الشوارع لن تخون: ما نحتاجه أكبر من (فحم سليقة)

في السبعينات من القرن الماضي إتخذ الرئيس نميري قرارا جمهوريا بضم حفرة النحاس لمديرية جنوب دارفور.. مما اثار استياء وغضب أبناء الجنوب على نطاق واسع..
خرجت المظاهرات في جوبا وفي مدن اخرى منددة بالقرار.. بينما الطلبة المتظاهرون يجوبون الشوارع مطالبين بإلغاء القرار واتجهوا نحو منزلنا.. لحظتها والدتي طلبت من شقيقي معتصم الملقب ب (سليقة) الدخول الى المنزل واغلاق الطبلية ..
رفض سليقة الانصياع لطلب والدتي وقال لها: انهم اصدقائي وزملائي في المدرسة.. لن يؤذوني اطلاقا..
سليقة متعمق في المجتمع الجنوبي بصورة مطلقة وفريدة.. لدرجة أن الجنوبيين اطلقوا على ميدان في حي نمرة 3 (ميدان سليقة)..
فعلا اقتربت المظاهرة ناحية منزلنا.. وسليقة جالس امام طبليته مطمئن (24 قيراط).. فاذا بالمتظاهرين يحيون سليقة مهللين ويهتفون: سليقة جيب فحم .. سليقة جيب فحم..
رأيت من خلال شباك الصالون المطل على الشارع شقيقي سليقة وهو يرمي لهم اكوام الفحم الى ان نفد من عنده المخزون.. وكانوا يتناولون الفحم سعيدين فرحين الى ان غادروا ..
فحم سليقة الذي استلمه المتظاهرين كان الغرض منه كتابة الشعارات المضادة لحكومة النميري لضمها حفرة النحاس على جدران المنازل والمصالح الحكومية..
اليوم أيها السادة اجترت (ذاكرة السمكة) موقف سليقة النبيل هذا.. فعندما مرت مظاهرات 16 فبراير بشوارع العاصمة المختلفة لم يتخوف اصحاب المحال التجارية مطلقا بل تركوا محلاتهم مفتوحة ومشرعة الابواب لم يتوجسوا ان تسلب او تنهب.. بل كانوا يحيون المتظاهرين على نحو ما فعل (سليقة).. لانهم يرون في جحافل المتظاهرين الهادرة التى تمر امامهم انها السبيل الوحيد للخلاص من مشاكل البلاد المتفاقمة والمعقدة.. وتعيد لهم الحرية المسلوبة.. والامان المفقود..
ايها السادة:
اؤكد لكم لو طلب المتظاهرون من أصحاب المحلات ما هو اغلي من (فحم سليقة) لاستجابوا لهم في الحال وفي رمشة عين وبخاطر طيب..
ايها السادة:
ما نحتاجه اكبر من (فحم سليقة).. ما نحتاجه ان يكون الجميع (جوة الجك) وفي قلب الحدث.. والهتاف الصاخب يملأ الافق ضجيجا (الشعب يريد تغيير النظام)
لك التحية مقالك جميل ومعبر ولا يخلو من فكاهة
لك التحية مقالك جميل ومعبر ولا يخلو من فكاهة