لماذا يجب ألا نقلق من تحويلات العمالة؟

سعود الأحمد

الأسبوع الماضي كتبت هنا بعنوان «لي في تحويلات العمالة رأي»، وأستمر في حديثي عن نفس الموضوع وبنفس الرأي، وأنا أعلم يقينا أن توجه الحكومة ووسائل الإعلام مستمرة في وقوفها مع الجهود الحثيثة لمواجهة تحويلات العمالة. وإن كان البعض يسميها «هدرا» و«تسربا» و«خسائر» و«نفقات»… ويا ليت من كتبوا يعرفون تأثير مثل هذه الكتابات.

وأقول بأننا يجب ألا نقلق كثيرا من مبالغ تحويلات العمالة ونجعل منها قضية القضايا، لأن هذا (في تقديري) نوع من التفكير السلبي في الإدارة. وعوضا عن ذلك يجب أن نفكر في أسئلة أخرى أكثر عملية وفاعلية، مثل: هل نحن محتاجون لجميع هذه العمالة؟ وما هي شرائح هذه العمالة طبقا لشرائح تحويلاتهم؟ وما هي الفئات الأكثر تحويلا لهذه المبالغ؟ وما هي المنافع التي تقدمها هذه الفئات للمجتمع والوطن والاقتصاد؟ وما هي البدائل المتاحة لسد حاجتنا من هذه الخدمات؟ وما هي المعالجات الأخرى الأكثر فعالية لمعالجة المشكلة؟ والواقع أن لدينا مهنا كثيرة نحتاج لمن يعمل فيها، واستقدامنا لهذه العمالة لتعمل فيها ليس مجرد رفاه، ولكنه مقتضى الحاجة. ومن يعمل يستحق أن يكسب، وكونه يصرف ما يكسب أو يحوله لبلاده «فهذا شأنه». ولا يغيب عن الأذهان أن بعض هذه المهن تحتاج لمؤهلات ومهارات عالية لا تتوفر لدينا بالقدر الذي يفي بحاجتنا، وحري بنا أن نعمل على رفع مستوى أبنائنا ليسدوا هذا العجز. وبالمقابل هناك مهن دنيا لا يقبل بها المواطن الخليجي، وحري بنا ألا نشجع على أن تشغل بمواطنين.

والفكرة أننا، ومع توفر الإمكانيات المادية في الدول الخليجية، يجب أن نشجع أبناءنا على أن ينهلوا من العلوم وإكمال تعليمهم الجامعي والعالي قدر الإمكان والتدرب داخليا وخارجيا ليتقنوا المهارات الفنية.. ونعي أن ذلك ليس نوعا من التكاليف الاستهلاكية، ولكنه نوع من الاستثمار في الطاقات البشرية. ليزداد لدينا عدد الأطباء من ذوي التخصصات المطلوبة، كطب العيون والأعصاب والأسنان والروماتيزم والأورام والأعصاب، وغيرها من التخصصات الطبية، إلى آخر ذلك من أصحاب المهن المطلوبة، كالصيادلة والكيميائيين واختصاصيي تركيب الأسنان والأشعة والتجميل والمهندسين والطيارين والمحامين والمحاسبين.

هذا التوجه بالتبعية سيقلل من المواطنين الذين يضطرون للعمل في مهن دنيا وبدخول (أيضا) متدنية. ولا نسير خلف شعارات جوفاء تنادي بالاكتفاء الذاتي من العمالة حتى في المهن الدنيا. ولا نلتفت لمن يفترض أن هناك عاملا مغتربا سيكسب ويجب ألا يحول أموالا لبلاده! فنحن نشتري خدماتهم كما نشتري المواد التي نستوردها من الخارج، وكل ذلك يستلزم تحويل أثمانها للخارج.

وعوضا عن ذلك (أيضا) علينا أن نفكر في من هم ذوو التحويلات الضخمة؟ وماذا قدموا لنا؟ فاللاعب أو المدرب لكرة القدم، عندما يحول عشرات الملايين «وبالدولارات» كشرط جزائي لأن عقده أنهي، هذا لا يعتبره البعض تسرب أموال! ولكن العامل الذي يعفر وجهه بالتراب وهو ينقل البطحاء أو الإسمنت أو الرمل الأبيض نعتبر تحويلاته هدرا للاقتصاد! والبعض (على جهله) يطرح هذه التحويلات من إيرادات الميزانية المعلنة، والمسكين لا يدرك أن لا علاقة بين الرقمين، وأن هذا المعلن من الإيرادات في نشرة ما يسمى بـ«الموازنة العامة للدولة» ما هو إلا المتوقع. والعلاقة يفترض أن تربط بالناتج المحلي. والبعض يتعلل بأن هناك فئة من العمال ومع ذلك تحول شهريا بمئات الآلاف من الدولارات، ونقول لمعالجة هذه المشكلة ابحثوا عن خيوط الجريمة.

وخلاصة القول… لدينا وفورات مالية نريد تشغيلها في استكمال البنية التحتية وبناء مشاريع تنموية واستثمارية، ولدينا أموال مهاجرة نريد أن نحفزها للعودة، وأخرى نحرص على توطينها… فلا نضع من القيود ما يتعارض مع كل هذه الجهود.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. “ومن يعمل يستحق أن يكسب، وكونه يصرف ما يكسب أو يحوله لبلاده «فهذا شأنه” .
    ملخص القضية كلها في سطر واحد ..

  2. منطق سليم و كما قيل فهم السؤال نصف الاجابة,
    فالنظر لا يكون في الارقام المطلقةمن التحويلات و لكن في نسب هذه الارقام و في دورة راس المال

  3. وما المشكله في تحويلات المغتربين؟؟
    هذه أجور مستحقه لهؤلاء الذين تركوا
    أوطانهم بحثا أن لقمة العيش لهم ولأسرهم..
    هل هى سرقة أم أجور مقابل عمل؟؟
    وما الفرق بين أن تحول شركات اجنبيه
    ارباحها للخارج وبين عماله وموظفين
    يحولون مداخيلهم الشهريه؟؟
    هل المطلوب صرف كل المداخيل داخل السعوديه؟؟
    اذن لماذا ترك هؤلاء بلدانهم وأغتربوا؟؟
    السعوديه ليست في حوجه لتحويلات المغتربين الأجانب..
    وهى لا تمثل رقما ذا قيمة مقابل اجمالي الدخل القومي
    للمملكة العربيه السعوديه..
    يمكن لللمغتربين الأجانب أن يصرفوا أموالهم داخل
    السعوديه اذا تم فتح السوق السعودي للأجانب..
    بطريقة غير مباشره يمكن لهذه التحويلات أن تدخل
    دائره العجلة الاقتصاديه السعوديه( كسوق الأسهم،السوق العقاري الخ)..

  4. المشكلة يا اخي هذا السؤال يطرحه كل مقيم ان لماذا لاتستفيد الحكومة من المقيمين بفتح مجالات تراها السلطات عندكم انها ممنوعة مثل السينما واماكن الترفيه بالنسبه لهم كما يفعل اهل الامارات ذي مابنقول بالسوداني انو الاماراتيين استخدموا كل وسائل الميديا والتقنية والجذب بالنسبة للمقيم يعني باللهجة بتاعتنا ( بدوك بجهه, بتلقي نفسك رجعتها ليهم بجهة تانية) لكن في السعودية اين يصرف المقيم فلوسه لا يوجد لديها اي استثمار في هذا المجال فالمقيم لا يجد مايصرف عليه نقوده بالاصل او مايستحق عليه الصرف , فالمشكلة يا اخي الكريم من سياسة الدولة وليس من المقيم , انا عن تجربتي الشخصية اهتم بالمجال السياحي واستغربت ان السعودية بها اماكن سياحية لاحول لها من سلطان تقنيها والله العظيم من النفط ومجالات شتي غير مفتوحة , وهذا كله مهمل , ويلقون اللوم بعد هذا على المقيمين , مالهم ذنب ممكن يطلعوا ويشتغلون في مكان تاني والخسران الوحيد هو البلد وليس المقيم , اما من ناحية المواصلات فان المقيم يجد صعوبة في شراء سيارة وبعد هذا كله يشتريها مما تصير فوضي عارمة بكل الشوارع لماذا لا يقيمون خطوط مواصلات كالمترو داخل العاصمة بالذات , صدقني لن تجد في ذلك الوقت احد يركب سيارة ويحل بهذا مشكلة الاكتظاظ وامتلاها بالسيارات التي ليس لها داعي.

  5. ياجماعه بالعقل كده كل واحد في الدنيا دي عندوا هدف اوحلم عاوز يحققوا بغض النظر عن الحلم لو كان صغير او كبير. مثال المغترب يخلي اهلوا ويخلي كل حاجه وراهوا عشان يمشي السعوديه ويجي يصرف كل ما عندوا في السعوديه وايش الفائده ( لاتنسوا نصيبكم من الدنيا) الادخار حق كل انسان والسلام عليكم

  6. وفيت وكفيت ووضعت النقاط فوق الحروف وخير الكلام ما قل ودل – ليت من بيدهم الامر ان يفهموا كلامك هذا يا شجاع …

  7. هذا التوجه بالتبعية سيقلل من المواطنين الذين يضطرون للعمل في مهن دنيا وبدخول (أيضا) متدنية. ولا نسير خلف شعارات جوفاء تنادي بالاكتفاء الذاتي من العمالة حتى في المهن الدنيا. ولا نلتفت لمن يفترض أن هناك عاملا مغتربا سيكسب ويجب ألا يحول أموالا لبلاده! فنحن نشتري خدماتهم كما نشتري المواد التي نستوردها من الخارج، وكل ذلك يستلزم تحويل أثمانها للخارج.

    عموما افكار الاحمد يدل على عقلانية في التفكير العربي مع ملاحظة انه ليس هنالك ما يسمى بالمهن الدنيا فعامل النظافة في اليابان مثلا في مقام اكبر مهندس عربي في وضعه الاجتماعي ولكم في خواطر الشقيري عبرة

  8. تجياتي أخي حمود ..

    اتفق معك في الطرح الجميل , ولو رجعنا للوراء وتذكرنا اثنين من الدوله الغنيه جدا في الوطن
    العربي وعملت بنظرية تحديد تحويلات الأجانب المتواجدون على اراضيها وهما العراق وليبيا والكل
    يعرف نتائج هذه السياسات على تلك الدول ويجب ان نتعظ منها ..

  9. the money can be recycled internally by opening the invevestments for all AND CANCEL THE SPONSERSHIP RULES AND REGULATIONS , THE EXPATRIATES WILL RELAX AND INVEST THEIR SAVINGS LOCALLY INSTEAD OF TRANSFERRING THEM,IT WILL BE A BIG MISTAKE IF YOU CONTROLLED THE MOVEMENT OF THE MONEY TRASFFER(AS IRAQ AND LIBIA) HAD DONE BEFORE )BECAUSE MOST OF THE PROFFIONAL EMPLOYEES WHO ARE LOOKING AFTER THE OPERATION AND MAITENANCE OF FACTORIES ..EXTRA WILL FLED AWAY AND SAUDI EMPLOYEES WILL NOT AND NEVER COVER THEIR ABSENCE

  10. موضوع الكلام عن تحويلات المغتربين(العمالة الوافدة )ورفع الرسوم السنوية علي تجديد اقاماتهم امر مرفوض واعتراض علي حكم الله اعطوا الأجير حقه قبل ان يجف عرقه ، ثانياّ ان الله فتح عليكم من خزاينه من غير حساب فإذا رحتم تتلاعبوا بحقوق الناس ربنا له القدرة علي وقف رحمته النازلة من السماء .

    فعلي سبيل المثال ” المقيم الأجنبي يدرّس ابنائه كل المراحل وعند المرحلة الجامعية لا يقبل بالجامعات الخليجية فيضطر الوالد بإرسال ابنائه للدراسة في بلاده أو دولة اخري فعندها يتم تحويلات كبيرة لا بد منها .

    هنالك وظائف علها تندثر من سجلات وزارة العمل للوافدين كوظيفة حارس ( بتطوير الأمن وكمرات المراقبة) سائق خاص , مدرس ابتدائي , وغيره والله اعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..