في قبضة الرئاسة

تفاجأ المسرح السوداني على صعيده السياسي ليلة أمس الأول بقرارات جمهورية تمخض عنها تكوين “5” مجالس سيادية، قد وضعت هذه القرارات الرئيس على رأس كل مجلس من المجالس الخمسة، مما أثار كثيراً من الفضول الإعلامي وعلى نحو أربك الساحة السياسية بشكل لافت للانتباه… وجاء في تبرير القرارات الرئاسية – وفقاً للخبر- أن هذه الخطوة تجيءُ في إطار تنفيذ الحوار الوطني، ولمتابعة أداء أجهزة الدولة، مما قد يثير كثيراً من الأسئلة… فإذا سلمنا أن هذه القرارات جاءت بناءً على توصيات الحوار الوطني، فإن هذا يعني أن الحوار الوطني جاء ليكرس لسلطة قابضة ويضع كل الصلاحيات في يد القصر الرئاسي، ويعزز ذلك أن معظم أعضاء هذه المجالس منتسبون لقصر الرئاسة…
إن كان ثمة تعليق أو محاولة لقراءة أولى لهذه الإجراءات الرئاسية المفاجئة، نشير إلى جملة من الملاحظات وذلك على النحو التالي:
أولاً: الملاحظة الأولى التي تستوقف أي مراقب سياسي أن هذه المجالس أخذت الكثير من صلاحيات ومهام رئيس الوزراء القومي، وجعلت منصبه بلا صلاحيات تُذكر، اللهم إلا في حدود ضيقة.
ثانياً: تلاحظ أيضاً أن عضوية كل من د. عوض الجاز- الممسك بأهم الملفات الخارجية- بصفته الطبيعية، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية بصفته الاعتبارية، قد سبقت عضوية وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور في مجلس تُعد مهامه من صميم عمل وزارة الخارجية.
ثالثاً: واستناداً على النقطة أعلاه يُلاحظ أيضاً أن هذه القرارات قد أسندت مهام وزير الخارجية إلى هذا المجلس، مما يستدعي السؤال هل يلغي هذا المجلس دور وزير الخارجية، وهل يصبح الأخير وزيراً بلا أعباء، والشيء نفسه بالطبع ينسحب على رئيس الوزراء.
رابعاً: بهذه الخطوة بدت رئاسة الجمهورية وكأنها غير راضية عن الأداء التنفيذي لأجهزة الدولة وبذلك تحولت- أي – رئاسة الجمهورية إلى “سوبر” جهاز تنفيذي، يخطط وينفذ ويتابع ويشرف على أداء “نفسه”، وكأنه بذلك يلغي دور ومهام الجهاز التنفيذي.
خامساً: ثمة ملاحظة أخرى تبدو في غاية الأهمية، وهي أن بعض التنفيذيين في قمة الأجهزة التنفيذية عادوا مجرد أعضاء فقط في “التشكيلة الجديدة” التي تبدو لكثير من المراقبين أشبه بحكومة “الظل”…
سادساً: يُلاحظ أن الرئاسة بهذه الخطوة قد أحكمت قبضتها على كل مفاصل الحكم في البلاد.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصحية