الفساد جرثومة العمل العام وطاعون الدول

إن من المبكيات للناظر في الوضع السوداني الراهن هو كم ونوع الفساد في الوسط العام والخاص فالسودان في عهد الانقاذ الطويل انتفل برشاقة من منظومة فساد الدولة الي منظومة دولة الفساد…
السودان الذي كان يفخر قبل استقلاله ويغبطه العالم علي منظومة خدمته المدنية ومشروع الجزيرة ومنظومة السكك الحديدية أصبح اليوم مثالا حيا تحذر منه منظمة الشفافية الدولية وتضعه في ذيول قوائمها بما جنت أيدي بنيه…
الإسلاميون.. الذين عرفوا كيف يأكلون الكتف.. منذ إنخراطهم في منظومة مايو.. مرورا بتخريبهم الحياة السياسية في الديموقراطية الثالثة..وصولا الي إقدامهم علي تنظيم فادحة إنقلاب الإنقاذ.. الإسلاميون الذين لا يسعون الا للسلطة ولا يقبلون التنازل والتفريط عنها.. هم من ابتدع منظومة التمكين.. وفي رواية أكثر وطنية “التجريف”..
التمكين الذي ببساطة يعني تقديم ذوي الولاء من الإسلاميين من علي ذوي الكفاءة فيما عداهم.. التمكين الذي يزعم جميع الخبراء سياسيا أو إقتصاديا أو إجتماعيا أنه السبب الرئيس في منظومة دولة الفساد التي نعايشها اليوم..
التمكين وآثاره السالبة تتلخص في نقطتين أحلاهما مر:
الأولي توظيف أهل الولاءات من الاسلاميين في الوظائف والأماكن المفصلية بغض النظر عن خلفياتهم العلمية والادارية والثقافية.. من ما نتج عنه انتاج مسئوليين لا يمتلكون القرار.. أو يتبنون إستراتيجيات وقرارات خاطئة..
الثانية هي تجريف أهل الكفاءات والدرجات العلمية والخبرات الإدارية من غير أهل الولاء من الاسلاميين وفصلهم من مناصبهم بصورة متعسفة.. والتضييق عليهم في معاشهم.. حتي هاجر أكثرهم الي الخليج أو أوربا أو القارة الامريكية..
والمضحك في الأمر أن هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون الآن حياة مادية كريمة.. بل قل مترفة مقارنة بالوضع في البلاد.. لم يكونوا ليخرجوا من وطنهم لولا تضييق الإسلاميين عليهم..
التمكين الذي إدي الي إختلالات في منظومة الحكم والخدمة المدنية وإنتاج سياسات خاطئة وأجهزة معتلة.. أنتج كذلك منظومة الفساد..
المنظومة المارد لم تستثني أحدا من النافذين في تنظيم الإسلاميين.. والقرائن علي ذلك لا تدع مجالا لأعمي أو بصير في أن يتشكك.. والقضايا التي طفت الي السطح ليست إلا قمة جبل الجليد..
فقضايا شركة الأقطان وهيئة الحج والعمرة وملف خط هيثرو ومكتب والي الخرطوم وقضايا الفريق طه عثمان وقضايا دولارات الصادر وغيرها ليست الإ قيض من فيض وقطرة في بحر..
ومفوضية أبو قناية التي لا يعلم أحد في أي جب هوت وفي أي بحر غرقت..
وتقارير المراجع العام تجأر بالشكوي سنويا من تذايد الإعتداء علي المال العام..
والتوظيف في الخدمة المدنية العامة لا يتم الا بالوساطات والمحسبيات.. وكذلك التوظيف في الخدمة العسكرية (الجيش والأمن والشرطة) لا تتم الا بالوساطات والمحسبيات..
وتمويل ورسملة الأشخاص لا تتم الي للمقربين من منظومة الإسلاميين..
والإعفاءات الضريبية والجمركية والدعم المادي لا يكون الا للمقربين وذوي الحظوة من منظومة الإسلاميين..
غير ما ينضح الي السطح من خضايا الإختلاسات والرشاوي والإعتداء علي أموال الدولة والتعاقدات من الباطن والعطاءات والمذادات المزيفة وغيرها وغيرها وغيرها…
فكيف لنظام بني علي أيدولوجيا الفساد أن يتشدق بمحاربة الفساد ؟؟؟
أليس هذا تناقضا فجا يكذبه الواقع الداخلي والتقارير الخارجية ؟؟؟
أليس هذا تحديدا ما أنتج الأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي لم ولن تبرح البلاد ؟؟؟
أليس الفساد في هذه الحالة طاعون الدولة ؟؟؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هنالك إتفاقية ضمنية غير معلنة وهي أنه أجزة القمع تضمن حكم البشير وعصابته لتستبيح مقدرات الدولة وثرواتها وتفعل ما تشاء والبشير يعطيها الأمان لتفعل ما تشاء ؟؟؟ فلذل هذا النظام قائم علي الفساد ويرتكز عليه؟؟؟ والحل تفكيك هذا النظام الإجرامي المدمر ؟؟؟

  2. هنالك إتفاقية ضمنية غير معلنة وهي أنه أجزة القمع تضمن حكم البشير وعصابته لتستبيح مقدرات الدولة وثرواتها وتفعل ما تشاء والبشير يعطيها الأمان لتفعل ما تشاء ؟؟؟ فلذل هذا النظام قائم علي الفساد ويرتكز عليه؟؟؟ والحل تفكيك هذا النظام الإجرامي المدمر ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..