البنوك السودانية ورصيد الثقة

في أواخر الثمانينيات، انهارت دولة (عظيمة) وتفككت إلى دويلات وفقد المواطنون الثقة في العملة الوطنية ، وأخذ الناس في تلك الدولة يتبادلون السلع فيما بينهم فأصبحت تقوم بشراء الموز مقابل سيجارتين على حين السكر بأربع سجائر وهكذا وهكذ والقصة تلخص فقدان الثقة في البنوك وفي النظام المصرفي وطريقة إدارة الشأن الاقتصادي ، في السودان فقدت البنوك السودانية معظم رصيدها من ( الثقة) في خلال أسبوع واحد فقط وفي هي أصلاً تعاني من ( شح في الثقة) و وتضاغف المرض وأصبحت تعاني من شح في السيولة وفشلت في الدفع عند الطلب ، وصحيح البنوك ( مأمورة) وتنفذ سياسية تجفيف السيولة بتوجيهات من البنك المركزي والبنك المركزي ينفذ سياسات الحكومة والمفترض ( البنك حكومة) والحديث عن استقلالية البنك المركزي ذو شجون .
واجهت البنوك تداعيات التدهور الاقتصادي و(شالت وش القباحة) بسبب التدهور اليومي لقيمة العملة الوطنية ( الجنيه) فتدهور سعر الصرف واحد من إفرازات الأزمة الاقتصادية، (العلة وليس المرض).. و ظلت الحكومة تركز على علاج الأعراض، بينما المرض يستفحل يوماً بعد يوم. تتحدث الحكومة عن تقليص الانفاق ولكن عملياً الانفاق متصاعد والانفاق علي القطاعات الإنتاجية (الزراعة والصناعة) متراجع والانفاق علي الخدمات متراجع، واستمر التدهور الاقتصادي علي كل الأصعدة وعندما وصلت الأوضاع مراحل متأخرة وخطيرة تنبهت الحكومة لخطورة الأوضاع الاقتصادية ، تحركت لمحاصرة إفرازات التدهور الاقتصادي ولكنها نظرت للأزمة فقط من زاوية ( الأمن والعقوبات) وبدأت الإجراءات الاقتصادية الحكومية التي انطلقت من (منصة أمنية) وجوهر الإجراءات تجفيف السيولة لوقف التراجع اليومي للجنية أمام الدولار وهي سياسات قصيرة المدي لن تحل الأزمة من جذروها ولن تصلح ( حال الناس) ولن تتحسن خدمات التعليم والصحة والأهم من كل ذلك ، الأسعار لاتزال مرتفعة وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين بصورة كبيرة جداً ، وتحولت الحكومة من النقيض إلي النقيض ، حتي قبل أيام قليلة كانت السياسة الحكومية طبع المزيد من العملات النقدية الورقية وإنفاقها على مجالات غير إنتاجية (استهلاكية) وتحولت لسياسة تجفيف السيولة بعد أن تسبب الإنفاق الاستهلاكي الحكومي في الوضع الحالي الذي نعايشه وهو في تحليل خبراء الاقتصاد وضع خطير للغاية هو مزيج من التضخم والكساد وهي معضلة اقتصادية في غاية الخطورة ولن يخرج الاقتصاد السوداني من هذا الوضع ( الخطير) إلإ بقرارات سياسية واقتصادية لها كلفتها السياسية ، قطعا ً نحتاج أن نمضي أبعد من الإجراءات الأمنية وتوجيه الاتهامات لجهات غير معرفة بالأسم والصفة، إذا سملنا جدلاً أن الحكومة في هذه المرة ( جادة) في محاربة الفساد ومحاصرة ( القطط السمان) فإنها ستجد نفسها في حرب مع السلطة وقاعدتها الاقتصادية التي توسعت وراكمت ثروات كبيرة بروافع ( سلطانية)..

[email][email protected][/email] صحيفة الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..