المؤتمر الوطني سياسة الرمق الأخير وسوء المصير

إن الكون وعناصره المكونة على مدى تشعبها تجرى لمستقر لها (لكل بداية حتما نهاية) ذلك ‏تقدير العزيز العليم ؛ وكل دور إذا ما تم فنقصانه ؛ إلا أن ناس الإنقاذ ظلوا يتوهمون مرارا ‏بأنهم خارج هذا السياق الحتمي (لكل أجل كتاب) ؛ تراهم لا يتورعون من ذلك في مسعى ‏لتغيير جلودهم وفق سيناريوهات عبثية باتت مكشوفة ومفضوحة لدى الشعب السوداني الذى ‏أضحى أكثر وعيا من أي وقت مضى . ‏
‏ وكما أصبح هذا الشعب الأبيٌ أكثر عبقرية وإدراكا بأن الأوطان أعظم من أن تكون شظايا .. ‏وأكرم من أن تسخر الاديان فيه مطايا .. ‏وأكبر من يحكموها بغاث الطير الرزايا ..وأنبل من ‏أن تسود فيه العيوب على المزايا .. وأنزه ‏من أن تُحال فيه سمح العادات وكريم المعتقدات إلى ‏خطايا .. وأشرف من أن تكون فيه ‏الحرائر سبايا .. وأرفع من أن تكون فيه الحقائق خفايا .. ‏وأسمى من أن يخصص فيه المال ‏العام للذوات سرايا . ‏
‏ إن مفاد ذلك فإن كافة الفرص أمام ترشح البشير لفترة رئاسية قد تضاءلت تماما .. في منحى ‏أول : لأن البشير لم يعد الشخصية المناسبة للمرحلة الدقيقة الحرجة التي تمر بها البلاد داخليا ‏وخارجيا؛ في منحى ثان مهم : لم يعد البشير محل رضا لدى الشعب السوداني وعاد البشير ‏بعيون الشعب السوداني مجرد (مظلة ) ينضوي تحتها كافة المفسدين والمجرمين وأختزل دور ‏البشير فحسب في كونه حاميا لهؤلاء المفسدين وظهيرا لدينك المجرمين . في منحى ثالث أهم ‏‏: حتى قادة منظومة البشير بالنسبة لديهم ما عاد البشير هو الخيار الأفضل لولج المرحلة ‏المقبلة كممثل لهم في رئاسة سدة الحكم . انتبه ‏‎:‎‏ ( في حال فساد الرأس فسائر الجسد لا يجدى ‏نفعا ). ما معناه إن هؤلاء قد استصدروا أحكاما بشأن عدم صلاحية رأسهم ورمز قيادتهم ‏‏”البشير” لقيادة السودان في المرحلة القادمة .. فيا ترى كيف يكونون هم الآخرون قديرون ‏وجديرون بذلك ؟!!.‏
وعليه فإن مدى إصرار هؤلاء على البقاء في سدة الحكم أو الاستمرار فيه يعنى الآتي : ‏
اولا : يعنى ذلك ذلك خرق القانون وانتهاك بنود الدستور وغياب التعددية الحزبية الحقيقية .‏
ثانيا : يؤسس ذلك لإرساء دعائم عزل السودان عن محيطه الخارجي (إقليميا ودوليا ) .‏
ثالثا : يمكن ذلك من تمتين قبضة فرض الوصاية الدولية على السودان (اليوناميد) . ‏
رابعا : يؤكد ذلك الاستمرار فى سكة الفشل وتكرار الفشل إلى درجة إدمان الفشل .‏
خامسا: يعنى ذلك استمرار تدهور وانهيار الاقتصاد الوطني كليا .‏
سادسا : يعنى ذلك موصلة استشراء الفساد فى كل مفاصل الدولة وبوادر العبث بالمال العام ‏‏.‏
سابعا : يثبت ذلك غياب معالم الحكم الراشد وتلاشى ملامح دولة القانون والمؤسسات .‏
ثامنا : يؤسس ذلك لتغييب معايير الشفافية والرقابة والمحاسبة والمساواة والعدالة .‏
تاسعا : يعنى ذلك ازدياد معاناة الشعب إثر ارتفاع تكاليف معاش الناس وإضاعة ‏الحريات ‏والحقوق الأساسية بل ومزيد من الإقصاء والتهميش والتشريد.‏
عاشر : يعنى ذلك استمرار الحرب وتنامى ارتفاع فاتورة الحرب وإزهاق الأرواح من بنى ‏الشعب ‏الواحد .‏
‏ وعليه وبناء على ما تقدم نجد أن الرئيس البشير وأشياعه زهاء الثلاثة عقود من الزمان ‏قد ‏عجزوا تماما عن عن إحداث أي اختراق إيجابي يذكر بشأن تلكم البنود العشرة ؛ فكيف ‏يكون ‏حريا بالبشير أو من يريد أن يخلفه في الحكم من بنى جلدته تحقيق ذلك في غضون خمس ‏سنين تالية ؟!!. ولو أُعطى البشير وقادة منظومته مثل ‏ما قضوا من فترة في الحكم لما ‏استطاعوا فعل شيء يذكر لا للوطن ولا للمواطن (فاقد الشيء لا ‏يعطيه ) .‏
‏ والشاهد إن :‏
‏ # برنامج الحركة الاسلامية (المشروع الحضاري) قد استنفد كافة أغراضه ولم يجدى شيئا ‏نفعا ‏بل وقد أحاق بالسودان وأهله وجيرانه كل الضرر .‏
‏ # وبرنامج الإنقاذ (السودان سلة غذاء العالم) قد باء بالفشل تماما وصرنا مصدر مجاعة ‏الأمم ‏‏.‏
‏# برنامج حزب المؤتمر الوطنى الحاكم : كما يحلو لهم نعته بـ (حزب قائد لوطن رائد ‏‏).. ‏وحاله يحكى تماما (جواد بلا فارس وليس فارس بلا جواد ) أيضا برنامج المؤتمر ‏الوطني ‏المرحلي (الوثبة ) أضحى أكبر (كذبة ) على مر تاريخ السودان الحديث .‏ ‏
‏# حتى الحوار الوطني لم يعد حوار حقيقيا شاملا لكل ألوان الطيف السياسي في السودان ؛ ‏الأمر الذى أقعد مسيرة الوفاق الوطني في البلاد وإنهاء إحداث أي اختراق إيجابي يذكر بشأن ‏ذلك .لأن القوى السياسية المنضوية تحت مظلة الحوار الوطني تعانى قصر نظر سياسي ‏وضيق أفق دون مستوى الهم الوطني الرفيع الواسع . ‏
وبناء على ذلك ألم يكن من الإجحاف الوطني بمكان السماح للبشير ووثبا فوق ‏القانون ‏والدستور وفوق الإرادة والمسئولية الوطنية بل والتاريخية الترشح لدورة تالية ؟!!.‏
‏ إن الذين يؤيدون ترشح البشير لدورة رئاسية تالية تغلب عليهم النزعة العاطفية ‏والسذاجة ‏وضيق الأفق ونزوة حب الذات وليست لهم دراية بالأمور وبواطنها وبالأحرى يمكن ‏نعتهم ‏بأنهم ثمة أبواق هائمة تهلل باسم البشير وهى كأي سائمة توجه كيفما شيء لها كما ‏تسيطر ‏عليهم نزعة المداهنة والتذلل والتطبيل . ‏
إذن لم يكن أمام الرئيس البشير إلا توخى الحكمة وإعمال صوت العقل كى يخرج من ‏السلطة ‏عزيزا من غير إذلال والعاقل من يتعظ بغيره ..وليس مداهمة الخطر أو رهن النفس ‏لذات ‏الخطر ومن الغباء الإصرار على ذلك أو البقاء على سدة الحكم رغم ذلك .‏

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..