في جلباب الموت البطيء

بقراءة بسيطة جداً ومن وحي تصريحات وزير الصناعة بالبرلمان أمس الأول سيدرك المرء أن حوالي “ثلاثة أرباع” إنتاجنا من الذهب ربما يجد طريقه للتهريب… في 2015م – حسب الوزير ? تم الإعلان عن إنتاج 70 طناً، والمعلن عن تصديره حوالي 25 طناً، وفي واقع الحال أن الإنتاج الحقيقي كان قد بلغ حوالي”102″ طن ? طيب أين ذهبت الـ”77″ طناً من جملة 102..!!!؟؟؟ لكن وزير الصناعة موسى كرامة نفسه قال إن حوالي “102” تم تهريبها عبر مطار الخرطوم إلى دولة الإمارات… الوزير لم يكتف بهذه المعلومات الصاعقة، بل زاد “إنتاج السودان من الذهب بلغ في العام 2017م حوالي “250” طن وليس “100” طن كما أعلن وزير المعادن، غير أن هذه الكمية معظمها تم تهريبه عبر مطار الخرطوم.. (عارفين يعني إيه لما نقول عبر مطار الخرطوم الدولي… حسبنا الله ونعم الوكيل..)…

على أية حال سنعتبر هذه التصريحات التي أدلى بها السيد وزير الصناعة من التصريحات الخطيرة للغاية ما لم يُصدِر مكتبه تعميماً لكل الصحف التي نشرت الخبر يطالبها بالنفي أو الإشارة إلى أن تصريحات الوزير تعرضت للتحريف، وأن كلامه أُخرج عن سياقة أو أن النقل لم يكن دقيقاً ? كما تجري العادة في مثل هذه الحالات -، فما لم يأتينا شيء من ذاك سنُعِدها من أخطر التصريحات التي تأتي على لسان كبار الوزراء والمسؤولين..

عن نفسي لا أستغرب حدوث هذه الفوضى لكوني أراها وأسمعها وألمسها وأحسها في كل شيء، لكني أتعجب حد الدهشة من الذين ما زالوا يتساءلون عن سبب تدهور الاقتصاد السوداني وانهيار عملتنا والغلاء الطاحن الذي تعيشه بلادنا، وارتفاع الأسعار خلال كل ثلاث ساعات، وهم يسمعون ويقرأون عن هذه الفوضى…!!!!!

فإذا كان هناك احتمال واحد لتهريب 75% من إنتاجنا من الذهب عبر مطارنا الدولي الوحيد في عاصمتنا الوحيدة، فما الذي تبقى أن يقال؟… وإذا كانت أجهزة الدولة عاجزة إلى هذه الدرجة عن التحكم في بوابة أهم صادراتها فعلى ماذا ستكون أقدر؟!!! وعلى الذهب قِسْ…. وعلى تصدير إناث الإبل لا تسأل…!!! وفي الحديث عن الوزير البارع في تصديرها لا تسترسل…!!!..

بالمعطيات التي نراها أمامنا، مثل تهريب الذهب وغيره عبر مطار الخرطوم، تصدير إناث الثروة الحيوانية، الغياب التام للرقابة، استيراد الأدوية المغشوشة، والمواد منتهية الصلاحية والبضائع الفاسدة، والتسابق في استجلاب كريمات فسخ الوجه ولعب الأطفال والنبق الفارسي و”اللالوب البلجيكي”، واستشراء الفساد، فشل التخطيط الاقتصادي، وبيع الميادين العامة والأراضي لتسيير دولاب العمل واستبقاء “القوي الأمين” في منصبه دون تجديد… بهذه المعطيات التي نراها أمامنا كان يجب أن نكون أمة انقرضت لسبب واحد وهو أن هذه الأمة حباها الله بموارد ثمينة وثروات ضخمة لكنها لا تحسن الإدارة والتصرف والتدبير فاستنفدت كل ثرواتها وانقرضت… لكن لطف الله علينا أهو نحنا عايشين في جلباب الموت البطيء… اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..