لماذا تأخر الخروج الى الشارع؟

هذا سؤال كان يطرح بشدة قبل الخروج الاخير . وهناك اسباب عديدة لذلك يعلمها غالبية من يعملون بالسياسة أو حتى الذى يفكرون بشكل منطقى ليس الا .
أول هذه الاسباب ان النظام الذى جثم على صدر البلاد لثلاثين عاما ، هو نظام من نوع خاص : حزب سياسى يتسلح بسلاح خطير : فهم خاطئ وانتهازى للدين ، يخوف به بعض الذين آمنوا لانهم وجدوا آباءهم كذلك يفعلون ، من غير تفكير وتدبر أمر بهما صحيح الدين نفسه . وهو حزب عمره تقريبا من عمر كل الاحزاب السودانية وقد وجد قبولا وسط بعض المتعلمين كترياق ضد الشيوعية ” الكافرة” التى وجدت قبولا هى الاخرى وسط المتعلمين . بهذه الصفة جمع من المعلومات ما أمكنه من محاربة تلك الاحزاب فردا فردا وجماعة جماعة ، وكان يعرف مكامن القوة والضعف فى كامل الحركة السياسية ولذلك فقد بدأ بتفكيك النقابات والاتحادات والجمعيات الاهلية وقد كانت تمثل راس الرمح فى كل اشكال التغيير التى حدثت فى تاريحنا االسياسى . هذا الى جانب استخدام قوى البطش المسلحة من بعض افراد الجيش ، ثم من اغلب الجيش بعد التصفيات المستمرة التى وصلت حتى الى أمثال ود ابراهيم وغيره من المنتمين الى الجماعة . ومع ذلك لم يطمئن الريس فكون المليشيات الشعبية المتنوعة . وفوق كل هذا ماسمى بالامن الوطنى ، الذى ليس من وطنيته شئ غير انتماءه الى الحزب الوطنى !
ثانى الاسباب ، وهو الاهم فى نظرى ، وهو لب هذا المقال ، استخدام امكانيات الدولة فى شراء البشر ، ابتداء من المنشقين عن الاحزاب ، مثل ذلك الذى دخل بجماعته وخرج لوحده عندما طلب “حقه” من الغنائم فرد عليه بانه لم يعد هناك مايعطى “لأننا اشترينا به امثالك” ! فذهب الى اهله يتمطى ولكنه لم يبتعد كثيرا فقد عاد اخيرا ووضع فى المكان الذى سيمكنه من أخذ حقه بيده لابيد عمرو! غير ان الاسلوب الذى جمع فأوعى ، هو ترك الحبل على الغارب لكل من يريد ان يغترف من الاموال التى ظنوا ان صاحبها ? أى الشعب ? غائب ! ابتداء من أموال البترول ، ومرورا بأموال بيع أصول الدولة ، التى وصلت الى حد بيع سكة حديد الجزيرة وانتهاء بالذهب !
الذى أثار هذا الامر المعروف لدى مسبقا ، مقال من صحيفة ” التغيير الالكترونية” بعنوان “سين للغلال .. رحلة ثراء فاحش عبر رغيف العيش “. قرأت العجب العجاب فى هذا التحقيق ، الذى ملخصه كالتالى :
( طرات ببال احد كبار ” الاكلجية ” فكرة مأكلة ” مدنكلة”. ولما كان لابد من الاخراج المحكم ، فقد بدا صاحبنا بالحديث عن الامن الاقتصادى وعلى راسه بالطبع ” تأمين قوت الشعب ” بتوفير القمح والدقيق بواسطة الامن الاقتصادى ذات نفسه ! ولزيادة الاحكام كان لابد من ايجاد جماعة من سياسىى الوطنى البارزين لتبنى الفكرة الجميلة وتمريرها من خلال الحزب، بالاضافة الى اغراءات المصلحة الخاصة لهؤلاء السياسيين ” الوطنيين ” . وقد مرت القصة بسلاسة فائقة بعد ذلك الاخراج العبقرى !
نفذت الفكرة ، ولكن بقدرة قادرين بعد أو أبعد الامن الاقتصادى عن الامر بعد ان ادى دوره كاملا فى اقناع ذوى الامر والجيوب المفتوحة على مصراعيها . وهنا ظهر اصحاب الفكرة لتولى الامر وجنى الثمار . ولما كان لابد من اشراك شبكة كاملة من الحرامية من اداريين ووكلاء اساسيين، من امثال معتصم المهدى ومحمد عبدالرازق، ووكلاء وكلاء فى المركز ووكلائهم فى الولايات ? حسب التسلسل الفيدرالى الذى يستوجب الالتزام ? فقد تفرع الامر ووصل الى السيدة الاولى واخيها ، وكذلك عدد من الاخوان الآخرين، مثل ابناء أحمد الطيب الثلاثة و.. و.. الخ )
هذا الامر أدخل المئات فى زمرة اصحاب المصلحة فى استمرار النظام الذى كفل لهم هذه السرقة الرائعة ، وهؤلاء بدورهم يكفلون عيشا مناسبا لمئات آخرين من الاهل والاصحاب واصحاب الاصحاب . وهو نموذج واحد من الآف النماذج التى كشفت والتى فى طريقها للانكشاف والتى لن تكشف الا بعد زوال موجدها . فهناك مثلا مما كشف : اراضى أو “حتت” الوالى السابق ، وسرقات الحج والسرقات التى يكشف عنها المراجع العام سنويا بدون حياة لمن ينادى ،وذلك لمصلحة من ينادى فى استمرار الوضع على ماهو عليه . وهناك ايضا من عجائب الانقاذ حتى فى مجال السرقة ، ما كشف اخيرا عن ضلوع بنك وعدد من المسئولين هنا وهناك من فضيحة تعذيب السودانيين فى ليبيا وطلب الفدية من أهلهم !وماخفى- بالتأكيد- كان أعظم ، الا ان موعد كشفه قد بات وشيكا ، والدليل على ذلك الانكشافات المتواليه لفضائح السرقات عجيبة الشكل ، مثلها مثل افعال الانقاذ الاخرى غير المسبوقة ذات الماركة التجارية المسجلة باسمها ، والتى ، اى تلك الانكشافات ، تدل على أمرين هامين :
الاول :هو اقتناع بعض من هم بمركب الانقاذ على قرب غرقها ، وبالتالى ، وكما هى العادة فى مثل هذه الاحوال ، تكثر محاولات القفز الى بر النجاة ، وهيهات !
الثانى : شح الموارد الداخلية والخارجية على حد سواء ، مما أوقف بعض العطايا المستمرة أو منح عطايا للقادمين الجدد !
فهذا أحد عناصر نضوج الازمة الذى يدفع الناس للخروج الى الشارع .
الغالبية ماشية بى المثل: أصبر على جارك السوء يا يموت يا يرحل ويرجحون الاتنين معا حيث ان المال مازل تحت قبضتهم.
كلامك سليم جدا أستاذ عبدالمنعم عثمان لكن مهما كبرت زمرة المستفيدين فبالتأكيد هي لا تكاد تمثل فلنقل ١٠% من الشعب السوداني فأين هم البقية أليس ال ٩٠% المتبقية هي أليست هي المكتوية بنار بقاء هذا النظام؟ أليس هذا هو الشعب الذي انتفض على النميري ولم يصبر عليه اكثر من ١٦ سنة بالرغم من انا المعاناة وغلاء المعيشة ونهب الثروات في عهده لم يمثل ١% من ما يحدث حاليا ؟ فعلا انه سؤال محير لكن على حسب اعتقادي ان تغلغل هذا النظام في جسد الاتحادات الطلابية والنقابات العمالية بالدولة وسيطرته الكاملة عليها وهي تعتبر الوقود الأساسي الذي تنطلق من خلاله التظاهرات والاحتجاجات وكذلك تولي قيادة وتوجيه مثل هذه التظاهرات حتى تكون ذات فاعلية هو من أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تأخر الخروج إلى الشارع.
الغالبية ماشية بى المثل: أصبر على جارك السوء يا يموت يا يرحل ويرجحون الاتنين معا حيث ان المال مازل تحت قبضتهم.
كلامك سليم جدا أستاذ عبدالمنعم عثمان لكن مهما كبرت زمرة المستفيدين فبالتأكيد هي لا تكاد تمثل فلنقل ١٠% من الشعب السوداني فأين هم البقية أليس ال ٩٠% المتبقية هي أليست هي المكتوية بنار بقاء هذا النظام؟ أليس هذا هو الشعب الذي انتفض على النميري ولم يصبر عليه اكثر من ١٦ سنة بالرغم من انا المعاناة وغلاء المعيشة ونهب الثروات في عهده لم يمثل ١% من ما يحدث حاليا ؟ فعلا انه سؤال محير لكن على حسب اعتقادي ان تغلغل هذا النظام في جسد الاتحادات الطلابية والنقابات العمالية بالدولة وسيطرته الكاملة عليها وهي تعتبر الوقود الأساسي الذي تنطلق من خلاله التظاهرات والاحتجاجات وكذلك تولي قيادة وتوجيه مثل هذه التظاهرات حتى تكون ذات فاعلية هو من أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تأخر الخروج إلى الشارع.