كينيا: ريسين غرقوا ا لمركب

تمر كينيا حالياً بأزمة سياسية مستعصية ينطبق عليها القول أعلاه ، حيث قام زعيم المعارضة رائيلا أودينغا بأداء القسم كرئيس مرادف للبلاد إلى جانب الرئيس أوهورو كينياتا الذي سبق للجنة الانتخابات أن أعلنت عن فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في شهر أغسطس الماضي. اتهم أودينغا لجنة الانتخابات بعدم الأمانة قائلاً أن تزويراً واسعاً وقع في كيفية حساب الأصوات مما سلبه حقه في الرئاسة ، لذلك فقد قام بأداء القسم باعتباره الرئيس الحقيقي لقيادة البلاد حسب نتائج الانتخابات ، واصفا نفسه برئيس الشعب ?Peoples? President?. ولعل مما شجع أودينغا على هذه الخطوة هو أن بعض الجهات المتابعة لعمليتي الانتخابات وفرز الأصوات أعلنت عن فوزه على ضوء النتائج الأولية لاتجاهات التصويت في مختلف أنحاء البلاد.
بالرغم من أن كينيا تعتبر من ضمن الدول الأفريقية القليلة التي تمكنت من الحفاظ على نظامها الديمقراطي ، إلا أنها تعاني كغيرها من دول القارة من آفة القبلية التي تنعكس سلباً على الممارسة الديمقراطية في البلاد. تمكنت الحكومات الكينية المتعاقبة منذ زمن الرئيس جومو كينياتا من المحافظة على هذا التوازن القبلي بالصورة اتي قادت لكثير من الاستقرار السياسي والاقتصادي. بما أن التنافس القائم حالياً بين كينياتا وأودنغا يقوم ، هو الآخر ، على توازن وتحالفات قبلية في الأساس فإن الكثير من المراقبين يرون أن البلاد مقبلة على مرحلة من عدم الاستقرار مما يفقدها مزايا كثيرة جعلتها من بين أكثر الدول الأفريقية استقراراً على الصعيدين السياسي والاقتصادي. المعروف أن كينيا تعتبر الاقتصاد الأكبر في المنطقة ، لذلك فإن أي أزمة تشهدها البلاد ستنعكس حتما على المنطقة ككل. عليه فمن المتوقع أن تبادر بعض دول المنطقة والمنظمات الإقليمية للتوسط سعياً نحو إيجاد حل لهذه الأزمة ، فعدم الاستقرار في كينيا لا بد أن تكون له تبعات عديدة خاصة وأنها ظلت حتى الآن تحافظ بصورة أو اخرى على استقرارها في منطقة نعاني معظم دولها من عدم الاستقرار.
لا شك أن انفصال الجنوب وغياب الحدود المشتركة بين السودان وكينيا أضعفا بصورة ما التواصل الذي كان سائداً في السابق بين البلدين ، غير أن العلاقات السياسية والتجارية بينهما لا زالت قائمة ، لذلك فإنه ليس من المستبعد أن تنعكس التطورات في كينيا على بلادنا بصورة أو أخرى. عليه فإننا نرى أنه من الحكمة أن تدعم الحكومة السودانية أي جهد إقليمي يسعى من أجل تجاوز الأزمة التي تواجهها الحكومة الكينية في الوقت الحاضر ، خاصة إذا ما جاء هذا الجهد في إطار المنظمات الإقليمية أو القارية التي تضم في عضويتها البلدين.
محجوب الباشا
[email][email protected][/email]