أبناء الأفاعي؟؟!!(1)

٭ الأزمة الاقتصادية قد بلغت مداها والغلاء أمسك بتلابيب حياة الناس حد الاختناق.. والكل يتحدث عن سعر الدولار الخرافي الذي أطاح بالجنيه السوداني.. حد تدخل السفارة الامريكية في أن تحدد له سعراً هو الأربعين جنيهاً بعد أن شارف على الخمسين وحديث الناس بل المسؤولين على رأسهم النائب العام عن الخمسين جنيه المزيفة التي أوصى الناس بالتعامل الحذر معها..
٭ رجعت بي الذاكرة إلى الوراء.. ووقفت أمام عام 2000م أمام ظاهرة اقتصادية كانت بداية المرض فالأزمة لم تكن وليدة هذا العام 2018م.. رجعت إلى أرشيف صدى ورأيت أن أصطحب معي القاريء.
٭ كثيرة هي الكتابات التي عالجت موضوع الأزمة الاقتصادية وآثارها الاجتماعية في السودان فهناك الأوراق الأكاديمية والمقالات الصحفية وبعض المعالجات الدرامية ورغم كل ذلك نجد أن ما قدمه صديقنا عبد الماجد جاء منفرداً فأسلوبه من حيث المفردات اللغوية وتركيب العبارة وعرض الأفكار في غاية المتعة أما المحتوى فكما ذكرنا فقد غاص عبد الماجد في تلك العوالم السفلية ببراعة لم تتوفر لغيره فكان في غاية الفائدة.
٭ أصدقكم القول انني عندما استلمت مسودة هذا الكتاب وما أن بدأت قراءته حتى أوقفت شواغلي الأخرى ولم انصرف لها إلا بعد الفراغ منه فقد استهواني واستغرقني تماماً رغم أنني نشرت بعض قصصه في باب حاطب ليل بجريدة الرأي العام الغراء ان النصوص التي احتواها هذا الكتاب في غاية الثراء فيمكن أن يؤسس عليها دراسة أكاديمية متعمقة ويمكن أن ينتج منها عمل درامي ضخم لا يقل عن اوشين الياباني أو ليالي الحلمية المصري ويمكن أن يوحي باشعار تصل درجة المعلقات واللوحات التشكيلية. فالكتاب في تقديري مستفز للأكاديميين والصحفيين والفنانين في شتى ضروب الابداع لأنه نقل فوتوغرافي رائع لفترة من تاريخ السودان بكل اشيائها وناسها فإلى الكتاب».
٭ هذه الفقرة الأخيرة من المقدمة التي وضعها دكتور عبد اللطيف البوني لكتاب «أبناء الأفاعي».. الكتاب صادر من دار البلد مؤلفه عبد الماجد عبد القادر عبد الماجد.
٭ في الثالث من يوليو عام 2000 أهداني نسخة من الكتاب لفت نظري عنوانه أبناء الأفاعي وضعته في جدول قراءاتي المستعجل أبناء الأفاعي.. قصص في الاقتصاد مافيا الربا والفساد الاقتصادي.. ماذا تعرف عن سوق الكرين ذلك المجهول ركوب التونسية التجويك الكتفلي التدوير.. الملص.. كلمات وجمل أخذت موقعها على غلاف الكتاب.. مشاغل طارئة أربكت برنامج قراءاتي وكانت الربكة على حساب أبناء «الأفاعي» بالرغم من أن كل فرضيات الواقع تحرض على الاطلاع على ما تفسره وتفصله الكلمات والجمل المتناثرة على غلاف الكتاب الذي يبلغ 125 صفحة من الحجم المتوسط.
٭ عندما وضعت الكتاب جانباً رجعت إلى المقدمة ثانية وأدركت كم كان دكتور البوني صادقاً.
٭ مسميات وظواهر اقتصادية جديدة؟!!
٭ الملص ? الكسر ? التجويك ? التدوير ? الطواقي ? الوضع التركيبة ? الكتفلي ?الخ كلمات دخلت على غفلة من الزمن في قاموس التعامل الاقتصادي خلال السنوات المنصرمة وقد اكتشفت هذا القاموس الجديد فئة من سماسرة التمويل خارج قنوات الجهاز المصرفي الرسمي.
٭ دخل مؤلف الكتاب بالمسميات الجديدة على زمان التحرير الاقتصادي والمشروع الحضاري للانقاذ وقال باسم هذه الكلمات تم التحايل على الربا بالبيع الصوري والوهمي التي تغيب فيه السلعة وتنعدم فيه شروط التعامل الشرعي ولا يظهر منه إلا الصك المردود.
أواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة