تسويق الفشل
يذهب المواطن إلي أقرب صيدلية والرد (مافي دواء) ثم يتجه إلي صيدلية ثانية وثالثة يقضي سحابة يومه في البحث عن الدواء المستحيل وحتي الموجود منه تضاعف سعره ، ثم يسمع من يقول أن الدولة فعلت كذا وكذا وأن الأزمة سببها السماسرة والصيادلة والحكومة بريئة من كل مايحدث ، ويحدث ذات السيناريو في البنوك ، المواطن يلهث من أجل صرف أقل مبلغ مالي والبنوك لاتملك ( الكاش) ولا الإجابة المقنعة فهي ( مأمورة) ولكن منشورات البنك المركزي وتصريحات رسمية تقول ” البنوك ملزمة بصرف أي مبلغ ) ولاتوجد سقوفات معينة، هذا هو القول ولكن في الواقع ( مافي قروش) حتي في معظم الصرافات الآلية.
وحال البنوك وحتي لو كانت القرارات هبطت عليها من (فوق) تعاني من إنعدام السيولة وترفض الدفع عند الطلب وهنا توجد ( مخالفة) الرفض عند الطلب غير مسموح به إلا في حالة إعلان الإفلاس ، وبهذه الطريقة تشطب البنوك ماتبقي من رصيد للثقة عند المواطن ، وفي أكثر من موضوع يبدو الخطاب الرسمي علي قطيعة مع الواقع ، علي سبيل المثال تنقل صحف الخرطوم وبعد تقصي وحوار مع أصحاب الوجعة أخبار عن إختفاء نحو 500 صنف من الأدوية من أرفف الصيدليات وانقطاع أدوية الأمراض النفسية والعصبية ، وكشفت (الجريدة) عن زيادات جديدة في أسعار الأدوية من قبل المجلس القومي للأدوية والسموم ، كل هذا يحدث والحكومة تتحدث عن دعم الدواء وملاحقة السماسرة والتجار وتوجه أتهامات غليظة للصيادلة ورد الصيادلة ” شركات الأدوية مُتوقفة عن بيعهم أدوية جديدة” في تصريحات صحفية قال : رئيس شُعبة الصيدليات عبد العزيز عثمان”إن الشركات المُوردة تحجم من الإيفاء بطلبيات الصيدليات، لأنها في انتظار قرار مجلس الأدوية والسموم بالتسعيرة الجديدة” في النهاية أسعار الأدوية تهبط وتعلو بسعر صرف العملة الوطنية وتدهور قيمة العملة الوطنية والإجراءات التي تلازم الإستيراد والتصدير تخص أجهزة الحكومة التي أصدرت القرارات والتي كانت السبب المباشر في معاناة المواطن الذي أكتوي بإرتفاع أسعار الأدوية المنقذة للحياة وبإنعدام أكثر من 500 صنف ،الحكومة تجيز موازنة تسقط في الامتحان العملي قبل مرور شهر ثم تلاحق التدهور بقرارات ومنشورات تزيد التعقيدات وعندما تفلت الأمور من يدها تلجأ إلي الحلول الأمنية وتبدأ مرحلة الاتهامات التي تتطور إلي ملاحقات وتهديدات وفي النهاية تنسخ الحكومة قرار الأمس بقرار جديد لايأتي بأي جديد ، لأن العقل الذي صنع الأزمة ولايعترف أصلاً بوجود الأزمة بل كل مافي الأمر ( جهات ومؤامرة) ولذلك يفشل عقل الأزمة في صناعة الحل وتتراكم الأزمات والمشاكل والطبقة السياسية الحاكمة للأسف الشديد لاتدفع ثمن الأخطاء الكارثية والقرارات الحكومية التي تعمل لصالح (الأغنياء فقط).
حسن بركية
[email][email protected][/email] صحيفة الجريدة