مدح وذم المال؟؟ (1)

٭ الدنيا بتهينك والزمان بوريك
وقل المال بفرقك من بنات واديك
الجنس الفسل ما تجعلو دخريك
قعده براك أخير من لمه المابيك
٭ البيت الثاني من المربع أعلاه كان مفتاح حديث طويل عن المال أو الجنيه أو الدينار.. وبمناسبة الدينار هذا قلت للذين جمعهم ذلك المجلس ان الحريري صاحب المقامات عالج هذا الأمر في مقامة طويلة مدح فيها الدينار وذماه في آن واحد أبدى بعض الحضور دهشتهم وقالوا أنت تأتين بأمثلة من كتب نحن لا نعرف مكانها وان عرفنا مكانها لا نستطيع قراءتها.. قلت لهم حسناً هذه فرصة نستعرض فيها المقامة الدينارية.. والمقامة تقول ان الحارث ابن همام جمعه مجلس مع رفاقه.. والحارث ابن همام هذا هو الشخصية التي يورد الحريري القصص على لسانها ولا ننسى ان المقامة هي لون من ألوان القصص عند العرب.
٭ يقول الحارث وهم في مجلسهم ذاك أتى رجل في ثياب رثة يعرج في مشيته شكا حاله وطلب المساعدة.
٭ فقال الحارث رفقت على حاله واعجبت بطريقة سؤاله فأردت مزيداً من حديثه.. فأخرجت له ديناراً وقلت له ان مدحته نظماً فهو لك حتماً. فانبرى في الحال ينشد من غير انتحال:
اكرم به اصفر رافق صفرته
جواب آفاق ترامت سفرته
مأثورة سمعته وشهرته
فقد اودعت سر الغنى اسرته
وقارنت تجح المساعي خطرته
وصببت إلى الامام غرته
كأنما من القلوب نقرته
به يصول من حوته صرته
وان تعانت أو تدانت عثرته
يا حبذا نضاره ونضرته
وحبذا مغناته ونصرته
كم امر به استثبت امرته
ومترف لولا دامت حسرته
وجيش هم هزمته كرته
وبدر تم انزلته بدرته
ومنشط تتلظى جمرته
اسر نجواه فلانت شرته
وكم اسير اسلمته اسرته
٭ ويقول الحارث بن همام بعد ذلك ثم بسط يده بعدما انشده وقال:
انجز حر ما وعد
وسخ خال اذ رعد
فنبذت الدينار إليه وقلت خذه غير مأسوف عليه فوضعه في فيه وقال بارك اللهم فيه ثم شمر للانتباه بعد توفيه الثناء فتشان لي من فكاهته نشوة غرام سهلت على ائتناف اعتراف فجردت ديناراً آخر وقلت له هل لك في أن تذمه؟
ثم تضمه فانشد مرتجلاً وشدا عجلا.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة