عودة الحرس القديم

قبل ما يزيد عن 20 عاماً كتب الأستاذ عثمان ميرغني مقالاً في مجلة الدستور التي كان يُصدرها الأستاذ محجوب عروة… المقال كان عبارة عن “بروفايل”، تضمن تحليلاً عميقاً ودقيقاً لطبيعة شخصية الأستاذ علي عثمان محمد طه، وقد صوَّره المقال على أن قيادي نصفه عسكري والنصف الثاني منه مدني “عسكمدني”، أو هو عسكري في ثياب مدني، وحتى صورة “البروفايل” المصاحبة للمقال أظهرت الرجل نصفه يرتدي زيّاً عسكرياً وينتعل فردة “بوت” والنصف الثاني يرتدي زياً مدنياً وينتعل حذاء مدنياً، وقد خلص كاتب المقال إلى إيحاءٍ زكيٍّ وهو أن علي عثمان شخصية مدنية إلا أن تفكيره شمولي، وعقليته أمنية ويميل إلى إدارة الدولة بالخطط والعقلية الأمنية…
بعد انجلاء غبار مفاصلة الإسلاميين ونتائج صراع “القصر والمنشية” تراءى أن طه كان يمثل العقلية الأمنية في إدارة الدولة وهو الأميل إلى القبضة الشمولية، ويعاونه في ذلك فكراً وسلوكاً وممارسةً الدكتور نافع علي نافع مدير جهاز الأمن الأسبق، ويقاسمهما في تلك العقلية الدكتور عوض الجاز، وإن كان الأخير يُخفي الكثير من تحركاته…
وفي مقابل دعاة إدارة الدولة بالعقلية الأمنية والقبضة الشمولية برز في ساحة الصراع آنذاك ? قبل أن يُطاح بهم- دعاة الانفتاح وتوسيع هامش الحريات والتعددية بزعامة الدكتور حسن الترابي، وبعد الإطاحة بالأخير وإقصائه من مواقع اتخاذ القرار خلا الجو لمجموعة التيار الشمولي الذي يميل إلى إدارة الدولة بالعقلية الأمنية وذلك لفترة طويلة إلى تصاعد التململ وطغى التيار الإصلاحي الشبابي الذي كان مؤثراً وفاعلاً في محيط الحزب، وكانت من نتائج ضغوطه إبعاد الحرس القديم وحقن الحزب بمصل “تجديد الدماء” مخافة أن يتكلس الحزب، وطبقاً لهذه التدابير والإجراءات تم إعفاء علي عثمان محمد طه، والدكتور نافع علي نافع، والدكتور عوض الجاز، والفريق صلاح قوش قبل اعتقاله.
في الفترة التي تولى فيها الشباب والوجوه الجديد إدارة الدولة انحدرت الدولة والحزب نحو الوقوع في أخطاء كثيرة قادت إلى فشل فادح في كثير من القطاعات الاقتصادية ذات الصلة بالإنتاج، وكذلك في الأجهزة السياسية والتنفيذية، وفي الجوانب التنظيمية وكثرت الخلافات والنزاعات داخل الحزب بالولايات، مما أعطى مبرراً لعودة الحرس القديم “دعاة الإدارة الأمنية”.. غير أن إشارات واضحة كانت توميء إلى أن بعضاً من عناصر “الحرس القديم” بأنهم وراء إثارة هذه المشكلات والصراعات مما يوحي بأن بعض عناصر الحرس القديم تسعى إلى إفشال “الشباب” لمنح عودتهم مبرراً قوياً…
الآن وبعد عودة الفريق صلاح قوش إلى جهاز الأمن أمس، ومع تصاعد إرهاصات عودة “شيخ” علي” والدكتور “نافع”، وقد سبقهم الدكتور عوض الجاز إلى الامساك بأهم الملفات الخارجية، بعد كل تلك الخطوات والارهاصات فهل باتت عودة الحرس القديم أقرب إلينا من حبل الوريد..؟ وماذا تعني هذه العودة…؟ اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة