ما مِتنا ولكن ذُبحنا في عُتمة الصمت {2}

خلف الستار
عذراً أخي علي رغم محاولاتي الكثيرة لم أستطع إنزال القصاص في الجُناة،ولكن لم ولن أتنازل عن دماءك الطاهرة طالما بقيتُ حياً،رغم أن بعض الجُناة هلكهم حروب دارفور والبعض الأخر يرتعون مع إبلهم في البوادي،فمظلمتُنا لم تنتهي حتي في من هُلكوا دعك من الباقيين،وشرف القسم الذين تعاهدنا علية في الصبا،أنا وأنت وعبدالرحمن مازال باقيا رغم رحيلك،وغيابه هو الأخر في الدرك الأسفل من المجهول قسرا لن يُثنيني مهما ظللتُ وحيداً،نعم أعلم انكم تركتم لي قسم الحماية بالدم وحدي،ورحلتم قبل أن نكمل المشوار الي فضاءات أخري،ولكن مازلتُ قويا صامدا علي العهد باقيا رغم جور الزمان وتحالف الشرانيين،فشكرا للموت الذي داعبني كثيرا وتعاطف مع في حوادث السيارات،التي هشمت جُمجمتي وحوادث المواتر التي أصابتني بالكسور مرة تلو الأخري،قد اذاقوني صنوفا من الآلام ولكن لم يعطلوني فتلك محمدة،حتي البحر جذبني الي عمقه عشرين مترا،عندما إنقلبت السفينه فظننتُ أني سوف أكون طعاما للأسماك والحِيتان،وأعود معلبا في عِلب التونة الي أهلي في القارة السمراء،ولكنه سرعان ما لفظني للسطح عندما علم في جوفي قضايا عادلة لم تري النور بعد!إذن شكرا جزيلا يابحر لأنك تساهم في فرص إرساء قيم العدل في الارض.
إخوتي قد يطول الآمد في تحقيقي للعدالة،لأنكم تركتم لي العديد من المسؤوليات بالإضافة الي قصاص من مُجرمين محميُون،وقصة إختطاف تُعد الأصعب من بين العشرات من جرائم الإختطاف الشبيه بالمنطقة،ولكن سوف أعاهدكم مرة أخري في غيابكم كما عادتكم في الحضور،سأظل ساعيا بشتي الطرق للإقتصاص من الفجره الضالين،ولن أتراجع ولن أساوم في أرواحكم نهائيا وأفيديكما بالمال والدم والروح،فلا حياة وسط التجرع من كاسات الذُل والمهانة،وقسما إني لهم بالمرصاد وهم يعلمون.
شكرا جزيلا أيها القتله المارقين،لأني نجوت من افخاخكم التي نصبتموهم لي علي حد قولكم!وشكرا لكم لأنكم تطلقون إشارات التهديد لي ولأسرتي الكريمة إن لم أتراجع عن مواقفي،فقط تأكدوا أن مواقفكم المُضادة تزيد صلابتي وإيماني بالقضية،وتُقوي يقيني أكثر وتدفعني نحو المُعترك الصحيح،والتمسك والإلتفاف حول القيم العدلية وإجتثاث الظلم من الأرض.
كذلك شكرا جزيلا لعديمي الإنسانية الذين يتنافسون في الزواج من خطيبة أخي عبدالرحمن،قبل إكمال المدة القانونية لأنهم يأكدون موته علنا،في ظل حماسي المُفرط في إيجاده وإعادته الي حضن الأسرة كي تقر عينها،ولكن الذين يقبع تفكيرهم تحت سراويلهم يصدموني مراراً في عز الصدمات،بل يغرسون خناجر مسمومه في ظهري وهم لا يشعرون،فلستُ أدري أنهم يجهلون معاني القيم السامية والفاضلة،أم إنهم مُتاكدون من رحيله ويخشون تبليغي،شكرا والد الفتاة لأنك لقنتهم درسا جميلا في الإنسانية،عندما قلت لهم لن أفتي في هذا الأمر إلا بعد ما أتحصل علي النبأ المبين في رحيله،ونكمل مراسم عزائه.كذلك عذرا تلك الفتاة الوريفه التي ظلت تُعبر عن فقدها بالصمت،ولم تخدش حياتنا بالهرولة نحو الزواج من أخر وسط مأساتنا،فشكرا جزيلا أيتها الأخت النبيلة علي المواساة والتضامن،وحتما لن نقيدك أكثر من المدة القانونية للمختطفين فالحياة تمضي رغم الآلام والجراح.
ما يُثير دهشتي وجنوني هو مجموع ال65 مكالمة بين مجموعة معروفة ليلة إختطافه!وظلت تلك المجموعة تتواصل مع بعضها فترة طويلة،ويفتحون هاتفه كل أسبوع لتتبع المكالمات الواردة إليه،ومضي الحال لسته أشهر هكذا وعندما تُخاطب النيابة شركات الإتصالات يمتنعون!فقال لي أحد مدارء الشركات بعدما أثرت ضجة كبيرة داخل شركته،لا أستطيع أن أعطيك بيانات الارقام التي تطلبها ولكن إن تريد أخاك إذهب لجهاز الأمن،فقلت له كيف والنيابة تُخاطبكم ولا تخاطبهم!فقال:إبحث عن بني جلدتك وسط الجهاز فهم سوف يساعدونك وأكتفي!
الجدير بالذكر أن طبيعة العملية التي تمت بدقة عالية،ولم يشاهده أحدا من المارة لحظة إختطافة بعربته البوكس دبل كاب،ولم يتصل أحدا بالأسرة طيلة ال25شهرا التي مضت طالبا الفدية،كما حدث للذين من قبله وبعده من المُختطفين،كل تلك المؤشرات تؤكد إن الخاطفين ليسوا مجموعة مجرمين،يقصدون المال والإبتزار وراء العملية،وإن كان كذلك هاتفونا من الشهر الأول وتوصلنا لتسوية نطوي بها ملف القضية،إذن هنالك أيادي أكثر خبثا وراء الأمر والذين يفعلون الفواحش،إعتقالا،تعذيبا،تشريدا،تنكيلاً وقتلا معرفون!رغم مساويكم التي لا تُغفر أناشدكم جميعا وأخص بمناشدتي أولي الضمير،الذين تورطوا إعتباطا في الأجهزة القذرة نرجوا منكم إبلاغنا ولو سراً،إن كان حياً يرزق أو ميتاً أغتيل،فوالله رغم مرارة ما يأتي إلا أنه يفيدنا في تحديد مصيره،قد نفرح حد البكاء أو نبكي حد الممات ولكن في الأخير سوف تستريح أعصابنا قليلا أو كثيراً.
كما أناشد كل المهمومين بقضايا الوطن والإنسانية في كل أنحاء المعمورة،بالتضامن والبحث بشتي الطرق لوضع حد لمأساة الأسرة المكلومة،وأخص أيضا الذين خرجوا من المُعتقلات وزنازين النظام إن سمعتم عنه خبرا في تلك الأمكنة أخبرونا،فالكثيرون من أبناء وطني يمكثون سنينا عددا خلف القضبان دون علم زويهم،رغم كثرة المأسيء والمصائب المُتراكمة في اجهزة الدولة المُتشرعنه فسادا وعنصرية،إلا أن هنالك القليل من الأخيار الذين تُرفع لهم القُبعات،فشكرا جزيلاً مدير قسم شرطة نيالا شمال علي وقفتك الباسلة رغم الضغوطات،وشكرا علي الذين يدافعون عن الحقوق ولكنهم يخافون!وشكرا أيضا للمتضامنين المُستسلمين للظلم القاهر ولكنهم يرفعون أكفهم تضرعا لله،كي يرفع كل المظالم عن المُستضعفين وينتقم من الظلمة المُتعجرفين،وشكرا جزيلاً لأؤلئك الذين مازالوا يعملون ويواجهون كل أجهزة النظام المستبد،بشراسه وبسالة ويدفعون اثماناً مضاعفة لتحقيق النصر،وقسماً لن أتراجع عن نصرة المظاليم أينما وجدوا،وسأظل أقاوم الجبابرة والجبروت في كل العالم،والعهد مع الشهداء الذين مهروا دماءهم من أجل الحرية والكرامة الإنسانية،سوف يستمر حتي النهاية إما قهرنا الظُلم وإقتلاعناه إقتلاعاً كي نبني عالما جديدا مليء بالمحبة والسلام،أو جيئانكم في علياءكم حاملين رأياتنا فرحين،فسلام لكم جميعاً في عُلاكم،وسلام لكما أخوتي علي وعبدالرحمن في المنافي الأبدية،والمنافي التي تسكنها حُلم الرجوع.
صالح مهاجر
[email][email protected][/email]