ما الذي ينقصنا ؟ وما الذي أوصلنا إلى هذا الحال البائس ؟

ما الذي لا نجده في كل فكرة وكل تطبيق ؟ وما الذي يمنع الفكرة الجميلة من تعيش طويلا ويجئ من يضيف إليها فكرة أخرى أو تعديلات أخرى ويستمر كل شيء نحو ما هو أفضل … هل من نقص في العلماء والخبراء السودانيين ؟ علماءنا في الاقتصاد وفي شئون المال والأعمال وفي العلوم والهندسة وفي الطب منتشرين وتشهد لهم مشارق الدنيا ومغاربها… وأما مواردنا الطبيعية لا أول لها ولا آخر … إذن لماذا يستمر كل شيء عندنا إلى ما هو أسوأ ؟ وما الذي ينقصنا ؟
قد يتبادر إلى ذهنك إنه المال ؟ ليس المال .. هناك دول نهضت من غير المال بل ومن غير موارد وأصبح الفارق بيننا وبينهم سنيين ضوئية .. ونموذج آخر لدول لها المال الكثير والوفير ولكنها مازالت قابعة في دائرة التخلف لا تختلف عنا إلا بالرفاهية (المؤقتة)
يتبادر إلى ذهنك أيضا إنه هو الفساد ؟ إذا وافقتك الرأي وإنه هو الداء … السؤال ما الذي أوصلنا إلى هذا المرض حتى أصبح الفساد ثقافة ومنظومة بيننا ؟ الإجابة إن الفساد وكل الذي نعيشه اليوم تتحمل وزره جميع الحكومات المتعاقبة على هذا الوطن المكلوم منذ الإستقلال وهذه الحكومات تتحمل وزر وجود هذا النظام الفاسد الذي حول حياة الناس إلى جحيم والوطن الى خراب وهي من أطالت في عمره فهي سبب هذا الحال البائس اليوم …
وقد تستغرب وتقول كيف ذلك وما ذنب الحكومات السابقة ؟ ولتوضيح ذلك بكل بساطة الحكومات السابقة لم تعمل على تطوير الإنسان السوداني منذ المهد في التربية ومنذ النشأة وتركت الحبل على القارب للتربية والتعليم… والذين يحكموننا اليوم لم يأتوا من السماء هم خرجوا من بيننا ومن صلب هذا المجتمع وهم نتاج تربية غير سليمة تجاهلت تعليمهم منذ الصغر ولم تغرس في عقولهم المبادئ والقيم السليمة وكيف يديرون شؤون الناس .. فإن لم يكن زيد الذي سرق اليوم لأنه أتيحت له الفرصة لكان السارق عبيد الذي لم يجد هذه الفرصة للسرقة .. ولو كان المجتمع سليم ومعافى لما خرج علينا هؤلاء الشياطين
ما الذي يجعل الواحد منا يقف في وجه الرأي الجديد؟ .. والإجتهاد الجديد؟ .. لماذا نصفق للمشروع الجديد وعندما نصفق إن التصفيق كأنه نوعا من تشجيعه على الموت حيا ؟
وما من جلسة أو ندوة أو مؤتمر إلا وتدور فيها أشكال وألوان من هذه الأسئلة وتنتهي الجلسة عادة بعبارة واحدة وهي كفن لكل فكر ولكل عمل جيد وفصل وتشريد لكل عالم وخبير .. ثم نسأل من بعد ذلك من سيكون البديل ؟ !! والذين يجلسون على رأس النظام عباقرة وعلماء وخارقون ؟ !! والعجيب جدا عندما يتحدثون عن التغيير للمناصب تدور الكراسي حول فلك هؤلاء العاهات (الفشلة) لا جديد في الوجوه الكالحة التي استمرأت الفشل والأعجب منهم إستسلامنا نحن للذي يدور … نحن السودانيون في هذا العهد البائس أصبحنا هكذا !!!
ولكن ما معنى هكذا ؟ … معناها إننا (عاطفيون) معناها أننا نتحمس بسرعة ثم تخمد هذه الحماسة بسرعة أشدّ . أو بعبارة دقيقة : نارنا قش والقش يشتعل بسرعة وينطفئ بنفس السرعة ويعود كل شيء إلى ما كان عليه قبل ذلك
ولكن لماذا أيضا ؟ :
لأننا ينقصنا : الإستمرار والإستمرار معناه القدرة على الصبر على تحقيق فكرة بشرط أن نكون قد آمنا بالفكرة وإقتنعنا بها وعندنا الإستعداد على التضحية من أجلها
ومن الصفات السيئة التي إكتسبناها وبفضل (الإنقاذ) ومن إنجازاتها والتي لا ينساها التاريخ (للمتأسلمين) الجُدد إكتسبنا صفة أخرى كريهة ألا وهي أننا ( أنانيون ) بمعنى أن كل واحد يقول : أنا وليس بعدي أو أمامي أو ورائي أحد غيري وهذا خطأ منهجي وفكري أن أحدا أو حزبا لا يستطيع وحده أن يحقق شئيا فلا بد من الآخرين أي لابد من إشراك الآخرين شركاء الوطن حتى لو إختلفوا معنا سياسيا أو عقائديا أن يعملوا معنا لكي ننجح معا أو لكي نخرج من هذه الحالة البائسة .. ولايهم من الذي ننسب إليه هذا العمل المهم كيف نخرج .. والفشل الذي نعيشه اليوم ما هو إلا نتاج سياسة إقصاء الآخرين وتشريدهم .. ونزع الوطنية من على قلوبهم نزعا ..
وعدم الإستماع للآخرين مشكلة عندنا … فكم من عالم ومتعلم أطبق على صدره سره وهرب به أو مات حسرة لأن أحدا لم يستمع إليه , أو لم يمكنه أن يقول شئيا ينفع الناس ؟ ولا ذنب له إلا لأنه لا ينتمي ( لهذا الحزب)
إذن فالعيب فينا في دواخلنا ونحن نحتاج إلى تربية طويلة … وأساس هذه التربية النموذج السليم والقدوة الحسنة على كل المستويات .!! وبذلك يكون الصدق هدفا وأسلوبا وعملا … حتى نخرج جيلا آخر غير هذه الأجيال الحالية جيلا معافى من كل أمراض الأنانية وسوء التقدير .. جيل يتعلم كيف يقاوم ضد المستعمرين الجُدد المحليين أولا ومن لصوص الثروات وسارقي الحياه وعشاق الجهل والموت …
فأين القدوة الحسنة الصادقة الأمينة التي يقتدي بها هذا الجيل ؟
[email][email protected][/email]