مخالفة الأقوال للأعمال

ندعو الله في الصباح والمساء، وفي دبر كل صلاة، وفي خُطب الجمع، وفي كل واد وناد، بل يتفنن البعض في الأداء فيقدم الدعاء مجوداً كتلاوة القرآن أن ينصر الله المسلمين، ولكنه لاينصرهم! ندعوه أن يدعم الحاكم ويسدد خطاه، ولكنه لا يدعمه ولا يسدد أي من خطواته!، مع أننا مأمورون بالدعاء وموعودون من الله بالإجابة (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ..).

أساس المشكلة مخالفة الأقوال للأعمال، أي إننا اعتقدنا أن الأمر مجرد دعاء لا غير، نجلس على أرصفة التاريخ ندعو الله أن ينصر المسلمين، نسترخي ولا نحسن اختيار حكامنا ولا نعمل على تقويم المعوج منهم، ثم نطلب من الله أن ينقذنا ويحقق المعجزة بتوفيقهم، وهم غير مؤهلين أصلاً للحكم. نظهر التدين – نفاقاً- ثم ندعو الله أن يتقبل منا صالح الأعمال!.
نرتكب المعاصي والمحرمات، نمارس الفساد الإداري والمالي بشتى صوره وأشكاله، كالرشاوى (وآكل الرشوة لا يستجاب دعاؤه إطلاقا)، والمحسوبيات، وأكل مال الحرام، والحصول على الرزق من الوظائف المحرمة وخلافه.. ثم نطلب من الله إجابة الدعاء ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا” جاء في الحديث الصحيح”.. الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام ومشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !!”.

انظر مع أنه توفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافراً ومفتقراً إلى الله – عز و جل- لكن حجبت الإجابة عنه بسبب أكله للمال الحرام.

ألا ترون كيف تستعصي كل الحلول الاقتصادية – في بلاد كثيرة – التي يقدمها الأقتصاديون والخبراء لحل مشاكل الاقتصادية، والأمنية. أخال أن السبب هو انتشار المعاصي والفساد الإداري والمالي.

إذاً ما يحدث اليوم لا يعدو كونه تواكلاً في الدعاء وليس توكلاً، أولنقل سوء ظن بالله إن جاز المعنى، كأنه لا يعلم خفايا النفوس، ولا يدرك طبيعة وسلوك من يقومون بالدعاء، نعتقد أنه سوف ينصرنا لكوننا مسلمين، ومن سوانا لا يُنصرون؛ لأنهم على الضلا.!

إن الله لا يحابي أحداً، من جدّ وجد ومن استرخى تركه الله لجهله حتى يفيق، فالنعلم أنه لن يستجيب لنا، ولن يعتني بأمرنا دون أن نفيق وننهض كما نهض غيرنا .. علينا أن نعزز الدعاء بالعمل الخالص الموافق للشرع، عندها لن نحتاج إلى كل هذا الكم الهائل من الأدعية، وسوف يستجيب لنا في أول دعاء وفي كل دعاء نرفعه إلى الخالق عز وجل.!

د. محمد آدم عثمان
باحث علمي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..