مقالات سياسية

المتسولون في الخرطوم

أول أمس وفي مؤتمر صحفي بسونا كشف المدير العام لوزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم محمد محمد صالح، عن وجود (3700) متسول بالولاية، ونوه إلى أن (85%) من المتسولين بولاية الخرطوم أجانب، من جملة عدد المتسولين البالغ عددهم (3700) متسول، أي إن عدد المتسولين السودانيون في الخرطوم حوالى 300 فقط، وهذا كلام غير صحيح ولا يمكن تصديقه، فهذا الرقم أقل من عدد المتسولين الموجودين في سوق أم درمان وحده، وعليه هذا الرقم (منجور نجر عديل كده) لأنه في قبل عدة شهور، كشفت وزيرة الرعاية الاجتماعية ?أمل البيلي? عن قيام وزارتها بحملات ضبطت خلالها 4782 متسول ومتشرد بالعاصمة وحاكمت 867، وتم لم شمل 614 بأسرهم وهذا يعني إنهم سودانيون، وأعلنت عن شروع الحكومة في صياغة قانون اتحادي للتشرد والتسول المنظم، وقالت إن الخرطوم ظلت تتحمل عبء المشردين والمتسولين لوحدها باعتبارها العاصمة، واعترفت سيادتها أن السبب في انتشار الظاهرتين زيادة معدل الفقر في الولاية والذي أرجعته إلى استمرار التدهور الاقتصادي وزيادة نسبة البطالة ومعدلات التضخم، وهذه الأسباب ما زالت مستمرة ومستفحلة مما يعني ان العدد مرشح للزيادة وحتى وإن كانت الرعاية الاجتماعية تقوم بعمل فهي كأنها (تفخ في قربة مقدودة) بسبب عدم معالجة المرض الاقتصادي الذي يؤدي إلى التسول والتشرد. السؤال الذي يفرض نفسه كيف حسبت وزارة الرعاية الاجتماعية عدد المتسولين؟، فهي قبل أربعة أشهر ضبطت منهم عدداً كبيراً وفرقتهم بين السجون ولم الشمل، إذاً ما سبب ظهور هذا الرقم في هذه الفترة القصيرة وهل هم نفس المتسولين أم وجوه جديدة؟، فإن كانوا هم أنفسهم فهذا يعني أن علاج وزارة الرعاية لم يكن سليما، وان كانوا وجوهاً جديدة فالظروف سلفاً مهيأة لظهورهم كل يوم في ظل الغلاء الطاحن وارتفاع الأسعار الذي يحدث على رأس كل ساعة، وما نراه في الشارع يؤكد إن عدد المتسولين يتجاوز العشرة آلاف. عموماً أعتقد أن وزارة الرعاية الاجتماعية ليس لديها منهج علمي تتبعه لمعالجة المشاكل الاجتماعية وقياس النجاح بصورة مؤكدة ودقيقة، ويبدو انها تهتم (بالظهور الإعلامي) كعادة كل الوزارات، فنحن جزء من المجتمع ونشعر بكل إنجاز حقيقي تقوم به أية مؤسسة، ولم نشهد يوماً أن الرعاية الاجتماعية تؤدي عملاً يؤثر على المجتمع، خاصة وأن علاج القضايا الاجتماعية يحتاج قدراً كبيراً من المتابعة والاستمرارية، فهناك متسولون عمر وجودهم بالشارع أكثر من 20 سنة، وهناك أسر كاملة تحترف التسول وطلاب مدارس، فالتسول أصبح مهنة لكثيرين خاصة وأن الحكومة انشغلت بنفسها لدرجة انها لم تعد ترى الشارع وهو يكتظ بالمتسولين والمشردين والمجرمين وغيرهم. لن تسطيع وزارة الرعاية الاجتماعية إيجاد حلول للتسول ولن ينقص عدد المتسولين ان لم تتبع الطرق العلمية السليمة، وإن لم تكن الدولة مهتمة بمعيشة الناس وأوضاعهم الاقتصادية.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..