live together learning to be). هل وفرت المنهج الدراسي العلمي، والمعلم والمدرسة ام ان الضرر مسها جميعا؟ للأسف فإن اولى مشاريع ?الإنقاذ? كان عسكرة” التعليم”، خاصة مرحلتي الاساس والثانوي. ففرضت منهجا تدجينيا لا يغذي عقلا ولا ينتج غلة، ولا يرعى خلا. بل لم تسلم المدارس من غول الجشع، فكان ان صودرت ميادينها لحساب الرأسمالية الجدد، وأوشكت المدارس ذات المواقع الأستراتيجية أن تتحول إلى مراكز تجارية، كما حدث مع مدرسة جبل اولياء الابتدائية النموذجية للبنات لولا تدافع الاباء والامهات لإفشال المخطط. ثم اختفى الكتاب المدرسي وظهر ليباع في “أسواق الحَرْ “. بل ان وزارة التربية والتعليم بكل تاريخها التليد ، صارت مجرد “مناولاتي” للشهادة الثانوية إلى معكسرات التجنيد أو “الخدمة الوطنية” كما اطلق عليها. وكانت الطامة أن اصبح القبول للجامعة والوظيفة العامة مقرونا باثنين، إلى جانب التمكين، اما خريج مدارس التجنيد او اخا/اختا لـ”شهيد”.

13.

التعليم الجامعي الذي كان مثار إحترام دولي، صار الآن منبوذا من كل الدول ليس لشيئ إلا لضياع هيبة التعليم وعدم إحترام الجامعات التي اصبح التمكين، والتجنيد للحرب أحد اسباب النجاح الأكاديمي فيها. وتزوير الشهادات صار امرا شائعا مما حدا بسفارات بعض الدول العربية لعمل فحص موازي للتحقق من صدقية الشهادات السودانية. جامعة الخرطوم تراجعت عن المركز الرابع إلى المركز رقم (13) افريقياً، ثم إلى المركز رقم 1394 عالمياً، وذلك وفق مجموعة لابورتوريو دي انترنيت. باختصار اصبحت الجامعات السودانية أوكاراً للعنف، والارهاب، والزواج العرفي، والمخدرات.( قوقلة) سريعة تكفي.
في بلد يرزح اكثر من (90%) من سكانه تحت مستوى خط الفقر، دخل التعليم السوق الاسود، ففتحت (ملجته) للرأسماليين الجدد، فانتشرت ظاهرة المدارس الخاصة العشوائية (الرأي العام 2 /5/2006) وما تبع ذلك. مما أدى إلى التمييز في التعليم بين ابناء الوطن الواحد . فصارت المدارس الجيدة التي يضمن الطلاب الدخول منها للجامعات هي المدارس الخاصة الموجودة في العاصمة، أما طلاب الأقاليم فصار حظهم ضعيفا في القبول للجامعات ناهيك عن المعاناة المعيشية الرهيبة التي تنتظرهم إذا ما أبتسم الحظ لأحدهم للدخول لأحدى الجامعات، وما أحداث جامعة الجزيرة المؤلمة التي راح ضحيتها خيرة الشباب من دارفور إلا عنواناً لهذه المآسي.

أما اوضاع المعلمين فحدث ولا حرج. فالمعلم الذي كان ملبسه من ارقى بيوتات الازياء العالمية ، وتغنت له الحسان في الايام الخوالي، ان “يا ماشي لباريس جيب لي معاك عريس، شرطا يكون لبيس ومن هيئة التدريس” صار “معلم الله”، “يهاجر من الخرطوم إلى وادي سيدنا” إلى صحن الفول، كما علق أحد ظرفاء المعلمين.
المؤسف والمخزي أنه للمرة الاولى في هذا العهد الكالح ، صارت مرتبات المعلمين تأتي بالعون الذاتي، كما ضجت المنتديات الالكترونية بـالنداء لـ”كفالة وجبة الفطور” للمدارس الابتدائية، ربما من “كرتة” المطاعم وعلى احسن الفروض “فضلات الصواني” المنزلية. معظم هذه المدارس تقع في ولاية الخرطوم حيث الرئيس “ينوم” والطائرة “تقوم” ولا عزاء لمن لم يسمع او يرَ. آخر المستجدات أن بعض المدارس في ولاية الجزيرة، و بايعاز من بعض المحليات، احتجزت حقائب الاطفال المدرسية ورفضت اعادتها لهم، ما لم يساهموا في زاد المجاهد. علما بان من يجاهد فيهم قد ذهب إلى غير رجعة.

14.

حدثتني أحدى قريباتي تعمل معلمة في إحدى المدارس الابتدائية، انه حين حضور أحد المشرفين التربويين أحدى الحصص معهن، يكون همهن منصبا في تكون ارجل الطفلات اللائي اتخذن من افخاذهن “تختة” مضمومة، حتى لا تنكشف عورتهن لعدم ارتداء معظمهن ملابس داخلية. حملت مقالة تتحدث عن الفقر وضمنتها هذا المشهد إلى أحد الصحفيين ?الإنقاذ?يين الشباب، فلم ينشرها بحجة انها ?اي مقالتي- تحتاج إلى ان تُسَرْوَل قبل نشرها. ولم ينشرها إلى يومنا هذا.

15.

واخطر ما في موضوع التعليم، اسناد مهمته إلى طلاب الخدمة الالزامية الذين كانوا يأتون إلى المدارس مكرهين ويغادرونها فرحين ، ثم كانت الضربة القاضية للتعليم باختفاء مراكز التدريب العريقة. فاختفى مركز بخت الرضا وانتهى دوره الفاعل في مجال المناهج، والتدريب، والذي أنشئ خصيصا لهذا الغرض عام 1944. تجدرالإشارة إلى أن المركز أخرج مجلة الاطفال بعد عامين من انشائه ، كاول إصدارة للاطفال في العالم العربي، وشرع في محو امية الكبار عام 1946 بقرية ام جر، إلى جانب العديد من الانشطة التربوية والتأهيلية.
وعن التعليم الجامعي حدث ولا حرج، فيكفي ان جامعة الخرطوم، درة الجامعات السودانية، قد تأثرت بسبب هجرة الشباب، فاضطرت إلى تعديل شروط تعيين الاساتذة للعمل بها، فقبلت بخريجي المعاهد، وهي المشهور عنها أنها رفضت عالما كبير للعمل بأحدى كلياتها العملية، بحجة ان شهادة (بكالوريوسه) غير مطابقة لمواصفاتها.

16.

في بداياتها الأولى، شجعت الإنقاذ هجرة الريف إلى الحضر، طامعة بذلك إلى كسب سياسي ذو مردود جماهيري سريع ، كانت في امس الحاجة اليه . فلما دق الريف أبواب المدينة بعنف ، وبعد أن أستقر الحال السياسي والمادي لأرستقراطيتها من الأغنياء الجدد ، بدأ التذمر والتعفف من غزو الريف للمدينة فهدمت المنازل، ودُفع بسكانها إلى أطراف المدن، حيث تنعدم الخدمات الاساسية. كل هذا والشباب يرى ويسمع ويؤثر ويتأثر ويعاني في صمت، ولكن إلى حين.
قد لا يدهشك وانت في طريقك إلى “سوق الناقة” غرب امدرمان ان تسمع وترى أن الحي الفلاني لا توجد به “اضان حمراء او زرقاء”، وغيرها من الملاحظات العنصرية. فـ”غبش” الامس صاروا راسمالية اليوم، ولعلهم لا يريدون ان تتأذى عيونهم برؤية مدن الصفيح.
إن كانت عين ?الإنقاذ? نائمة، فأعين الشباب الواعية كانت ترصد وتختزن في ذاكرتها المفارقات المجتمعية والصلف والعنجهية والتهميش. وكانت الحكومة لهم بالمرصاد، فإن دافعوا عن حقهم المكفول في البقاء الكريم، فإن نصيبهم المجازر او بيوت الاشباح او التهجير المخطط.

17.

حدثني أحد الشباب أن كرهه للانقاذ لم ينقطع يوما، بل يزداد ويشتعل أواره كلما رأى ابن الجيران “طيش” الفصل، يسكن أرقى البنايات ويركب أحدث موديلات العربات، ويتزوج مثني وثلاث (يتني ويتلت ونحن واحدة ما لامين فيها). قدمت الثلة الحاكمة عينات من المحسوبية والفساد غير مسبوقين. فسدرت في غيها وداست على كرامة الانسان، و عقت عرابها الذي علمها السحر، فصار الابن يعق أبيه والاخ اخيه. قدمت عينات من الفساد غير المسبوق والذي لا يفرق بين اموال المسجد او اليتامى او الغارمين او ابناء السبيل فكان ان صرفت الاموال في غير اوجهها، حتى الزكاة ركبت سرج الموجة وصارت لها مصارف أخرى.
باختصار قدمت للشباب درسا مجانيا على طبق من ذهب عن الفهلوة ?الإنقاذ?ية، واكاذيب ثورة التعليم، وتحرير الاقتصاد ، ضاعف ذلك، الاستهانة بموروثه الثقافي والقبلي والعقدي الذي اختفى عن الخارطة الاعلامية.

18.

ما سردته اعلاه نقطة في محيط العهد ?الإنقاذي”. تعاملت ?الإنقاذ? مع السودان تعاملها بعقليات اتحادات الجامعات من حيث “الحر المباشر” و الانفراد بالدورة الانتخابية للسيطرة على بقية المرافق، فكان أن عمدت جاهدة إلى محاولة”فرمطة” السودان، والغاء تنوعه، وتعبئة “هاديسكه” ببرامج “صياغة انقاذية قاصرة” ولكن دون جدوى. ارادت سلب الشباب طاقاته الخلاقة، بجعلهم فئران معامل لمشروعها، فكان ان ارتدت اليها بضاعتها البائرة من حيث لا تحتسب.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ربنا يكتر من امثالك انا اشتغلته 2009-2010مدرسة في ديوم بحري لو وصفت ليكم الوضع مابتوصف بعد دا حكو انو المتعافي ايام كان والي للخرطوم يمشي ويجي عايزا يشيله يحول موقف للعرابات او مستشفي لو ما الاهالي وقفو كان شالوها اسه وعمر المدرسة اسه حوالي 62سنة

  2. شكرا علي هزا الرد الموضوعي لعل هولاء المفسدون يفهمون ماخطه يراعك وماصار اليه حال البلاد والعباد

  3. الإنقاذ = قتل + فساد + ……..
    الانقاذ = كذب + دجل + ……..
    الانقاذ = خرافة + سرقة + لؤم و لحس كوع
    الحل : قلع الضرس المعفن من جذوره ، لا تفاوض لا كلام فاضي … الفجر الجديد بس ، بلا لخابيط بلا لمة

  4. لأنّ الحقيقة مؤلمة في كثير من الأحيان ، فمقالك يا حليمة مؤلم (صبغة يود فوق جرح)
    لا (تسرولوا الحقائق ) نحن نريدها – عريانه ميطي – سرولة الحقيقة هي ذر الرماد على العيون ، دفن الروؤس في الرمال ، استغفال للذات قبل الأخرين ، فلنتناول قضايانا بجرأة كما فعلت حليمة حتى لا ( ينوسر جرحنا ) أكثر مما هو عليه ، الرماد يا كرام لا يطفئ نارا لكنه يخفيها .

  5. لا فض فوك يا حليمة
    نعم هذا هو واقع بلادناالمرير ، بلادنا التي سرقها الانقاذيون وداسوا على كرامة أهلها، ما عبرت عنه يا أختي ليس هو واقع شبابنا فقط ، وإنما هو واقع كبيرنا وصغيرنا ذكرا كان أو أنثى ، لقد أضحت بلادنا مثل مخلوق مشوه ، ضاعت قيمتنا وأهدرت قيمنا، نسأل الله الفرج

  6. ان الذي يرفع عصا الشريعة دون ان يفكر في ان يرفعها على نفسه اولاً . .لن يصل الى خير ما
    هذا هو الوطع الأن فى السودان

  7. مشكورة حليمة السودان انتهى بسسب هؤلاء كل الشواهد تدل على ذلك وهم متمسكين بالبلد خوفا من المحاسبة وليس طمعا في خيراته حكومة هجرت شبابها لا خير فيها

  8. لك التحية والتقدير فى هذا السرد المنطقى والواقعى لمافعلتة الانقاذ بشبابنا وتدمير مستقبل البلد . ولكن سوف ينقلب السحر على الساحر , وهؤلاء الشباب هم الذين يقتلعون هذا النظام الفاسد

  9. اولا من بركات التمكين وايمان اهل القرى
    تنزل البركات من السماء بالمحاصيل الوفيرة والامطار الغزيرة
    واكل الناس من تحت ارجلهم
    واخرجت الارض ذهبها الى السطح واكل الناس ورفلو فى النعمة
    انها بركات الانقاذ
    ورضاء الله عن اهل السودان
    الله اكبر
    الحمد لله من قبل ومن بعد
    كم من مسكين اصبح ملياردير من الذهب

  10. زارت عمتى الاستاذة سكبنة خريجة كلية المعلمات بمدنى فى الستينات ومفتشة التعليم سابفا بولاية الجزيرة مديرية النيل الازرق سابقا زارت حفيدتها التى ندرس بمدارس القبس العالمية باركويت لكن المعلمة السابقة سكينة خرجت بانطباع محبط وقالت بالحرف الواحد انها كانت تنوى ان تقطع فرع من اقرب شجرة وتنزل ضرب فى المديرة والمدرسات لما وجدته من سوء تربية وادارة وخرجت من المدرسة تجهش بالبكاء حسرة على التعليم والمدارس والمدرسين وركبت الطائرة وهاجرت لامريكا لتلحق ببنتها الكبرى لتقضى معها ماتبقى لها من ايام

  11. تخيل يا صديق الحال النظام اسلامى الحكام احفاد الصحابة واندلسيون اصحاب علم ومعرفة ماهم بنى علمان او كفرة نحمدك يارب

  12. تساؤلات في مكانه أستاذة حليمة وشكرا لقلمك الحصيف ورصدك المنهجي.
    طبعا تم شن حملة شعواء على الحواتة من قبل أئمة المساجد الكيزان ومن يسمون نفسهم بالسائحين الذين أغلق في وجههم صنبور الفلوس والمتحذلقين أمثال ربيع عبد العاطي صاحب المقولة الشهيرة بأن دخل الفرد في السودان 1800 دولار (لا أدري عن أي فرد يتحدث؟). هؤلاء الشباب الذين “سرق” منهم جثمان حوتهم استطاعوا أن يقتحموا المطار ويوقفوا حركة الملاحة الجوية، إن كانت هنالك أصلا ملاحة جوية في مطار الخرطوم حيث لا تزيد عدد الشركات التي تحط به عن أصابع اليدين كثيرا. خوفهم كان من توجه هذا السيل العارم لمقارهم أو للقصر. الغريبة في ذلك الخميس التاريخي السابع عشر من يناير 2013م الذي يذكر للكيزان بالكثير كان ذلك الإعصار الشبابي من الحواتة مستعد للتحدي ولكن النظام استخدم آليتين فعالتين حتى الآن هما آلية الإعلام أولا حيث ركزت كل وسائل الإعلام على هذا الحدث وحاولوا الإيحاء بأن محمودا كان عنصرا في المؤتمر الوطني حيث أبرزوا له صور مع البشير ولقطات وهو يؤدي بعض الأغنيات الوطنية، حاولوا بكل السبل أن يقولوا أن محمودا قريب منهم. أما الآلية الثانية فكانت الآلية الأمنية حيث أخروا حضور الجثمان وهبطت به الطائرة في مطار الحجاج بعيدا مما كان يتوقع الحواتة ولم يطوفوا به إلى دار المهن الموسيقية أو إلى منزل الأسرة بل عجلوا بدفنه. كل هذا لأنهم يدركون تماما شعبية هذا الفنان الشاب الذي حطم معجبوه قبل شهر من ذلك مسرح مدني حيث كان ينتظره حواتته هنالك.
    الشباب يحبون محمودا لأنه كان أيقونتهم، فالشيوخ الذين يفتون في القنوات والهيئات التي تبيح زواج القاصرات والأئمة الذين يحللون الزواج العرفي لا يعنوا لهم شيء، هنالك طلاق بين بينونة كبرى بين الشباب الذي تعتقد الإنقاذ بأنها أدلجته والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عهد الإنقاذ. ما يعيشونه ويعايشونه يجعلهم يفقدون الثقة في أي مستقبل مع المحسوبية والتهميش والإذلال والفساد الذي عشعش على كل مناحي الحياة ولذلك فإن ربيع عبد العاطي وغيره من المؤتمرجية الذين يعيشون في أبراجهم العاجية المنهوبة من قوت اليتامي والأرامل والمشردين لا يعرفون وليسوا في وضع بأن يعرفوا هؤلاء الشباب لأنهم أصلا لم يثقوا بهم في يوم من الأيام، شردوهم في الجامعات، همشوهم في سوق العمل، كسروا ظهور من حاول فتح باب رزق له بالضرائب والجبايات، شجعوهم صراحة على ترك البلاد وحتى من كتب لوزير الداخلية بأنه يريد التنازل عن جنسيته السودانية خيروه بأن يأتي بجنسية بلد أخرى لنزعها منه، يعني ليس هنالك ثمة محاولة لمعرفة السبب الذي حدا بهذا الشاب لترك جنسيته. إذن ماذا يريد هؤلاء من الإنقاذ ومن عهد الإنقاذ غير توقع ما هو أفظع في الغد.

  13. الاخت الاستاذة / حليمة المحترمة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
    اولا وبكل صراحة انا اول مرة أقرأ لكي مقال (لاني لست من السياسين بل مواطن بسيط ) وكانت صدفة جميلة اني دخلت اليوم للراكوبة ولقيت مقالك الرائع القوي الشجاع وبكل صراحة اقوليك انتي صحفية مقتدرة بكل معنى الكلمة سواء في الوصف او السرد او الموضوعية التي امتاز بها مقالك وبالجد انا كنتا ماري مرور كرام زي كل مرة ولكن شدني العنوان وبالذات كلمة (رد) على د ربيع عبد العاطي فقلت لنفسي دعني اقرأ هذا المقال واشوف هل صاحبته سوف تكون على قدر التحدي ؟! وفعلا وجدت اقوى مقال بالادلة والوقائع والمآسي التي المت بوطننا الحبيب من هؤلاء القوم الذين دخلوا على حياتنا في غفلة من الزمن فدمروا الوطن وقسموه وعنصروه وباعوا اراضيه ودمروا الاسرة والطفل والتعليم والصحة وحتى السلوك الاجتماعي فصار المفسد في زمن الانقاذ ذكي ومفتح والساقطة كذلك حتى ان المحترم بات ينظر له على اساس انه متخلف ولم يواكب العصر والموجة .
    وطبعا لا استطيع ان اكتب مافعله اولئك الكيزان ببلدي فلقد كتبتي انتي ووفيتي ولكن ولأن اسلوبك موضوعي ويكفيك انك بدأتي بكلمة رد وجملة (حساب الحقل والبيدر) مما يؤكد على عقلية ذكية متحضرة ذات احساس وطني مرهف مما شجعني على الكتابة ليك وبرضو عشان عندي شوية اضافة ليك من باب حساب الحقل برضو .

    1- لو تلاحظي نظام الكيزان مما بدأ اخذ من حلفهاءه كل سيئاتهم وطبعا حلفه هو نفسه من يوم ظهوره (ليبيا، الجزائر ، ايران وسوريا ومن خلفهم روسيا) وطبعا لا يخفى عليك ان كل هذه الانظمة من اظلم واقمع واقسى الانظمة في المجرة كلها فلذا اخذا النظام من ايران الكذب بإسم الدين فرفع راية الدين واخذ من ليبيا حكاية اللجان الشعبية حتى يستطيع ان يأخذ شعبية فبدأ بتمييز رجال اللجان الشعبية ومن ثم ترقيتهم الى امنجية ، واخذ من النظام السوري البعثي فكرة الحزب الواحد الشمولي وطبعا اسلوب القتل والفساد هي الصفة المشتركة بينهم كلهم .
    2- ثم بدأ يعمل كما عملوا هم في بلدانهم بإزاحة كل من يقف في طريقهم بإسلوب القتل والقتل المريع حتى يرهب الشعب منه وفعلا قد نجح في ذلك ابتداءا من قلته لتجار العملة وكان حكم غريبا وعجيبا وقاسي ولكن لم يجرؤ احد على ان يبت ببنت شفه، وهو المطلوب ، ثم اعدم الشهداء الضباط ال 28 والناس قبايل عيد ولو تسألي نفسك ليه على ابواب العيد ؟ حتى يكون الخوف ممزوج بالدهشة والرعب منهم وان القتل عند هؤلاء القوم اسهل من حل الكلمات المتقاطعة .
    3- وطبعا سياسية التمكين دي موجودة في كل الانظمة سئية الذكر ، فبدأ بتصفية جميع اجهزة الدولة المدنية والعسكرية من رجال ونساء بحجة مايمسى بالصالح العام (الذي هو صالحهم براهم) فشرد الاف الاسر ونسوا ان قطع الاعناق ولا قطع الارزاق .
    4- ذكرتي في مقالك بأنهم باعوا المؤسسات الاقتصادية ولكن احب ان اؤكد لكي انهم باعوا التاريخ من اجل مصالحهم الخاصة ومن اجل المال ، وكلنا نعلم ان التاريخ لا يباع ولا يقدر بثمن ولكن هؤلاء القوم فعلوها وبأياد باردة ، وابتدأوا اول خصخصة فكانت مدرسة الخرطوم شرق الابتدائية (اول مدرسة ابتدائية في السودان بناها رفاعة رافع الطهطاوي على ما اعتقد) وجعلوا مقرها برج البركة الحالي ونقلوا هذه المدرسة التاريخية لحي بري ، ثم باعوا نادي ناصر الثقافي الذي يقع في شارع القصر مقابل لميدان ابوجنزير وجعلوه وزارة المالية والاقتصاد (لاحظي كلها امور متعلقة بالمال) وطبعا هم لايعرفون قيمة هذه المدرسة او ذلك النادي الذي كان يجتمع فيه صفوة ونخبة المثقفين والسياسيين في السودان ولو الشعب كان صاحي لما رضي بما فعله هؤلاء القوم فالحفاظ على التاريخ البشري مصان حتى من الامم المتحدة بل التدخل الذي حدث في افغانستان فقد بدأت شرارته من قبل احداث سبتمبر وذلك عندما هدمت حركة طالبان التماثيل التاريخية بغض النظر عن كونها كانت دينية ام لا ولكن لانها ارث بشري وكذلك مايحدث في مالي يجب احترامه ولكن الكيزان لايعلمون .
    5- عندما جاء الكيزان كانت الحياة الاجتماعية مزدهرة رغم الظروف وكانت النفوس بيضاء وكانت اللقمة بتتقسم على الجميع ولكن لاحظي الان من التدهور الاجتماعي الذي حدث للمجتمع ، فقبل مجيئهم ما كان اي احد يتجرأ ان يغازل بنت في حيها حتى ولو كان حبهم شريف فكان حدو اول ركن من بداية الحي ولكن الان حتى الاخ لا يتسطيع ان يسأل اخته من هذا الذي انزلك بسيارته او الاب لابنته او الزوج الا من رحم ربي ، والبفتح خشمو بنصيحة او بكلمة اعتراض يسمع مالايسره او يرى مايضره .
    6- قبل الانقاذ لم نكن نسمع بحاجة اسمها ملجأ واعتقد انه وحيد وفي الخرطوم ، وذلك لقلة الفساد الاجتماعي فكان الاطفال مجهولي النسب بالعدد داخل الملجأ ولكن الظاهرة انتشرت حتى اصحبت مخيفة ومريعة ولكنها كحل اولى بقت طبيعية وكله بسبب الكيزان (السيئة لمن تنتشر تتغير النظرة والبوصلة لها فتكون عادية).
    7/ ازاح النظام كل الكوادر الخبيرة في كل المجالات المدنية والعسكرية وذلك لملأها بأفرادها حسب الخطة الخمسينية فلا تستعجبي فهؤلاء الكيزان كانوا يبنون لمثل هذه الايام وبيني وبينك واتحداكي تلقي ضابط واحد في القوات المسلحة مامنهم من ملازم لحدي فريق ، فأول مرة في تاريخ السودان يقصى الافراد والرتب الدنيا في الجيش او الشرطة وكانت الاقصاء قبلهم للرتب العالية فقط ، ولم يكن ضباط الجيش او الشرطة جزء من سياسة او نظام ولكنهم الان قوات المؤتمر اللاوطني وكذلك البوليس .
    وطبعا هذا فيض مما فعله الكيزان ببلدي الحبيب ولكني لا اريد ان اطيل عليك اكثر من ذلك ، وبكل صراحة حبيت اشكرك انك قدرتي تخليني اكتب بما اشعر به من ظلم تجاه ابناء بلدي رغم اني محاسب ولست صحفيا او شاعر او ماشابه ولكني شعرت براحة شديدة وحسيت بالجد اني دردشت معاك واتأسف جدا اني اطلت عليك بس اسلوبك هو الاجبرني اكتبليك وياريت نشوف مثل ابداعك هذا دائما والله يوفقك ويحميك من اعداء الوطن والدين الكيزان لهم من الله مايستحقون .

  14. بقية اوجه الشبه بين الكيزان وحلفاءهم :

    التناقض التام مع شعاراتهم فلو تلاحظين الى سوريا مثلا ونظامها البعثي الذي يدعو الى العروبة والوحدة العربية المشتركة فعندما قامت الحرب العراقية الايرانية في نهاية السبعينات كل الدول العربية وقفت بجانب العراق ماعدا سوريا وليبيا فالنسبة لسوريا اين ذهبت عروبتهم ليقفوا مع ايران ؟ بل والادهى من ذلك ان البلدين جارين وعربيين بل يحكمهما حزب واحد في البلدين في نفس الوقت وهو البعث لذا لن تجدي أي عذر منطقي لوقوف حافظ الاسد مع الخميني الا الطائفية ، وعندنا كان السودان في ذلك الوقت تحت حكم النميري (الله يرحمو) الذي وقف مع العراق واغلق سفارة ايران لدى السودان فكان موقف مشرف يحمد له .

    لو نعود للحرب مع الجنوب وتاريخها سنجد انه من ايام الخمسينات ومنتصف الستينات كان الجنوبيون يهاجرون لدول الجوار مثل يوغندا وكينيا ولكن بعد توقيع اتفاقية السلام عام 72م التي دامت لعشر سنوات وهي الفترة التي كانت لتداخل الجنوبيون مع الشمال لذا عندما قامت مرة اخرى في 83 م لجأ الجنوبيون الى الشمال ولم يذهبوا الى الدول المجاورة الاقرب جغرافيا لهم بل تعمقوا في الشمال لإحساسهم الوطني بأن كل السودان بلدهم وهؤلاء اخوانهم الى ان جاء هؤلاء الكيزان الى السلطة فعلموا ان الجنوبيون سوف يكونون عقبة كبرى في مشروعهم الحضاري الضال المقصود منه الاستيلاء على البلد كاملة فلجأ النظام الى الخطة الخمينية وهي اللعب باسم الاسلام فقام الكيزان بأسلمة الحرب عن قصد حتى يشعر الجنوبيون بأنهم منبوذين في بلدهم بل ويقام عليهم مايسمى بالجهاد زروا وبهتانا مما جعلهم يفضلون الانفصال عن بلدهم الاصلي الشمالي وكله يرجع للكيزان .

    اما بالنسبة لدارفور فكلنا نعلم ان مشكلة دارفور قديمة متجددة تقع بين الرعاة والمزارعين وطوال عقود كان يتم حلها بين نظار القبائل والعمد، ولكن دخل الكيزان في الخط فحاربوا الجزء الرطاني من دارفور ودعموا ووقفوا مع العنصر العربي وتناسوا ان هؤلاء الرطانة ناس سودانيين بل ومن اكثر قبائل السودان حفظا للقرآن فأين ذهب اسلام الكيزان وهم يقتلون ابناء دارفور (زغاوة ومساليت وفور) المسلمين (هل سمعتي في حياتك انه تم القبض على أي فرد من هذه القبائل زاني او شارب خمر؟) اولم يسمع الكيزان بالحديث الشريف (لزوال الدنيا ومافيها اهون عند الله من قتل مسلم) ولكن الكيزان قتلوا الالاف المؤلفة من هؤلاء المساكين بدم بارد ونسوا قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ( 93 ) فأين سيذهبون من الله ؟

    ونفس الشئ فعلوه مع اهلنا النوبة وفي النيل الازرق وكل هؤلاء ناس مالهم في دنيتهم غير خبة وكسرة وحفظ القرآن فياويل الكيزان من عذاب ربهم .

  15. My endless respect to this lady first of all and appreciate the efforts she have exerted in writing this article. Unfortunately I was not at any time a fan of Mahmoud ?may Allah bless his soul? simply because I am too old to listening to one his music unfortunate. I started listening to his music after his dejected death, mainly one song ?Khofa Al-Wagga, hope I wrote right? Where I came to discover that lad was quite a gifted person. In respect to the article, as I have said it was well written, but unfortunately nothing in it is new. All of us are quite aware of the havoc which took place during these 23 years, and sure what have taken place on our beloved Sudan is of no match anywhere in this world. Corollaries are what we see now. What this despicable regime has done is beyond imaginations, and sure all this was planned diligently and didn?t come out of the blues, vile in every meaning, abhorrent in every move, needless to continue on this pattern, because I can keep writing forever. Still I can?t disregard that all of us have contribute to this devastation in a way or another! Allowing such a regime to last that long sure because of our negative attitude for not standing affirm against this mess, in other words all the people of Sudan have contributed in a way or another to prolong and extend the life of this regime? The most crucial question I would like to ask right now, what all of us are going to do to eradicate this gang?, and how the repair will be??. I don?t want to sound skeptical , but from where I stand, I cannot see any light at the end of the tunnel regrettably!! Simply I see damage beyond repair, hope I am wrong??

  16. ورد بمقال للاخ بكري الصايغ ـ براكوبتنا الظليله قبل اسبوع ـ معلومات خطيرة عن كيف تدار احدى البنوك الرائده ببلادنا بايدي اجانب .
    يورد الصايغ اسماء هؤلاء مع عرض جنسياتهم (اغلبية فلسطينية /في الغالب حمساويين) وهم :
    1ـ أردني/فلسطينى: فادى الفقيه ـ المدير العام ، وقد حصل على الجنسية السودانية مؤخرا .
    2ـ أردني/فلسطينى: خالد زاده ـ مدير الخزانة والعلاقات الدولية
    3ـ أردني/فلسطينى: يعقوب الظافر ـ مدير قطاع الشركات
    4ـ أردني/فلسطينى: فؤاد البهو ـ المدير التنفيذي للعمليات
    5ـ أردني/فلسطينى: حسام المصرى ـ مدير الرقابة الماليه
    6- أردني/فلسطينى: رائد عزب ـ إستشارى التسويق
    7ـ أردني: صالح قدري ـ مدير مشاريع تقنية المعلومات
    8ـ باكستاني: كاشف النعيم ـ مدير قطاع الأفراد والتمويل الأصغر
    9ـ باكستاني: فهد الصديق ـ مدير التسويق
    10ـ باكستانى: عمر المدنى ـ مدير العمليات المصرفية
    11ـ مصرى: أيمن الشلجاني ـ مدير الفروع
    12ـ سوداني/كندي: فيصل فضل ـ نائب المدير العام
    13ـ سوداني/أمريكى: خالد عثمان ـ مدير تقنية المعلومات
    و فادى الفقيه يبلغ من العمر 39 عاما وجاء للعمل ببلدنا فى عام 2007 ونتسال عن خبراته العظيمه والفذه غير المتواجده في شباب و أبناء السودان والتى تخول له الحصول على راتب شهرى يفوق الخمسون ألف دولار أمريكى بخلاف المصاريف الشهرية الشخصية والسنوية التى يتحملها البنك نيابة عنه لتغطية مصاريف تليفونات منزله وحراسة منزله وخروج ودخول عبر صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم ومصاريف مدرسية لأبناؤه تفوق خمسة وعشرون ألف دولار سنويا لكل إبن من أبناؤه بخلاف السيارة المرسيدس بالسائق الخاص والسيارة الكروزر وسيارتين أخرتين لخدمة الأولاد والمنزل ولكم حق التحقق من ذلك) انتهى كلام الصايغ

    ونحن نضيف ، ان الوظائف الـ 13 هذه وغيرها في البنوك الاخرى والمخصصات المهولة في هذا البلد الجعان لهؤلاء (الخبراء) المستوردون ، اعضاء حماس وتنظيم الاخوان العالمي
    كيف لا تجعل شباب هذا البلد المنكوب ، يتحولون لهكذا شباب ضائع ؟؟؟؟
    وللمزيد من التفاصيل المؤسفه تابع بقية مقال الصايغ على هذا الرابط (مع تحذير لمرضى الضغط والسكري بعدم الدخول)
    http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-29650.htm

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..