جامعة الجزيرة تعاود الدراسة .. سلامات يا وزير العدل!

سلمى التجاني

أتذكرون تلك المرأة من معسكر كلمة بنيالا التي تبيع الحطب و تشتري الجازولين ليذاكر ابنها دروسه؟ نعم والدة الصادق عبد الله يعقوب، الفتى الذي وُجد قتيلاً مع زملائه الثلاثة: محمد يونس نيل، عادل محمد أحمد حمادي والنعمان أحمد القرشي باحدى الترع قريباً من النشيشيبة جامعة الجزيرة.
حدث ذلك إبان تصعيد طلاب دارفور لقضية إعفاءهم من الرسوم الدراسية وفقاً لما نصت عليه اتفاقيتي ابوجا والدوحة وما جاء في القرار الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية بهذا الصدد.

لا أدري كيف تلقت هذه السيدة الخبر ولا أعلم ما هو حالها الآن لكن زملاء ابنها يستأنفون الدراسة بالجامعة يوم الأحد المقبل العاشر من فبراير الجاري ، فقد أصدرت الجامعة وقتها قراراً بتعليق الدراسة لأجلٍ غير مسمى ( حفاظاً علىالأرواح والممتلكات ) كما قال مدير الجامعة ، لكن ما الجديد الذي جعل الجامعة تطمئن على سلامة الأرواح والممتلكات فتعيد فتح ابوابها ؟ وماذا فعلت بحق الأرواح التي أُزهقت وأين وصلت مساعيها لتحقيق العدالة بحقهم، فهم كانوا تحت مسئوليتها عندما اغتيلوا و (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته)، وكان حل قضيتهم التي ماتوا من أجلها بيد إدارة الجامعة، أو في أقل تقدير كان باستطاعتها مخاطبة الجهات التي بيدها الحل.

في الحقيقة ومنذ حادثة مقتل الصادق وزملاؤه في السابع من ديسمبر الماضي تمت عدة إجراءات أظنها تحوطية لاحتواء الموقف وامتصاص غضب الشارع الذي خرج في كل ولايات السودان مستنكرا ما حدث، وتخديراً للمنظمات الحقوقية المحلية والعالمية التي نادت بضرورة التحري في الحادثة ومعاقبة المجرمين.
الإجراء الأول كان تعليق الدراسة بالجامعة ، ويبدو أن إدارة الجامعة اكتفت بتقرير المشرحة الذي قال أن الطلاب الأربعة ماتوا غرقاً فقررت منح بقية الطلاب إجارة يريحوا فيها أعصابهم من هول (انتحار زملائهم) ثم هاهي تعاود الدراسة من جديد زي الماحصل حاجة.

وجاء الإجراء الثاني من السلطة التنفيذية إذ أصدر وزير العدل قراراً بتكوين لجنة للتحري في القضية، واللجنة منذ تكوينها في الثامن من ديسمبر الماضي لم يسمع عنها أحد حتى تساءلتُ هل أعضائها أناس حقيقيون أم أنها الكاميرا الخفية، لكنها نجحت في تحقيق الهدف الذي ربما كُونت من أجله، فقد هدأ غضب الشارع انتظاراً لما ستخرج به لجنه التحري ولم تخرج بشيئ أو ربما توصلت لنتائج رأت الحكومة أن الإعلان عنها في غير مصلحتها لذلك سكتت .
لذلك فالمنطق يقول إما أن هناك لجنة فعلية وقامت بعملها كاملاً ورفعت تقاريرها للجهات المختصة، لكن هذه الجهات رأت ان النتائج ليست في مصلحة الحزب الحاكم فقررت التعتيم عليها معتمدةً في ذلك على ذاكرة الشعب السوداني الذي من كثرة المصائب لا يتذكر ترتيبها الزمني.
وإما أن موضوع اللجنة كله كان لامتصاص غضب الناس حتى ينسوا القضية ويصبح الطلاب الأربعة مجرد شواهد في مقابر متفرقة من انحاء البلاد . الإحتمال الأخير هو أن هناك لجنة فعلا لكنها لم تفعل شيئاً وفي ذلك عدم احترام للسودانيين أحياء وأموات.
أما الإجراء الثالث فقد فُرض فرضاً على مجرى الأحداث ، إذ تقدم الدكتور اسماعيل حسين بسؤال لرئيس البرلمان يطالب فيه باستدعاء وزير العدل حول جريمة جامعة الجزيرة ، من يومها والناس تحرس وترجى انتظاراً لموكب وزير العدل متوجهاً نحو البرلمان لكنه لم يأت، وربما لم يبلغه أحد بالإستدعاء، وقد يكون اُبلغ لكنه في زحمة مشغولياته اعتذر لتُرحل المسألة لدورة البرلمان القادمة ، ولسان حال الوزير يردد مقولة الشيخ فرح ود تكتوك الشهيرة (يافي البعير يا يا في الفقير يا في الأمير) .
ما يستدعي التوقف طويلاً هو الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع قضايا حساسة كجريمة اغتيال طلاب جامعة الجزيرة ، فالاعتماد على عامل الزمن لتصبح القضية طي الكتمان يثير الريبة ، ما الذي تريد الحكومة إخفاءه في هذه القضية ، لماذا تريد لها النسيان ولماذا تدخل نفسها طرفاً فيها والأجهزة المختصة بالتحري والمقاضاة يُفترض فيها الحياد.
ثم التعامل مع الإنسان بهذا النهج يؤكد أن الدم السوداني رخيص عند الحكومة، لكن الصورة الكلية أمام العالم تقول: إن كان دم مواطنك رخيص فأنت ايضا تجري بعروقك ذات الدماء، لذلك عندما يحزن رؤساء الدول على موت مواطنيهم يهرع العالم كله لتعزيتهم، فمن يحترم مواطنيه يستحق الإحترام .
وأكثر ما أثار حيرتي هو زعم الحكومة بأن المعارضة حاولت استغلال الحادثة لإسقاط النظام ، طيب لماذا لم تقم الحكومة بما يجب القيام به ، لماذا لم تجري تحقيقا جاداً وتعلن نتائجه للناس ثم تقدم الجناة للمحاكمة حتى تطفئ نيران الظلم التي تأكل قلوب ذوي الضحايا ، الحكومة لا تحتاج لهذه الحادثة كي تسقط فالنظم تسقط أخلاقياً أولاً ، وما يلي ذلك مجرد باقي عمر تقضيه وفقاً لمشيئة الله الذي ينزع الملك أنى شاء .
وهكذا يُغتال أربعة طلاب من جامعة الجزيرة ثم تعود إدارة الجامعة بعد شهرين لتقرر استئناف الدراسة ، كأنهم كانوا في إجازة للإستجمام ، لا أحد يُساءل وبالطبع لا أحد يشعر بالذنب فيتبرع من تلقاء نفسه بتقديم استقالته ، ليعود الحال كما كان عليه . لكنه لن يعود ، فهناك أربعة مقاعد خالية تُذكر الجميع بأن قاتلهم لا زال طليقاً ، وأن أربعة أرواح ، أربعة أنفس ، أربعة حيوات وآمال وأحلام أُهدرت هنا ولا زالت تنتظر القصاص ، ألا تستحق منا هذه الارواح سؤالٌ بسيط لأولي الأمر : من قتل الصادق وزملاؤه .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. و هناك أربعة من الشباب قتلول في مسيرة سلمية تعارض سد كجبار في العام 2007 و لا يعرف ذووهم ما تمّ في محاكمة القتلة حتى الآن.

    دم الإنسان السوداني أرخص من التراب يا سيدتي، و لا عجب

  2. دم المواطن السودانى لا قيمة له بالفعل وتكوين اللجنة فى السودان هو لتاجين القضية برمتها واذكر على سبيل المثال وليس الحصر لجان تكونت ولجنت قضايانا
    .لجنة التحقيق فى عمارة الرباط
    .لجنة التحقيق فى مجزرة امرى
    .لجنة التحقيق فى مجزرة البجا
    .لجنة التحقيق فى جرائم دارفور
    لجنة التقصى عن الحقائق فى طريق الانقاذ الغربى
    .لجنة التحقيق فى مجازر كجبار
    .لجنة التحقيق فى مجازر البجا
    ولكن حينما قتل ابطال حلفا الوسخ بتاع الموتمر الوطنى تم القبض على الابطال وحكم عليهم فوريا دون تكوين لجان …اللجان هى لتلجين قضايا الشعب السودانى فقط

  3. اتذكرون تلك المرأة من معسكر كلمة بنيالا التي تبيع الحطب و تشتري الجازولين ليذاكر ابنها دروسه؟ نعم والدة الصادق عبد الله يعقوب، الفتى الذي وُجد قتيلاً مع زملائه الثلاثة: محمد يونس نيل، عادل محمد أحمد حمادي والنعمان أحمد القرشي باحدى الترع قريباً من النشيشيبة جامعة الجزيرة. حزن خيم على المخيم
    اللهم الهمها الصبر الجميل واريها فيهم غضبك ياالله

  4. Salam! God Bless you sister
    You have just said it all…..no wonder that is banned to be published….. this article can change governments in some other parts of the world or at least enforce some high personnel to resign their jobs but this is Sudan and this the “Ingaz”u

  5. اولا الحي ابقى من المية والطله ديل مافي اي واحد قتلهم طفروا في الترعه وانا شاهد عايان واتمنى من الصحيفة دي تطرح المواضيع الحساسه دي من دون اي تحيز اتأجيج للمشاكل المتناثرة في انحاء السودان

  6. اقتباس “” ثم التعامل مع الإنسان بهذا النهج يؤكد أن الدم السوداني رخيص عند الحكومة، لكن الصورة الكلية أمام العالم تقول: إن كان دم مواطنك رخيص فأنت ايضا تجري بعروقك ذات الدماء،
    الاستاذة سلمى من قال لك دمنا كدمهم – ان دمائنا ياسيدتى غالية وعزيزة اما دمائهم فقد اختلطت بها عفن ماء المجارير وأكل كل جيفة من قبل اوبعد اغتصابهم للسلطة – الا ترى فى وجوههم اسودادا وقبحاوترهلا ، لا ولن تنفعهم مكياج العالم كله ليزيلوا عنها تلك القيح
    ولك المجد ياوطنى

  7. انا والله لمن كنت صغير ويا داب فى تالتة اولية فى ذاك الزمن وعمرى لم يتجاوز التسع سنوات ضربت ( تيس ) جارنا بعود طورية لانه كان ( يلبلب – يفحل – ) غنمايتنا وبتلك الضربة مات التيس تقريبا بعد اسبوع متاثرا بالجراح والان انا تعديت سن الخمسين وكلما اتذكر ذلك الموقف ادعو الله ان يغفر ذنبى ولا استطيع ان انام غرير العين يوم يحضر فى بالى ذلك التيس . فكيف عليكم الله هؤلاء السفلة الحكام الشررة ينامون وبطونهم وكروشهم مليئة بما لذ وطاب – يشخرون فى سبات عميق – ناسين انهم مسؤولون امام الله عن جميع اهل السودان – صغيرهم – كبيرهم – فقيرهم قبل غنيهم – وان كان غالبيتنا فقراء وهم السبب – ويا ويلهم من الله ( دعهم ينامون وغدا سيبكون )

  8. اولا الحي ابقى من المية والطله ديل مافي اي واحد قتلهم ((((طفروا ))) في الترعه

    شاهد زور كبير وشاهد ماشاف حاجة القارئ الكريم هل هذا كتابة اسلوب طالب جامعي ام شاهد امي وجاهل ايضا

    قال ((((طفروا )))

  9. اللهم عليك ………بالارجاس ……… اقطعهم تك………..
    اللهم عليك ………بالارجاس ……… اقطعهم تك………..
    اللهم عليك ………بالارجاس ……… اقطعهم تك………..
    اللهم عليك ………بالارجاس ……… اقطعهم تك………..
    اللهم عليك ………بالارجاس ……… اقطعهم تك………..

  10. هذه الحادثه تثبت انحطاط القضاء في السودان وتثبت ان الحكومه عباره عن كذبه لانها لاتطبق النظام فهي حكومه رخيصه للولاءوهو سيدها وليست هي سيده الولاء الولاء اصبح سيد الحكومه من هنا ضهف جهازها القضائي وبداءت تاكل بعضها او زيلها وهي الان وبعد ان افرغت الخزينه بالتمكين والتجنيب والهبات والقروض الحسنه والامتيازات وتفصيل العطاءت اصبح تدار من الجيوب الشخصيه خاصه المليشيات للسحل والقتل لان الخوف ملاها حتي الحلقوم مما جنت يدها وهي مستمره في التستر حتي علي القتله بعد ان اصبح التستر علي الفساد تشريع تصادرؤ له الجهات الامنيه الصحف ويتبجح المدعو علي عثمان بدوله المؤسسات والنظام والقانون وفي الجزيره ليثبت مره تلو المره مدي نفاق بنو كوز والان بداءت اصدق الروايه التي تقول ان بني كوز ما هم الا ماسونيه حسبنا الله ونعم الوكيل اكيد القتله ح يبتعثوا للخارج بعثات طويله المدي حسب السياسه المتبعه لهكذا حاله والله لان تهدم الكعبه حجرا حجرا اهون عند الله من اراقه دم المسلم

  11. فليقف المأفون وزير العدل مع أبناء جلدته ولو لمرة واحدة فى العمر – بل ليقف مع الحقيقة مرة واحدة فى العمر – ماذا سيقول وزير العدل لأهل دارفور من اصحابه وقبيلته عندما يلاقيهم . آه الظلم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..