الفصل بين السياسة والفن

٭ الفن والسياسة كلمتان العلاقة بينهما بقدر الحياة كلها وإذا طلب مني أن أعرف الفن لقلت انه المعنى اللامحدود للأشياء.. كل الأشياء انه التعبير الذي يهدف إلى اثارة الإحساس بالجميل أو تنبيهاً للخطر أو تنفيراً من القبيح.
٭ وقال ابن خلدون في مقدمته الرائعة عن الأدب قبل ستة قرون انه علم لا موضوع له ويعني بذلك الفن ويقصد انه لا يختص بموضوع واحد بل يمتد إلي الموضوعات كلها ومنها تكون مادته كل موضوع. ومنذ أن قال ابن خلدون هذا الرأي وقبل أن يقول وإلى يومنا هذا يفوق الحصر عدد الأدباء والفنانين الذين عبروا عن الحياة بأدبهم وفنهم وبعبارة أخرى عبروا عن السياسة فليس بالماديات وحدها تكون الحياة والمقصود ان الفن والأدب يعلوان بالانسان فوق الحيوان.
٭ فالانسان هو القيمة الاجتماعية العليا وكل أموره المادية والمعنوية تهمه بقدر متساوٍ حسب مقولة الذين يؤمنون باتحاد جوانب الحياة.
٭ والانسان كما يقول الفلاسفة متدين وسياسي بالطبع ولا تتم انسانيته إلا في مجتمع صالح منظم يدعو له السياسيون ويحميه الأدباء والفنانون.
٭ كان الصياد القديم يرسم على الصخور ما يتمنى أن يصطاد من الخيول والوعول والأبقار ثم يصوب إلى الرسوم سهامه فيصيبها وعندما يشعر بالطمأنينة والثقة في أنه سيصيب من هذه الحيوانات حينما يخرج لصيدهم كما أصاب من صورها المرسومة.
٭ ومن هنا تكون الحياة موضوعاً.. بل في رأس الموضوعات التي تهم الناس وتشغل بالهم ومن هنا أيضاً يأتي مفهوم السياسة التي تكيف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالفنان والأديب والفنان يفقد صفته هذه إذا فقد التأثر بهذه الأوضاع وبالتالي تظهر على نتاجه ملامح الرضى أو الغضب الضيق أو البهجة ومنها يكتسب انتاجه الأدبي أو الفني معنى سياسياً تلميحاً أو تصريحاً.
٭ المهم أن الفصل بين السياسة والفن شيء مستحيل وهو أكثر استحالة في عصرنا هذا وذلك بفضل المناهج الانسانية للسياسة.
٭ صحيح قد توجد سياسة لا انسانية بلا فن ونحن نعيش هذه التجربة ولكن لا يوجد فن وأدب بلا معنى سياسي وهذا لا يعني حشد الهتافات والشعارات في القصائد والأغاني والروايات والقصص.. فالمعنى السياسي الانساني يمكن أن يتجلى في قصيدة غزلية فالفن وما يشمل من رونق وجمال وما ينطوي محتواه من صور وأفكار يلهم البشر ويصبح قوة تحرك الشعب.
٭ كان هذا ردي على إحدى بناتي من الصحافيات الواعدات عندما سألتني عن لماذا أكثر الكتابة عن السياسة والفن وهي ترى ان لا علاقة بينهما وإنما أهل الأدب والفن لا يفهمون من أمر السياسة شيئاً بل هم قوم هائمون مع أخيلتهم وعوالمهم الخاصة.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..