يا أهل الانقاذ سلموا حكم السودان للسودانيين وابحثوا لكم عن عمل كريم (3)

الانقاذ والحرب مع المغتربين:
تقرأ هذه الحلقة الثالثة من هذا المقال مع الحلقتين الاول لأن الموضوع متصل ببعضه. نعرض هنا للحرب اللئيمة التي ما فتئت الانقاذ تشنها على المغتربين. فلقد كانت سياسة التمكين الشريرة التي انتهجتها في ايامها الاولى السبب الاكبر لان يهجر السودانيون بلادهم الى المهاجر باعداد كبيرة هربا من جحيم الظلم والجور والتضييف عليهم.
بدأت حرب الانقاذ على المغتربين منذ وقت باكر من اليوم الاول لمجيئها الا ان مسبباتها وأهدافها كانت تختلف في السابق عما هي عليه اليوم. فمنذ الايام الاولى لمجئ الأنقاذ شنت حملة كاسحة صاعقة على كل الوطنيين الشرفاء من قادة االفكر والسياسة والكفاءات الوطنية من الاكاديميين والقضاة والعسكريين والنقابيين وكل من لا ينتمي اليهم في ما عرف في ادبياتهم السوادء بالصالح العام واحلالهم بكوادر تنظيم الجبهة الاسلامية القومية فيما عرف بسياسة التمكين. عمليات الاحالة للصالح العام كانت في الواقع عبارة عن كشوفات طويلة لعشرات الآلاف من الوطنيين معدة مسبقا شملت خيرة كفاءات البلاد في كافة المجالات رصدت لزمن طويل لكل من عارض او ناوا الاسلاميين منذ كانوا طلبة في الجامعات, كان الاسلاميون يترصدونهم حتى وجدوا الفرصة حين تهيأت لهم الظروف بالاستيلاء على الحكم عن طريق انقلابهم العسكري المشؤوم. كانت الاهداف لتلك الهجمة الغوغائية الشرسة سياسية في المقام الأول هدفت الى ابعاد المناوئين والتضييف علي المعارضين حتى يختاروا ما بين الانكسار والاذعان والدخول في فساد الاسلاميين , أو الهجرة الى خاج البلاد. وبطبيعة السودانيين في العفة والشرف والاباء فقد رفضوا الدخول في زمرة المفسدين واختاروا المنافي والمهاجر زمرا وافرادا يبتغون فيها رزقا حلالا ويتبوأون فيها مقاما كريما. استمرت الانقاذ في التضييق والملاحقة الامنية والجاسوسية على الشرفاء واستمر تبعا لذلك نزيف البلاد من العقول والكوادر المدربة المؤهلة علميا والرصينة اخلاقيا . تلقفتهم المهاجر التي هاجروا اليها بكل ترحاب وفتحت لهم ابوابها لعلم تلك البلدان بكرم اخلاق السودانيين وعلو همتهم وصدقهم وامانتهم وفوق ذلك مهاراتهم العالية ونبوغهم وتميزهم في الاداء بكل تفاني واخلاص . وبذلك فقد السودان البلد خيرة ابنائه وكفاءاته التي هجرها أهل الانقاذ قسرا لتمكين كوادرهم من ضعيفي النفوس والتأهيل العاطلين عن المواهب والملكات واتضح فيما بعد انهم عاطلون عن الاخلاق وعن الفضيلة وعن الدين. اما اهداف المرحلة التالية لسياسة الانقاذ ضد المغتربين فهي اقتصادية بحتة هدفت الى امتصاص عرقهم كما امتصت عرق السودانيين في الداخل وافقرتهم افقارا منهجيا محكما. وبعد ان اطمأنت انها قد أوصلت سودانيي الداخل الى الافقار المدقع , جاء الدور لافقار المغتربين ايضا.
المغتربون اعدادهم وأوضاعهم
تشير التقديرات المعتدلة ان اعداد السودانيين في المهاجر تقدر بنحو احد عشر مليون شخص , اي ثلث سكان السودان. هناك اعداد كبيرة من السودانيين من الجيل الثاني والثالث ممن ولدوا وتربوا في المهاجر , وأخذ بعضهم جنسيات بلدانهم المضيفة . هناك نحو ثلاثة اجيال من السوانيين في المهاجر كلهم سودانيون يدينون بالولاء والحب لبلاد السودان هو ترابهم الذي نشأوا فيه او تراب آبائهم وأجدادهم وسوف يعودون اليه حتما يوما ما. ولعدم وجود احصاءات في هذا الصدد يمكن القول ان أعداد السودانيين في المهاجر اكثر بكثير من التقديرات المعلنة.
عاش السوانيون في المهاجر عيشة كريمة اجمالا حققوا فيها الكثير من المكاسب:
o فقد حافظوا فيها على قيمهم واخلاقهم الأصيلة التي تميزهم في الشجاعة والكرم والفضيلة وسمو الاخلاق وحب الخير للآخرين واورثوا هذه القيم لابنائهم وأحفادهم ليسيروا على دروب الفضيلة والمجد
o اكتسبوا مهارات وتأهبلا عاليا ما كان يمكن تحقيقه في السودان , ولقد رأينا امثلة رائعة من نبوغ وعبقرية السودانيين التي تفتقت في خارج الحدود ما كان لها ان تتقتق ابدا في الداخل الذي يخنق الابداع ويكره التميز
o كثير منهم كونوا ثروات لا بأس بها من عرق جبينهم واجتهادهم مالا حلالا طيبا يغيظ ممن راكموا الثروات في الداخل من مال السحت وعرق المسحوقين
o بعد ان رفعت حكومة الانقاذ يدها عن كل الخدمات التي هي صميم جوهر ورسالة الحكم , تحمل المغتربون اعاشة اهلهم واقاربهم واصدقائهم في الداخل.
o اسهم المغتربون بقوة في تعرية النظام وكشف سوءاته بما اخذوا من العلم وما اتيح لهم من وسائل المعرفة والتواصل خاصة وسائل التواصل الاجتماعي وثورة المعلومات. فعروا النظام تماما أمام أتباعه وامام السودانيين وامام العالم اجمع ما سبب صدعا كبير في بنية النظام وتماسكه الداخلي مما اضطره لبناء شبكة واسعة من الجواسيس والجداد الالكتروني يصرف عليهم ملايين الدولارات لصد هجمات الكتاب والقراء والمعلقين في منابر الراي الحرة كالراكوبة وحريات وسودانيل وغيرها من المواقع التي تفضحه.
o اعترف النظام انه خسر االحرب لاعلامية ضد اعلام الفضاء الالكرتوني , واخذوا في تلفيق القوانين الجائرة لتحجيم وتجريم الكتاب والنشطاء في الفضاء الأثيري لكنهم فشلوا في ذلك فشلا ذريعأ. وسبب فشلهم في ذلك بسيط جدا يكمن في ان الانقاذ قامت اصلا على الباطل والباطلين العاطلين وأرادت زورا وبهتانا ان تقارع بهم من هم الأصل والفصل واهل العلم والفضل والنجابة الذين حاربتهم وهجرتهم. , فكيف للعصفور ان يقارع باشقا كما قالت العرب. تذكرت ان المحافظين في بريطانيا كانوا دائمي الشكوى من هيمنة اللبراليين والاشتراكيين على المواقع الرفيعة في القضاء والمحاماة والجامعات ووسائل الاعلام , فجاء الرد من اختصاصيي علم النفس ان اللبراليين والاشتراككين يتميزون بنسب ذكاء عالية اعلى بكثير من المحافظين وذلك هو سبب تفوقهم. فسبب تفوق القائمين على امر الفضاء الالكتروني الذي يقود الحملة لاسقاط حكم الطاغية في السودان هم ببساطة اكثر ذكاء واكثر نجابة وعبقرية وشجاعة واصرارا على انجاح هدفهم في اسقاط النظام.
o من الفوائد العظيمة لتجربة الاغتراب لكثير من المغتربين السودانيين ادراكهم ان مصيرهم جميعا يرتبط بمصير ان يكون هناك وطن يسع الجميع معافى من نزعات العنصرية والجهوية والمناطقية , خاصة بعد ان اختلطوا بشعوب أخرى تبين لهم ان ما كان يتوهمه البعض من نقاء عرقي او شرف ما هي الا أوهام خرصاء وتعالي مأفون ومخجل.
o المغتربون يمكن ان يعيشوا ويتكيفوا وينجحوا تحت كل الظروف في الداخل والخارج (راجع الحلقة الثانية من المقال). بينما يدرك أهل الانقاذ جيدا انه لا مستقبل لهم اذا هم فقدوا كرسي السلطان, فلا مؤهلات لديهم تؤهلم الولوج الى اسواق العمل العالمية ولا ملكات ولا خبرات ولا أخلاق وولا فضائل العفة والتواضع ولا ذكاء فردي أو اجتماعي. ولهذا السبب هم يجتهدون في السعي الى تهجير المزيد من السودانيين الاكفاء كالاطباء مثلا يفتعلون لهم المشاكل ويضيقون عليهم لتطفيشهم حتى يضطروهم للهجرة ثم امتصاص عرقهم كما امتصوا عرق المغلوبين في الداخل.

الانقاذ والحرب الاقتصادية على المغتربين
ظلت الحكومة في الخرطوم تنتهج استرتيجية تهجير المزيد من الكفاءات السودانية لسببين: أولهما سياسي بافراغ البلاد من الطبقة الوسطى المستنيرة التي تشكل لهم هاجسا وحرجا , والثاني الاهم اقتصادي لجلب العملات الصعبة الضرورية لمد الخزينة الفارغة التي نهبتها حكومة اللصوص kleptocracy الكلمة تعني السرقة الحكومية او نظام الحكم القائم على سرقة مقدرات البلاد. يتسق ذلك تماما مع تصريحات المسؤولين. فقد قال أحدهم على خلفية اضرابات الأطباء العام الماضي ان الدولة تشجع “تصدير” الكفاءات, تماما كما تشجع تصدير الفول وحب البطيخ. لا يهم الحكومة نزيف البلاد من الكفاءات والعقول طالما يهاجرون لجلب العملات الصعبة ليملأوا هم جيبوهم نهبا محميا بسلطة الدولة وقوة السلاح.
سعت الانقاذ لإفقار المغتربين كما أفقرت الناس في الداخل. فعلى مدى السنوات التي اعقبت انفصال الجنوب وتوقف ريع البترول, كان المغتربون هم المصدر الأهم لرفد الخزينة بالعملات الصعبة. وفي السنوات الأخيرة كانت تحويلات المغتربين هي الرافد الاساس لخزينة الدولة من النقد الاجنبي بعد ان انهارت كامل المنظومة الاقتصادية في الداخل من انتاج وزراعة وصناعة وخدمات. فأخذ اهل الانقاذ في طبخ الحيل وفتل الحبال ونصب الفخاخ لنهب أموال المغتربين. وهناك العشرات من هذه الحيل التي لاتخفى على احد من امثال مشروع الوادي الاخضر, الى شركة المهاجر الي صندوق العائد واخيرا صندوق اسكان المغتربين. لكن الاهم وعلى طوال هذه الفترة كانت حيلة النصب الأكبر هي طباعة مليارات من الاوراق النقدية وضخها في السوق وشراء اموال المغتربين بورق لا قيمة حقيقية له. فقد ارتفع سعر الدولار مثلا من حوالى ست آلاف بعيد الانفصال الي 12 الف ثم اخذ يرتفع تباعا حتى وصل لأكثر من 45 الف جنيه بداية هذا العام, وكان يمكن ان يصل حتى 70 أو 80 الفا. لا يهم أهل الانقاذ ان ينهار الاقتصاد, لكن يهمهم ان يحلبوا اموال المغتربين مقابل ورق نقدي لا غطاء له يطبعونه ويعبئونه في الشوالات ثم يحملونه الي مطاميرهم او غرف بيوتهم اومكاتبهم ثم يضاربون في العملة الصعبة من مال عرق المغتربين بأي ثمن. ليس غريبا ان عاد من عاد من المغتربين الي البلاد بعد طول غربة ومعاناة ليجد نفسه في الحقيقة اشد فقرا ممن هم في الداخل. اين ذهبت كل التحويلات التي كان يرسلهأ ؟ ماهي الاصول او الاستثمارات او العقارات التي استثمر فيها سني غربته العجاف؟ لا شئ . صفر كبير وفشل اكبر. بينما الذين كانوا ينصبون له الحبال تراكمت ثرواتهم لتبلغ المليارات على حسابه هو وخصما على مستقبل اولاده ومستقبل الوطن الذي انهار اقتصاده بسبب ممارسات الطغمة الفاسدة من طبقة الكلبروقراطية اللوصية kleptocracy فهي نظام حكم قائم أصلا على سرقة مقدرات البلاد والعباد حتى انهارت البلاد وهلك العباد.
غياب الطبقة الوسطى وانعكاساتها الخطيرة على البلاد
يشكل السودانيون المغتربيون الركيزة الاساسية في تركيبة الطبقة الوسطى التي كانت تسهر على سلامة البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا الى ان تم التضييق عليها وتهجيرها والقضاء على ما تبقى منها في الداخل بالافقار المنهجي ثم الترهيب والترغيب حتى لحق تحت الضغوط والحاجة من لحق بجوغة الفرعون ولحق الشرفاء منهم بطبقة المسحوقين , فتلاشت الطبقة الوسطى في السودان. تمثل الطبقة الوسطى الركيزة الاساسية للنهضة والازدهار في أي بلد . فمنها ياتي المهنيون والخبراء والعلماء واصحاب الكفاءات والمثقفون وقيادات العمل والتكنوقراط الذين يرفدون مؤسسات الدولة بالقياديين في الاقتصاد والسياسة والتعليم والقضاء والادارة والاعلام حتى تستقيم قناة الدولة وقيادة نهضتها بتوجيه مواردها لصالح الناس وحسن معاشهم وامنهم. ثم هم الذين يحركون عجلة الاقصاد ويرفدون حركة السوق بمداخيلهم العالية وقوتهم الشرائية القوية والمتنوعة . والأهم من كل ذلك هو ان الطبقة الوسطي في كل زمان ومكان هي النخبة الوطنية المستنيرة التي تدير دولاب الدولة بحيدة تامة بين فئات المجتمع المختلفة تقف بحزم وصلابة سدا منيعا لتفصل بين الأقوياء والمستضعفين , حتى لا يتغول الطغاة فراعين التجبر وعبدة المال والسفاحين لى المستضعفين من الامة الذين لا حول لهم ولا قوة. لذلك تحرص الأمم المتقدمة ان ترعى الطبقة الوسطى لضمان سلامتها وحيويتها لأنها هي الطبقة المستنيرة التي تحافظ بوعيها على سلامة البلاد ونظمها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية يفضح فيها الاعلام الحر المفسدين وقضاء عادل يحاكم المجرمين العتاة حتى لا تقع البلاد فريسة في ايدي الجبارين والسفاحين والمجرمين واللصوص يسومون الضعفاء الويل ويسوقونهم كالقطعان لتحقيق شهواتهم الرذيلة كما هو الحال في السودان اليوم.
ما نراه اليوم في السودان من تغول المجرمين والسفاحين واللصوص وتسلطهم على ابناء وبنات السودان يعود في جانب كبير منه لغياب الطبقة الوسطى وغياب دورها القيادي والمهني والاخلاقي الضروري للحفاظ على امن وسلامة واستقرار المجتمع ونهضة البلاد. افراد الطبقة الوسطى يتمتعون بجل صفات القيادة الخيرة التي تحقق السعادة والرفاه للفرد وللمجبمع (راحع الحلقة الثانية من المقال). ولذلك فوجود طبقة وسطى قوية وحيوية يشكل المغتربون محورها هو امر ضروري لاستعادة السودان المختطف. يجب الأخذ بقوة استعادة دور الطبقة الوسطى الطبيعي وحقها الأصيل في قيادة البلاد لبرالأمان , فأفراد هذه الطبقة لا تعوزهم القوة ولا الاعداد ولا المال ولا المعرفة ولا العلم ولا الاخلاق ولا أي شئ للاضطلاع بدورهم وهم على الحق وأهل الحق, فقط ينقصهم حسن التنظيم وتوحد القيادة والهدف. ويجدر بكل الوطنيين الاصطفاف لتشكيل طبقة وسطى قادرة ومؤثرة تكون محور تشكل الكتلة التاريخية المطلوبة والحاسمة في قلب موازين القوى ووضع السودان في المسار الصحيح للانطلاق نحو النهضة المسنحقة التي اهدرتها النخب السودانية الفاشلة منذ الاستقلال وحتى اليوم.
أولا من الواجبات التي لا يجب التهاون فيها الوقوف بقوة وصلابة في وجه من اختطفوا السودان حتى اليوم وتذكيرهم انهم ليسوا أهلا للقيادة وقد فشلوا فشلا ذريعا طلية ثلاث عقود انهارت فيها البلاد.
ثانيا يجب على افراد الطبقة الوسطى ومن ضمنهم المغتربين ان يؤكدوا دورهم القيادي والاخلاقي وان يتصدوا له بشجاعة ومسؤولية ونكران ذات في تسنم القيادة والمبادرة لوضع البلاد في مسارها الصحيح , فهم المؤهلون لذلك بالأصالة, كل في مجال تخصصه يعملون بكل همة وتجرد لنجدة البلاد والنهوض بها من الدرك السحيق الذي اوصله لها المغامرون والمجرمون.
ثالثا ان يعمل افراد هذه الطبقة المستنيرة على تقوية انفسهم واستعادة دورهم الريادي لتصحيح مسار البلاد , وذلك ببث الوعي بين أهلهم وعشيرتهم وابنائهم واقربائهم (وهم أهل الفضل) وتأليبهم على نظام الحكم القائم وبيان فساده وجوره وفشله الذريع في كل شيء , وان استمراره يهدد الناس في عيشهم وحياتهم وامنهم بل ومستقبل البلاد والاجيال, خلق قطاع عريض من المجتمع للالتفاف حولهم للدفع بالايمان بقضية الوطن التي لا تقبل المساومة ومواجهة الفاسدين بكل شجاعة وصلاية وحسم.
رابعا العمل على ترسيخ ثقافة عامة في المجتمع ان خلق طبقة وسطى قوية ومتماسكة من المثقفين التكنوقراط الوطنيين والالتفاف حولها هي صمام الامان لمستقبل البلاد ونصرة المستضعفين ضد تغول الطغاة المفسدسن وإدارة دولاب الدولة بحياد تام ولوقوف بصلابة على تاسيس دولة المواطنة القائمة على المؤسسات وسيادة حكم القانون لياخذ كل ذي حق حقه بقسطاس العدل المستقيم , يقتصون من القوي للضعيف ويكفون حاجة الضعيف حتى لا يستعدي على ما للقوي , دولة لا مكان فيها لعنف العسكرية ولا لفساد المؤسسات ولا لعصبية او قبلية او متاجرة بالدين.
خامسا من مصلحة أهل الانقاذ ان يقفوا خلف قيام طبقة وسطى قوية وفاعلة من المستنيرين الوطنيين (الذين كانوا قد حابوهم وهجروهم واليوم يستجدونهم ارسال اموالهم لنفخ الروح في الاقتصاد المنهار) ممن في الداخل والخارج لتسنم أمر قيادة البلاد والخروج بها من الهاوية التي جروها على البلاد وعلى انفسهم , فهم الان ورطوا أنفسهم في محنة يصعب عليهم الفكاك منها يتملكهم الخوف والذعر من المصير المرعب ذا ما تفجرت الاوضاع وثار بركان الغضب الذي ظلت نيرانه تعتمل في الصدور لثلاثين سنة. هذا البركان اذا انفجر يعلم أهل الانقاذ قبل غيرهم كيف سيكون مصيرهم وكيف ستكون حال البلاد نتيجة لما اقرفت أيديهم من الأفعال البشعة الشنيعة التي تاباها النفس السوية من تقتيل وتعذيب وظلم وجور وفساد وبيع لتراب الوطن. كما ذكرنا افراد الطبقة الوسطى يتمتعون بصفات القيادة الحقة بالأصالة وان صفات العدل والانصاف من صميم فطرتهم, وهم كذلك فسوف يقفون سدا منيعا ضد اعمال الثأر والتشفي الانتقام التي يمكن ان تحدث اذا ما تفجر بركان الغضب في وجه طغمة الانقاذ الجائرة. سيقفون حائلا منيعا ضد الفوضى وروح الانتقام حتى تأخد العدالة مجراها ويحاسب كل من ارتكب منهم جرما على جرمه حسب القانون , و لا يسمحون بأن ياخذ الناس القانون في أيديهم للانتقام من أهل الانقاذ.
سوف يعود المغتربون واحفادهم (ثلث السكان ويزيدون) لبناء الوطن الحبيب وطن الحب والخير والعدالة النابعة من نفوسهم الخيرة , وطنا معافى من الرذائل والكوارث والحروب والمعاناة التي خلقها نظام الانقاذ. فهم الورثة الحقيقيون بمقدراتهم وملكاتهم واخلاقهم واموالهم وعلمهم القادرون على انتشال البلاد والخروج بها الى بر الامان. سيعمل المغتربون بكل ما اوتوا من سبيل مع الآخرين لزوال الانقاذ وكنسها من أرض السودان فالأنقاذ وليس سواها هي سبب غربتهم وتهجيرهم قسرا من تراب الوطن. وهي سبب كل الفشل الماحق الذي أصاب السودان البلد المكتنز بالخيرات والموارد والثروات الهائلة اورثوه الجوع والمرض والفقر والجهل في اغرب مفارقة في التاريخ, ان يصير احد اغنى بلد بالموارد والثروات من أفقر بلدان العالم. وهي السبب في القاء أعباء معيشة اهلهم على اكتافهم بعد ان افقروهم عمدا يتحملون عيش الجائع ودواء المريض ورسوم الطالب وإعالة اليتامى والأرامل وبناء المستشفيات ونجدة المحتاجين بعد ان رفعت حكومة الانقاذ يدها عن كامل الخدمات وحملت اعباءها للمغتربين , يرسلون اموالهم لتستقر في جيوب أهل الانقاذ التي لا تشبع , وعند عودتهم يكتشفون ان سني غربتهم ضاعت سدى وانهم في الحقيقة كانوا يشقون في الغربة لينتفع بعرقهم اللصوص الفاسدين من ملة الانقاذ.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..