المفوضية والخبز و.. الأمن!

عرجت على المخبز الذي في الجوار.. لعلي أجد خبزا.. ورغم أن الوقت كان مبكرا لم أجد خبزا.. فدلفت إلى بيتي وأنا أتضور جوعا.. ثم آويت إلى فراشي.. وتمددت.. وأنا أنعم بالأمن والأمان حسب توجيهات السيد الوالي.. وأنا أشكر الله على نعمة الأمن.. وأشكر والينا كذلك.. فقد قال الوالي بذلك.. اشكروا الله على نعمة الأمن.. صحيح أنه لم يقل واشكروني.. ولكن اللبيب بالإشارة يفهم.. وأنا أتقلب في فراشي.. كنت أقلب كل ذلك في رأسي.. الأمن والأمان.. والخبز والإدام.. وتذكرت الآية الرابعة من سورة قريش وتقول.. (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).. ورغم تواضع ثقافتي الدينية إلا أنه كان من الميسور أن ألاحظ أنه جل شأنه قد قدم الإطعام من الجوع على التأمين من الخوف.. فتساءلت لما إذاً قلبنا الموازين..؟ ورغم أنني لا أرى رابطا بين الموازين والميزانية.. فقد تذكرت أن هذه (السواطة) تبدأ من الميزانية.. حيث يتضح أن الأمن والدفاع يحتلان أرقاما فلكية في الميزانية.. فيما تتراجع البنود المخصصة للإطعام من الجوع.. مع ملاحظة أن حكاية رفع الدعم لا تعدو أن تكون بدعة لم يكن لها وجود في صدر الإسلام.. بل إن نص الآية يشي بوضوح أن الإطعام من الجوع من حقوق الرعية على الوالي..!
وعند ذكر الحقوق.. انتقلت بتفكيري إلى حقوق الإنسان.. ولا أدري لِمَ تذكرت فجأة مفوضية حقوق الإنسان.. ووجدتني أضحك كالمجنون.. وأنا أسترجع ذات نهار حين دخل علينا صديقي فيصل محمد صالح.. مكفهر الوجه.. مغبر الثياب.. سألته بدهشة.. من أين..؟ فاجأتني إجابته: من مفوضية حقوق الإنسان.. ازدادت دهشتي.. فقد كان شكل فيصل يحكي عن رحلة أبعد ما تكون عن أي حقوق للإنسان.. علمت أن (ناس الجهاز) منعوا من الناس من الدخول إلى (مفوضية حقوق الإنسان) بل وحاولوا أن يعتقلوا البعض.. قلت لفيصل يومها.. الحكومة تثبت أنها الأذكى دائما.. مفوضية حقوق الإنسان يا صديقي ما هي إلا مشوار إضافي لدعاة حقوق الإنسان.. يذهبون إليه لإبلاغ شكاواهم.. ثم لا شيء.. وأضفت: كان بإمكان الحكومة أن تجد غرفة جوار المحكمة الدستورية مقرا لهذه المفوضية.. أو حتى شقة في السوق العربي.. لكن الحكومة اختارت أبعد نقطة ممكنة.. لزوم مشورة النشطاء.. مشورة من مشوار..!
ثم عدت لحالي وأنا أتمدد تحت الغطاء متسائلا.. هل حقا أن البعض منا ينتظر أن تتصدى مفوضية حقوق الإنسان.. للدفاع عن حقوق الإنسان في أبسط صورها..؟ وقبل ذلك مَن مِن أعضاء المفوضية يحمل من التجارب والخبرات ما يؤهله أن يكون أمينا عليها.. مؤهلا للتصدي للدفاع عنها عن تجربة وعلم وإدراك.. ترى مَن مِن أعضاء مفوضية حقوق الإنسان.. يشهد له أنه ممن نافحوا عن حقوق الإنسان.. ودافعوا عن ضحايا الانتهاكات.. بل مَن منهم من جرب أن تصادر حقوقه.. وتنتهك حريته.. فغدت عنده العبارات والنصوص التي تتحدث عن الحقوق.. لا محض عبارات فضفاضة.. باردة.. بل هي عبارات تشتعل لهيبا يوازي معاناته الشخصية.. فيتحول الذود عن حقوق الإنسان عنده.. لا محض وظيفة يؤديها بمقابلها.. بل واجب يقوم عليه بحقه.. والأمر شتان.. والبون شاسع..!
اليوم التالى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..