السقوط … مافيا الدواء في السودان !!!

وكانما كتب علي اهل السودان أن يكون اختيار الموت .. هو اسهل الحلول .. مابين اطفال يرحلون مرغمين لعدم توفر الدواء … او ايضا بالغين يعانون من امراض مزمنة صارت قدرهم … وانعدام ادويتها ، ايضا يقود الي موت محتوم !!!
تابعت حلقة هامة من برنامج ( حال البلد ) في فقرة قضية للنقاش .. على شاشة سودانية 24 ، كانت عن حال الدواء في السودان .. والضيوف كانوا ، الدكتور الصيدلي ياسر ميرغني ، الامين العام لجمعية حماية المستهلك السودانية ? واخر الرجال من اصحاب الضمير ? بصفته امين عام الجمعية ، وكذلك بصفته المهنية كصيدلي ممارس للمهنة منذ 27 عاما ، وايضا الدكتور علي كنين وهو نائب الامين العام لشعبة مستوردي الادوية … والبرنامج كما هو معروف من اعداد وتقديم الطاهر حسن التوم …
أولا يجب أن يعلم الجميع ان تصنيع الدواء في السودان بدأ منذ العام 1947 ، وليس في العام 1961 كما يعتقد الكثيرون ، وذلك باعتبار تأسيس ( شركة الهواء السائل ? المنتجة للغازات الطبية والتي يصنف انتاجها من الغازات الطبية من ضمن الصناعات الدوائية ..
اذن من المستغرب أن يصل الحال في هذا المجال الحيوي الهام والذي يتعلق بحياة البشر في البلاد الي هذا التردي المريع والسقوط الاخلاقي بامتياز ..
هذه المقدمة كانت ضرورية ليعرف الناس ، ان مشكلة الدواء في السودان ليست ارتفاع دولار أو شح المستورد أو غيره من الاسباب التي تروج لها الشركات المحتكرة لسوق الدواء وهي بضع من حوالي 130شركة تعمل في مجال الدواء أو كما اسماها د. ياسر ( بمافيا الدواء ) .. كيف ذلك ؟
أولا كشف د. ياسر ان الاحصائيات الرسمية تقول أن الصناعة المحلية كان انتاجها الموثق خلال العام 2016م غطى 65% من حاجة الدواء ? وبالمناسبة الدواء السوداني اثبت جودته ومعروف لدي بعض دول الجوار الافريقية ، بل أن هنالك مصنع في السودان يذهب انتاجه كاملا الي الجارة اثيوبيا وكان رئيس وزرائها الاسبق ديسالين ، قد قام بزيارته مرة ..
ايضا لم تكن هنالك مشكلة في الدواء في الاعوام بعد 2001م ، وكان الدولار وقتها بسعر 6.90 جنيها !!! أذن لماذا المشكلة الان ؟ اتفق ضيوف البرنامج علي أن الشركات الوهمية التي استولت علي دولار البسطاء بزعم استجلاب الدواء ? عددها 34 شركة والحقيقي الذي يعمل منها في مجال الدواء فقط شركتين ? هي التي كانت قاصمة الظهر ، ولم يقم لاستقرار حال الدواء .. بعدها من قايمة واتضح ان المال والذي كان معد للدواء وتم نهبه نهارا بلغ ما بين 60 مليون درهم الي 100 مليون درهم ، و ليس اقل من ذلك كما تروج بعض الجهات التي لها صلة ( بمافيا الدواء ) .. وقطعا فيها جهات حكومية ومسؤولون حكوميون لصوص !!!
ايضا ألان استغلت هذه المافيا الاوضاع الاخيرة وشح الدولار واحتكرت الدواء بمخازنها ، وحتي بعد أن تم الاتفاق علي أن يكون السعر التأشيري للدولار 30 جنهيا وبمعرفة المجلس القومي للصيدلة والسموم ? عمدت شركات المافيا هذه الي طرح الدواء بالقطارة ، بما فيها الادوية المنقذة للحياة !!! كما اوضح د. ياسر .. قائلا أن 3 شركات معروفة ، كان قد تم الترخيص لها من حكومة ولاية الخرطوم ، قامت بوضع تسعيرة خاصة بها ، متجاوزة المجلس كجهة رقابية منظمة وتم سحب الرخص منها ..
وكذلك بعض الشركات تجبر الصيدليات التي تبيع بالتجزئية أن تشتري منها ونقدا فايتمينات قاربت مدة انتهائها ومنشطات جنسية !!! مع الادوية الاخري ومنها الادوية المنقذة للحياة في عملية تشبه بالضبط عمل عصابات المافيا المجرمة ، دون وازع من ضمير أو اخلاق ..
ومن ذلك انعدام تام لادوية الامراض النفسية والعصبية ، التي تحتكرها شركات معينة تأبى طرحها في السوق .. مما ادي لاحداث مؤسفة .. منها قيام احد هولاء المرضي وعمره 24 عاما .. بضرب امه .. بسبب عدم حصوله علي العلاج والانتظام فيه !!! اليس هذا هو السقوط بعينه ؟
ايضا الاطباء الممارسون لهم دور في هذه الازمة وذلك بسبب انهم يكتبون للمرضي وصفات باسماء تجارية للادوية لشركات معينة من هذه المافيا تغدق عليهم الهدايا والهبات العينية الاخري من اجل تسويق منتجاتها .. وبهذا يخالف هولاء الاطباء المتضامنون مع هذه المافيا ، نص القانون الواضح باعتماد الاسم العلمي للدواء ، بل وبعضهم يرافق المريض للصيدلية المجاورة لعيادته ليتأكد من صرف الاخير للدواء الذي يروج له .. اليس هذا سقوط من هولاء ؟
وغير بعيد عن هذا السقوط الاخلاقي وقانون الجشع الذي صار هو سيد الموقف في بلاد ، ظلت حتي وقت قريب ? قبل قدوم التتار ? كل رأسمالها في انسانها واخلاقه وتربيته .. نشير للصراع الاخير بين وزارة الصحة الاتحادية ووزارة الصحة بولاية الخرطوم ، ومن اسبابه عدم التزام الاخيرة بتوجيهات رئاسة الجمهورية ، بمنشورها الصادر في العام 2009 ومن ثم تفعيله في العام 2013م ، بادراج ادوية الاطفال المصنفة 169 صنف ، يخرج منها فقط 45 صنف ? بمعني أن الطفل الذي ينقل للطواري وتكتب له روشتة بعدد 5 ادوية ، لايصرف له منها الا صنف واحد ويشتري اهله بقية الاصناف ..
ايضا سياسات البلد المتقاطعة جزء اصيل من المشكلة ، حيث أن بنك الحكومة المركزي ، ولاول مرة في تاريخه .. يعامل الدواء كسلعة تجارية وليس كسلعة اساسية مثل القمح والوقود مما جعل من الاصناف التي لابد من استيرادها ، تقع في دائرة المستحيل …
لا اجد افضل مما وصف به د. ياسر ميرغنى الوضع ، ختاما لهذا العرض البسيط للكارثة ..
ان المسألة ليست مسألة دولار او استيراد ، انها مسألة مافيا واخلاق وضمير !!!
[email][email protected][/email]



