العرب ونظرية العصبية لابن خلدون (2)

صدام حسين:
كان السنة عصبية صدام حسين وسدنة النظام، وكانت القومية العربية كما بدت لنا ونحن طلاب بالمدارس اسما جامعا للمسلمين والمسيحيين وترياقا ضد الدولة الدينية التي يفرق ولا تجمع والتحجر والجمود واجترار الماضي والانفصل عن حركة التاريخ بدليل فيلسوفها ميشيل عفلق، لكنها حركة عنصرية لا تختلف عن الصهيونية وعامل من عوامل الانقسام، وقد تجلي ذلك في السودان والعراق وسوريا، لأن ما يعرف بالعالم أو الوطن العربي أمم وشعوب لها تاريخها وارثها الحضارى، واللغة الانجليزية اللغة الرسمية ولغة الحياة اليومية في بريطانيا لكن بريطانيا ليست دولة انجليزية وكذلك لغة الهان في الصين، ويزعمون ان القومية العربية مفهوم ثقافي لكنها ليست كذلك بدليل عملية الترانسفير في كركوك ودارفور، وفقراء العرب هم الذين يكثرون من الحديث عن الوحدة العربية أما أغنياء البترول فلا يريدون شريكا في نعاجهم التسعة والتسعين، وكان من الممكن تكرار تجربة الاتحاد الأوربي في الشرق الأوسط بما في ذلك تركية وايران واسرائيل لامتصاص التوترات الدينية والعرقية، لكن النازية الدينية تزعم ان الشرق الأوسط الكبير مؤامرة أمريكية، لولا ان الخلافة العثمانية كانت دولة دينية وأمبراطورية تركية لكانت اتحادا كونفدراليا كالاتحاد الأوربي ولما وجد مبرر لتقسيم فلسطين الي دولتين، لكن أدعياء الاسلام يرفضون دولة المواطنة ولا تختلف هوية السودان العربية والاسلامية عن يهودية الدولة في اسرائيل،ويذكرني الترابي بأبو الأعلي المودودى والجماعة الاسلامية في الهند التي أصرت الي انفصال الباكستان فانخفضت نسبة المسلمين الي الهندوس 45% الي 13% والمسلمون أمة رسالية ولا يجوز لهم التقوقع والانعزال، ولم تكن الباكستان ملاذا من التعدد وكذلك شمال السودان وتنازل نهرو لمحمد علي جناح عن رئاسة الوزرا لكن الجماعة الاسلامية أصرت علي الانفصال فأصيب غاندى بحالة من الاحباط واعتزل الي أن اغتاله مهووس هندوسي بتهمة الردة، وكان السنة سدنة النظام الصدامي وعصبيته ضد الشيعة والأكراد الذين استعانوا بأميركا ولا ألومهم في ذلك، فمن كان يستطيع أن ينقذهم من صدام حسين حجاج العصر الحديث؟ وتعلمنا من التاريخ ان الذين عانوا من الطغيان يتحولون الي طغاة كالمسيحيين الذين عانوا من طغيان الأمبراطورية الرومانية فأصبحوا طغاة جبارين وأول داعشية ونازية دينية في التاريخ، واليهود الذين عانوا من طغيان النازية في ألمانيا فطغوا علي ابناء عمومتهم العرب في فلسطين، والعبيد الهاربين من العبودية في أميركا وأسسوا لهم دولة في ليبريا وطغوا وتجبروا علي الأهالي، والشيعة الذين عانوا من طغيان صدام حسين ويحاولون الطغيان علي الآخرين،
وقتلوا محمد باقر الحكيم لأنه قال ان الأكثرية لاتمك الحق في الطغيان علي الأقلية، وأدعياء العروبة في السودان الذين يعانون من النظرة الدونية في عالم العرب الافتراضي فطغوا علي الآخرين الذين يعرفون بالرطانة كنظرة دونية،
صدام والشيعة والأكراد:
المتهمون بمحاولة اغتيال صدام في الدجيل 150 منهم 48 ماتوا تحت التعذيب في غرف التحقيق و100 تم تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم بالاعدام وتبقي اثنان لم يتم التنفيذ ضدهم صدفة أو سهوا، وجاء ذلك في تقرير رفعه الي صدام عواد البندر رئيس المحكمة، وعلق صدام علي التقرير بخط يده بعبارة لن تكون الصدفة أكرم منا وعفا عنهما، والصدفة تدبير غيبي نحاول تفسيره فنزداد ايمانا بالله، فهل كان صدام حسين يؤمن بالغيب واليوم الآخر؟ أم كان فرعونا يدعي الحق في التصرف في مصائر الناس ومقدراتهم ويرفع من يشاء ويذل من يشاء ويحيي ويميت واليه مرجع الأمور؟ فلا يمكن أن تكون حياة الناس رخيصة هكذا عند رجل يؤمن بالله واليوم الآخر، والأعمال بالنيات فكيف يكون قتلي الترابيين شهداء في الجنة وقتلي الآخرين فطائس؟ وماذنب الثكالي والأرامل والأيتام؟ ولا تذر وازرة وزر أخرى، وقال علي بن أبي طالب من قل ورعه مات ضميره وهذ شأن الطغاة الجبارين في كل زمان ومكان، ونفس لوامة ونفس أمارة بالسوء، ولولا أن محاولة اغتيال صدام حسين كانت حدثا تناولته وسائل الاعلام لما احتاج ذلك الي محكمة برئاسة عواد البندرفي اعدام عبيده الأبقين، ويزعمون أن الشيعة والأكراد خدعوا الأمريكان بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل، وكان صدام حسين أول من استعمل الأسلحة الكيمائية في ابادة الأكراد بالجملة منذ قنبلة هيروشيما وهي من الأسلحة المحرمة دوليا، ومع ذلك فان جرائم الابادة الجماعية في العراق وسورية والبوسنة والهيرسك ورواندا لا تساوى شيئا قياسا بسياسات الأرض المحروقة في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وكان أيدى أمبن أول الطغاة الجبارين في أفريقيا فقد كان الناس يرون الجثث تطفو علي السطح في بحيرة فكتوريا كل يوم والأسمك والتماسيح في خير وفير ورزق كثير من لحوم البشر، لكن جرائم ايدى أمين لا تساوى شيئا الي جانب جرائم الترابي وحيرانه في السودان، وكان العراق ينتج أربعة مليون برميل من البترول في اليوم وليس العراق كالسعودية يصدر البترول ويستورد الماء والطعام، وجاء في بعض المصادر ان أكبر احتياطي من البترول في الشرق الأوسط في العراق وليس السعودية، ومع ذلك شاهدنا المدارس في الريف العراقي من القش والحصير والناس يعيشون في أكواخ من الصفيح والكرتون في أطراف المدن، وتجاوزت ديون العراق المئة مليون دولار، وكانت ايرادات البترول تصب في حجر صدام حسين يخصص منها ما يشاء لوزارة المالية كهرون الرشيد في زمانه عندما قال للسحاب أمطر حيث شئت فسيأتيني خراجك، سفي الحلقة الأخيرة بشار الأسد وأوردغان.
[email][email protected][/email]