كيف يؤثر “تعويم الجنيه” على الأسعار؟

منصة حرة

السودان بوضعه الاقتصادي الحالي لا يملك الكثير من الخيارات، ومسالة تحرير سعر صرف الجنيه هي ضمن الكبسولات التي يقدمها صندوق النقد الدولي للحصول على قروض.
وهناك طريقان لتحرير سعر الصرف، أحدهما التعويم والثاني الخفض التدريجي، والحكومة اختارت الخفض التدريجي عبر برنامج “نطاقات”، ونجاح التجربة مرهون بقدرة البنوك على توفير العملة الأجنبية باستمرار، وإلا سيلجأ الأفراد والشركات إلى السوق السوداء مرة أخرى، والمشكلة الآن ليست في تخفيض قيمة الجنيه، فالاغضاضة في تخفيض قيمة العملة، هي سياسة اقتصادية تلجأ إلى كثير من الدول لأسباب مختلفة.
ولكن ما يهمنا هنا هو نجاح هذه التجربة من عدمها، وتأثير هذا الخفض التدريجي على أسعار السلع، وهنا علينا أن نفهم قضية مهمة جدا، لكي نستطيع قياس نسبة النجاح والفشل، إضافة إلى فهم آلية التطبيق، حتى لا يأتي مسؤول ويصرح تصريح لا علاقة له بالمسالة الاقتصادية، ونشير هنا إلى تأثير هذه السياسة على أسعار السلع المستورة، لأن أكثر من 90 في المائة من السلع الأساسية والكمالية يتم استيرادها من الخارج، وبالنتيجة كان القطاع الخاص في السابق يشتري “الدولار” من السوق السوداء بسعر مرتفع عن سعر “بنك السودان”، لذلك كنا نشهد ارتفاع في أسعار السلع يتزامن مع ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، ولكن بعض تخفيض سعر الجنيه، نتوقع انخفاضا في السلع التي يستوردها القطاع الخاص، لأنه أصبح بإمكانه الحصول على العملة الأجنبية من خلال المصارف، بأسعار تقل عن أسعارها التي كانت متداولة في السوق السوداء.
وبذات الآلية، من المتوقع أن نشاهد تصاعدا في السلع التي تستوردها الحكومة “القطاع العام”، لأن الحكومة كانت تتحصل على “الدولار” من البنوك بالسعر الرسمي 6.9 جنيه للدولار، وهذا السعر لا يمثل القيمة السوقية الحقيقة، وفي الوضع الحالي ستخضع الحكومة لذات القانون الذي فرضته على المصارف، وستشترى العملة الأجنبية بسعر “النطاقات” الحالي الذي يحوم حول 20 جنيها للدولار، وهو أكثر بنحو 190 في المائة من السعر السابق، وبالنتيجة سنشهد ضغطا على مشتريات الحكومة وتصاعدا في السلع التي كانت توفرها في السابق.
وعن طريق الآلية التي ذكرنها، ستستمر حركة الأسعار إلى أعلى تارة و إلى أسفل تارة أخرى، خلال فترة زمنية محددة حتى الوصول إلى سعر “التوازن”، أي السعر الذي يتحدد عبر العرض الحقيقي والطلب الحقيقي على النقود، إلى أن يتم التعويم الكامل تدريجيا، ولكن لنصل إلى تطبيق سليم لهذه الآلية، مطلوب من البنك المركزي توفير “النقد الأجنبي” في كل المصارف، وتغطية الطلب اليومي، وهذا ما لم نشاهده حتى اليوم، المصارف عاجزة أمام الطلب، وأسعار السوق السوداء تقفز بمتوالية هندسية، والطبيعي انخفاض أسعار السوق السوداء بالتزامن مع توفر العملة، إلى أن يتم القضاء نهائيا على تجارة العملة خارج القنوات الرسمية، وذلك بتساوي السعر الرسمي وسعر السوق الموازي.
كنا نأمل في أن تسهم سياسة بنك السودان في تعزيز الاقتصاد، لكن ثمة مخاوف من أن تؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية اليومية، ويتسبب في ارتفاع حاد في تكاليف السلع المستوردة، مقابل ضعف في الأجور، وتضخم متصاعد، وعجز الدولة في توفير النقد في المصارف، وصعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتراجعا كبيرا الإنتاج المحلي، فضلا عن انخفاض ملحوظ في تحويلات السودانيين العاملين في الخارج عبر القنوات الرسمية نسبة للفرق الكبير بين الأسعار، ولا حل إلى بتوجيه المتوافر من النقد الأجنبي نحو الاستثمار لتستطيع الحكومة دعم الزراعة والصناعات المحلية التي ستسهم في حالة انتعاشها بتوفير النقد الأجنبي، ولكن للأسف كل هذا يحتاج إلى إرادة حقيقية بعيدا عن مافيا “الفساد” والمحسوبية والولاء السياسي.

الجريدة

تعليق واحد

  1. من المعلوم بالضرورة أن سياسة تحرير سعر صرف العملة المحلية أو تعويمها سياسة إقتصادية تلجأ إليها الكثير من دول العالم وفق حسابات معقدة وترتيبات إدارية وسياسية صارمة لتتمكن الدولة من تحقبق الأهداف التي قد اتخذت امن أجلها ذلك القرار، وهو في المقام الأول إنهاء السوق الأسود للعملات الاجنبية في البلاد وبالتالي إزالة التشوهات والترهلات التي يتعرض لها جسم الاقتصاد جراء وجود سعرين للعملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية.
    إن من اهم أسباب نجاح تعويم العملة المحلية الذي هو في أغلب حالاته عبارة عن خفض لقيمتها وجود صادر يعاني من منافسة في السوق العالمي، حيث أن ذلك الخفض يؤدي على المدى القصير لتنشيط الصادرات التي ينخفض سعرها عالميا” وتصبح مرغوبة للمستهلك الخارجي، مما يؤدي في المدى المتوسط لزيادة حصيلة الصادر من العملات الاجنبية ، و يجعلها متوفرة و متاحة للمستوردين في البنوك المحلية، وذلك معناه القضاء تماما على السوق الاسود بل ويؤدي لتقوية العملة المحلية حتى تصل لدرجة المعقولية التي يحكمها قانون العرض والطلب ويصل السعر الى درجة التوازن (EQUILIBRIUM)التي ذكرها كاتب المقال.
    ولدعم العملة الوطنية تقوم الدولة باتزامن مع تلك السياسة بخفض استيراد السلع الكمالية مثل العطور والملابس الفاخرة والحلويات و ما الى ذلك من سلع لا تشغل بال السواد الأعظم من المواطنين، هذا الإجراء يقود بدوره لتقليل الطلب على العملة الأجنبية لتوقف التجار الذين يستوردون مثل تلك السلع وبالتالى يدعم حجم الكتلة النقدية الأجنبية لذى البنوك المحلية.
    اضافة” الى ذلك يلزم الدولة خفض الصرف وتقليل الطلب على العملة الأجنبية بالتقشف في الصرف على استيراد السيارات والاثاث الفاخر لموظفيها الكبار
    وتقليص السفر الخارجي بخفض النثريات وتقليل الوفود التي تشارك في المؤتمرات الخارجيةوتوطين العلاج وعدم السماح للمسئولين باللجوء لذلك الا في حالات الضرورة القصوى.
    اذا تم تنفيذ هذه الحزمة من الاجراءات بنزاهة ودقة ستتدفق الاستثمارات الخارجية لان المستثمر يضمن انه في مأمن من الخسارة التي تنتج عن تدهور العملة الوطنية اذا أراد تحويلها الى عملة صعبة دولار، يورو او خلافها، فتنشط حركة التحارة والصتاعة وتخلق العديد من الوظائف ويتطور العامل والفني بدخول تكنولوجيا جديدة للبلد والكثير من المزايا الأخرى.
    والآن نطرح السؤال المحوري لهذا الموضوع: هل السودان يمتلك تلك المقومات لإنجاح هذه العملية المتشابكة؟؟؟، وهل هنالك إرادة حقيقية للإلتزام بمتطلباتهاكلها؟؟؟.
    اذا كانت الاجابة (نعم)، فإن في ذلك كل الخير للمواطن فى المديين المتوسط والطويل و رغم انه قد يعاني في البداية (المدى القصير).
    اما اذا كانت الاجابة (لا)، فإن تلك السياسة ستكون وبالا” على المواطن والوطن على المدي القصير وكارثية على المدى الطويل.
    أنا شخصيا” أعتقد ان الإجابة (لا)،،، مع الاسف الشديد.

  2. من المعلوم بالضرورة أن سياسة تحرير سعر صرف العملة المحلية أو تعويمها سياسة إقتصادية تلجأ إليها الكثير من دول العالم وفق حسابات معقدة وترتيبات إدارية وسياسية صارمة لتتمكن الدولة من تحقبق الأهداف التي قد اتخذت امن أجلها ذلك القرار، وهو في المقام الأول إنهاء السوق الأسود للعملات الاجنبية في البلاد وبالتالي إزالة التشوهات والترهلات التي يتعرض لها جسم الاقتصاد جراء وجود سعرين للعملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية.
    إن من اهم أسباب نجاح تعويم العملة المحلية الذي هو في أغلب حالاته عبارة عن خفض لقيمتها وجود صادر يعاني من منافسة في السوق العالمي، حيث أن ذلك الخفض يؤدي على المدى القصير لتنشيط الصادرات التي ينخفض سعرها عالميا” وتصبح مرغوبة للمستهلك الخارجي، مما يؤدي في المدى المتوسط لزيادة حصيلة الصادر من العملات الاجنبية ، و يجعلها متوفرة و متاحة للمستوردين في البنوك المحلية، وذلك معناه القضاء تماما على السوق الاسود بل ويؤدي لتقوية العملة المحلية حتى تصل لدرجة المعقولية التي يحكمها قانون العرض والطلب ويصل السعر الى درجة التوازن (EQUILIBRIUM)التي ذكرها كاتب المقال.
    ولدعم العملة الوطنية تقوم الدولة باتزامن مع تلك السياسة بخفض استيراد السلع الكمالية مثل العطور والملابس الفاخرة والحلويات و ما الى ذلك من سلع لا تشغل بال السواد الأعظم من المواطنين، هذا الإجراء يقود بدوره لتقليل الطلب على العملة الأجنبية لتوقف التجار الذين يستوردون مثل تلك السلع وبالتالى يدعم حجم الكتلة النقدية الأجنبية لذى البنوك المحلية.
    اضافة” الى ذلك يلزم الدولة خفض الصرف وتقليل الطلب على العملة الأجنبية بالتقشف في الصرف على استيراد السيارات والاثاث الفاخر لموظفيها الكبار
    وتقليص السفر الخارجي بخفض النثريات وتقليل الوفود التي تشارك في المؤتمرات الخارجيةوتوطين العلاج وعدم السماح للمسئولين باللجوء لذلك الا في حالات الضرورة القصوى.
    اذا تم تنفيذ هذه الحزمة من الاجراءات بنزاهة ودقة ستتدفق الاستثمارات الخارجية لان المستثمر يضمن انه في مأمن من الخسارة التي تنتج عن تدهور العملة الوطنية اذا أراد تحويلها الى عملة صعبة دولار، يورو او خلافها، فتنشط حركة التحارة والصتاعة وتخلق العديد من الوظائف ويتطور العامل والفني بدخول تكنولوجيا جديدة للبلد والكثير من المزايا الأخرى.
    والآن نطرح السؤال المحوري لهذا الموضوع: هل السودان يمتلك تلك المقومات لإنجاح هذه العملية المتشابكة؟؟؟، وهل هنالك إرادة حقيقية للإلتزام بمتطلباتهاكلها؟؟؟.
    اذا كانت الاجابة (نعم)، فإن في ذلك كل الخير للمواطن فى المديين المتوسط والطويل و رغم انه قد يعاني في البداية (المدى القصير).
    اما اذا كانت الاجابة (لا)، فإن تلك السياسة ستكون وبالا” على المواطن والوطن على المدي القصير وكارثية على المدى الطويل.
    أنا شخصيا” أعتقد ان الإجابة (لا)،،، مع الاسف الشديد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..