الأزمة السودانية

ليس صحيحاً ان الأزمة الحالية التي يعاني منها الشعب السوداني أزمة اقتصادية ، وليس صحيحا كذلك أنها أزمة سياسية تمظهرت في ثوب فشل اقتصادي كما يقول بعض المثقفين وأهل السياسة ، الحقيقة أنها أزمة شاملة لا يستثني منها أي مجال من مجالات الحياة في السودان ،لذلك التشخيص السليم يقود الي العلاج الصحيح ، والتشخيص الخاطئ يقود الي استفحال الحالة وزيادة أوجاع المقهورين ، أي شخص يجسد حل هذه الأزمة في ذهاب النظام الحاكم يعيد من حيث يدري او لا يدري ، دائرة الفشل التي ظللنا ندور فيها منذ ستين عاماً ، ليس علماً بالغيب ولكن بإستقراء التاريخ السوداني يمكن القول بكل وضوح ، اذا تغيرت معادلة الحكم في السودان وجاءت المعارضة الحالية للسلطة عبر ثورة او انقلاب عسكري لن تحل الأزمات السودانية ، اذا بقي هذا النظام ستظل أزمات الوطن تحديداً الاقتصادية منها .
شعار التحرير قبل التعمير الذي أنتجته النخبة السودانية الاستقلالية ، ثم تحررت البلاد ولم تعمر حتي اليوم ، يعاد إنتاجه من جديد في هذه الأيام ، تحت تصور قديم وتفكير كسول ، دعهم يذهبوا ثم ننظر كيف تحل أزمات الوطن ، والصحيح أنهم أهل السلطة الحالية جزء من الأزمة وليس الأزمة كلها ، سيسقط هذا النظام عاجلاً او اجلاً مثل سنديانة عجوزة انقطعت عن جذورها ، المنطق والتاريخ وطبيعة الأشياء كلها تقول أنه لم تدم سلطة في التاريخ ، ذهبت أعتي الامبراطوريات والممالك حتي سلطة الخلافة الراشدة ذهبت ، سيذهب هذا النظام و ستأتي طائفة اخري وستمارس ذات الفشل او أسوء منه .
لذلك قبل وقوع الكوارث يجب ان نبحث عن صيغة جديدة تتجاوز هذا الواقع المأزؤوم بسلطته ومعارضته ونخبته التي أدمنت الفشل وما تزال مهووسة بالسلطة كشبق لا شفاء منه ، يستوي في ذلك الذين هم في داخل السلطة ، والذين يبحثون عنها علي أجساد الضحايا ، من الغباء أن نكون مطية لنخبة ظلت تتوارث الفشل لأكثر من ستين عاماً ولا تزال ، لم نجني منها سوي الفشل المخجل ، مارسوا علينا الخداع كما يقول جورج أوريل في روايته 1984 ، لم يكن المطلوب وعي سياسي عميق بل المطلوب وطنية بدائية يتم اللجوء إليها حين يستلزم الأمر ، هكذا فعلت بنا السلطة الحاكمة ، وهكذا تفعل بنا المعارضة.
علي عثمان علي سليمان
[email][email protected][/email]