مرة أخرى.. من أين أتي هؤلاء؟!!

شئ من حتي

ثلاثة أحداث خلال شهر يناير ٢٠١٨، سيطرت علي الموقف السياسي والإعلامي في السودان، ما بين فعل المعارضة ورد فعل الحكومة. الأول المسيرة السلمية التي دعا لها الحزب الشيوعي لتسليم مذكرة لوالي ولاية الخرطوم ضد الميزانية والغلاء. والثاني الوقفة الاحتجاجية التي دعت لها القوى المعارضة مجتمعة يوم الأثنين في ميدان الأهلية بأم درمان، والأخير أحداث مسجد السيد عبد الرحمن بودنوباوي عقب صلاة الجمعة.
في الثلاثة أحداث كان سلوك الحكومة وأجهزتها الأمنية غريبا وشاذا لدرجة أعادت للأذهان التساؤل القديم المتجدد الذي طرحه الأديب العالمي السوداني الطيب صالح في بداية عهد جماعة الإنقاذ بالسلطة في السودان، عبر عموده الشهير في الصفحة الأخيرة بمجلة المجلة الخليجية تحت عنوان (من أين أتي هؤلاء؟!!).. والمعني أن هؤلاء الحكام الجدد لا يشبهون أهل السودان في شيء، لا في أخلاقهم ولا سلوكهم ولا فطرتهم.
في مسيرة الحزب الشيوعي قام الحزب بالاتصال بالسلطات الرسمية كإجراء طبيعي مخطرا إياها بنيته تقديم مذكرة عبر مسيرة سلمية لمسافة لا تتجاوز كيلومترين، حول قضية عامة شغلت كل السودانيين… وهو حق يكفله الدستور وواجب تمليه المسؤولية الوطنية. لم تكن مسيرة سرية ولا فوضوية بدليل الشعار الذي سيطر عليها (سلمية…سلمية…ضد الحرامية). رغم ذلك ورغم محدودية عدد المشاركين في المسيرة إلا أن السلطات قابلتها بالعنف المفرط والضرب والبمبان والاعتقالات، منع وسائل الإعلام من التغطية وهكذا. بينما كان من الممكن ببساطة شديدة السماح للمسيرة أن تمضي حسبما حدد الحزب وحمايتها حتي تسلم المذكرة بعد ذلك.
الحدث الثاني هو وقفة ميدان الأهلية وهي وقفة إحتجاجية سلمية أيضا، تداعت لها جميع مكونات المعارضة وضحايا ميزانية 2018 القاسية جدا من عامة الشعب. وقفة سلمية في ميدان عام..أقصي ما فيها شعارات وهتافات تعبر عن موقف المحتجين. السلوك الغريب والذي لم يثر إلا الإشمئزاز هو إغراق الميدان بالمياه الآسنة حتي لا يتجمع الناس… ومن الطبيعي أن يأتي رد الفعل مستهجنا لهذا السلوك الشاذ وهذه العبقرية الشيطانية.
أما ثالثة الأثافي فقد جاءت في مسجد السيد عبد الرحمن بمنطقة ودنوباوي عند صلاة الجمعة، حيث إعتاد أنصار حزب الأمة التعبير السلمي في أحيان كثيرة حسب مقتضي الحال. بعد الصلاة مباشرة تم التصدي للجموع المحتشدة داخل المسجد بالبمبان وإقتحم ( ملثمون) حرم المسجد لإعتقال بعض النشطاء وتفريق الناس… من الذي جوز لهؤلاء الناس بإنتهاك حرمة المسجد وجواز مطاردة الحضوم وإعتقالهم من داخله، وجواز إطلاق البمبان علي المصلين المعتصمين بداخله.. لا نعتقد بوجود مثل هذا التجويز في أي فقه بشري سوي نناهيك عن فقه ديني اللهم إلا في فقه ( المشروع الحضاري ). في كل هذه الأحداث الثلاثة كان الإستغراب والدهشة والإشمئزاز هي العلامات التي غطت وجوه أهل السودان، وسيطرت علي مجالس المدينة ولا تزال. التعليقات الإستنكارية في المواصلات و في جلسات التواصل و ستات الشاي ودواوين الحكومة والأسواق و مجالس الحي و ناس الكورة،….. الخ الخ. الجابهم لينا شنو ديل … معقول ديل مسلمين.. والله الشيطان ما يفكر كدا… حسبنا الله ونعم الوكيل.. ما ممكن ديل يكونو سودانيين…والله الإستعمار ما عمل في الناس كدا.. ياخي ما يقطعو وشهم ( وجههم ) ويمشو مننا … دي مصيبة شنو الوقعت في البلد دي… فرقهم شنو من اليهود…ديل ما بخافو الله… ليهم يوم .. يمهل ولا يهمل… الخ الخ. هذه التعبيرات العفوية التلقائية لم تصدر من شخص واحد أو بضعة أشخاص وأنما من كل فئات وشرائح المجتمع السوداني المختلفة.
أهم ما يمكن إالتقاطه من هذه الصورة هو السخط المتراكم علي سلطة الإنقاذ وحزبها، والقطيعة البائنة بينهم وبين الشعب ، بحيث لم يعد في أفق أهل السودان جميعا، من مخرج لمحنة البلد إلا بذهاب هؤلاء الغرباء وهذه نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من الفشل المتناسل والعجز والقهر والسلطة الفاسدة.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لا يهم من اين اتى هؤلاء المهم كيف سيغادر هؤلاء .. هل على الشعب السوداني ان ينتظر على يقرروا الرحيل بنفسهم ام ينتظر الشعب الى تأتيهم طامة من السماء او يسلط الله عليهم الامريكان او الروس ليقتلعوهم ويسلمونا بلدنا حرا من دنس الكيزان ؟؟
    لابد للشعب ان ينتزع حريته بنفسه مهما كان الثمن وثمن الحرية غالي جدا ولابد ان تكون هناك الخطط المعدة مسبقا لإغلاق كل منافذ الهروب امام الكيزان وتقديمهم للعدالة فردا فردا من القمة وحتى اصغر الأعضاء في هذا التنظيم الفاسد والمتاجر بالدين ز
    لن تخلصنا أي جهة من دنس الإنقاذ وعلى الشعب ان يفعل ذلك بنفسه ولا يهاب الإنقاذ والتي تعتمد على التخويف واطلاق الوعيد والتهديد من بعض زبانيته أمثال نافع سابقا وحاليا حسبو .
    الخروج الى الشوارع وفي كل مدن السودان وبلا هوادة والعصيان المدني كلها وسائل سلمية كفيلة بإسقاط الطغاة

  2. لا يهم من اين اتى هؤلاء المهم كيف سيغادر هؤلاء .. هل على الشعب السوداني ان ينتظر على يقرروا الرحيل بنفسهم ام ينتظر الشعب الى تأتيهم طامة من السماء او يسلط الله عليهم الامريكان او الروس ليقتلعوهم ويسلمونا بلدنا حرا من دنس الكيزان ؟؟
    لابد للشعب ان ينتزع حريته بنفسه مهما كان الثمن وثمن الحرية غالي جدا ولابد ان تكون هناك الخطط المعدة مسبقا لإغلاق كل منافذ الهروب امام الكيزان وتقديمهم للعدالة فردا فردا من القمة وحتى اصغر الأعضاء في هذا التنظيم الفاسد والمتاجر بالدين ز
    لن تخلصنا أي جهة من دنس الإنقاذ وعلى الشعب ان يفعل ذلك بنفسه ولا يهاب الإنقاذ والتي تعتمد على التخويف واطلاق الوعيد والتهديد من بعض زبانيته أمثال نافع سابقا وحاليا حسبو .
    الخروج الى الشوارع وفي كل مدن السودان وبلا هوادة والعصيان المدني كلها وسائل سلمية كفيلة بإسقاط الطغاة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..