سياسة الاستيطان (بالبرلمان) ..!

في الوقت الذي يتبدى فيه المشهد الاقتصادي في بلاداا وتوشك “فيه المجاعة” أن تدخل (أعماق) كل أسرة سودانية ليس بسبب شح الإنتاج الغذائي، وإنما بسبب عدم القدرة على توفير قوت (اليوم)، في هذا الظرف (الحرج) ينكفي نواب الشعب على ذاتهم داخل (قبتهم).. يبحثون عن مجدهم الخاص وعن تحسين أوضاعهم.. ولا يبالون بما يعانيه ناخبوهم المنتظرين في تلك الأصقاع النائية وهم في عنت ومشقة وبؤس، فقد أظهرت الممارسة البرلمانية عبر البرلمان الحالي الذي وصف بالبرلمان الهجين أو (خاطف لونين) أي التعيين والانتخاب أظهرت هذه الممارسة أن الكارثة الاقتصادية التي بين ظهرانينا ونقاسي ويلاتها وإحباطاتها الآن كأنها في بلاد ما وراء البحار أو لا علاقة لها بالمواطن السوداني فلا نسمع لها صوتاً ولا حتى (همساً) داخل قبة البرلمان بقدر ما أننا نرى أن هؤلاء النواب وكأنهم (حصان طروادة)، يصادقون ويصفقون ثم يبصمون “بالعشرة” على كل ما يريده الجهاز التنفيذي ولا عزاء لأولئك المنتظرين بلا عشم وبلا رجاء.. (فكل المحن والموجعات ربما مرت من هنا).
ولم تشأ الصحافة الورقية أن تنقل بين يوم وآخر كيف أن هؤلاء النواب يحتجون بلطف حينما يشعرون أن المقام مقام احتجاج ولكنهم يحتجون (بعنف) حينما يكون المقام مقام تأمين المكاسب الخاصة.. فحيناً يهرولون تجاه البحث عن سفريات خارجية ليس نقلاً للتجارب أو تطويراً للمؤهلات التي ترتقي بدور ومسؤوليات النواب تجاه قضايا ناخبيهم ربما عشرات السفريات والبعثات التي أرهقت خزينة الدولة وكانت الحصيلة “صفراً كبيراً” .
وتنقل لنا “المديا” أيضاً تفاعلات النواب داخل القبة في سبيل سياراتهم وأراضيهم وآخر عبقريات هذا البرلمان أن يفلح في تحقيق مشروعه “الحلم” الصراف الآلي داخل المجلس.. تسهيلات وامتيازات حظي بها هؤلاء النواب وعلاقات ربما لا تخلو من حصد المنافع المتبادلة، فالمعادلة هنا لا تبدو متكافئة بقدر ما أنها مختلة وغير راشدة بين برلمان “سيوبر” وأزمة اقتصادية طاحنة أصبحت تتمدد وتتصاعد داخل مكونات المجتمع السوداني وتفرض عليه “الموت البطئ” دون أن يحرك نواب الشعب ساكناً، ولكن لماذا هم صامتون في “ريب” ؟ ويصفقون بلا حياء والمواطن يغتال كل يوم ألف مرة تحت “مقصلة السوق”.
لم أجد مبرراً واحداً يفسر لنا فكرة أن تمنح الدولة عبر برلمانها هؤلاء النواب قطعاً سكنية للاستيطان داخل ولاية الخرطوم إلا إذا كانت ولايات السودان ودوائرها الجغرافية أن تصدر للخرطوم نواباً يصلحون للاستخدام السياسي فقط ولا يخدشون الذات الحكومية” في شيء مهما أجرمت الحكومة في حقها أو في حق شعبها، أو إن هؤلاء النواب القادمين من أقاصي السودان أصابتهم الدهشة وكانت الصدمة عليهم كبيرة وأصبحوا بعد ذلك غير قادرين على التعايش بين واقع اقتصادي مأزوم في ولاياتهم ومناطقهم البعيدة وبين واقع جديد في الخرطوم منحهم السيارة والسكن والأسفار ولهذا آثروا هذه الهجرة الطوعية ليكونوا سكاناً جدداً بولاية الخرطوم على أن تبقى “شعرة معاوية” قائمة بينهم وبين (موكليهم) حافظة للود والكفاح القديم وستكون هذه “الشعرة” قابلة للتنشيط والتحريك مع مقدم كل (موسم انتخابي)، ولكن في أسوأ الحالات قد تنقطع هذه الشعرة وتتلاشى تماماً لو أن هؤلاء النواب “طاب مقامهم بالخرطوم” وأصبحوا من سكانها الدائمين حينها لا خيار لشعوب وجماهير الولايات الا البحث عن نواب آخرين ليتم تصديرهم الى الخرطوم!.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..