معراج سيدي الرئيس: مومسات جنقرة الخمسة (5/5)

(حكاوي عن الديكتاتورية وفساد الطغمة)..
توافد العمال الحبش.. تبعثروا وسط حقول سمسم جقام.. يحصدون بنشاط ويعملون بهمة.. كانوا يغنون سويا اغاني الحصاد وجمع الغلال.. الأغاني التى صاغها رجال (ولايتا) أحفاد القديس تكله هايماونت القادمون من الجنوب.. راقبهم الرجل الملثم.. كانوا يعملون في ارض امجد الطائف الرجل الذي هزمه قووش قتيش في (حرب القنا).. إلتفت ناحية عبد الكريم نيانق وقال: انه خبر حزين ومهول.. اذن فقدت زوجتك ..
– ليتها وحدها..
– ابلغك اسمى ايات التعازي.. قلت لم تكن وحدها؟ ..
– عدد كبير من افراد الاسرة..
– يا للهول .. كيف حدث ذلك ..
– ماتوا جميعا في ذات الغارة التي ألقت فيها الطائرات الحربية القنابل على قريتنا.. حيث إحتشد الاهل والخلان للاحتفاء بمناسبة زواج اخ زوجتي.. حلت الكارثة حتى الدجاج والماشية والنمل لم ينجوا.
– لماذا لم تخبروا السلطات بمناسبتكم هذه حتى تتفادون قذف الطيران ؟..
حدق عبد الكريم نيانق ناحية (شجرة ابو جاكوما).. ظهر الفتى الحبشي يازاشو يقريم رغم بعد المسافة كان يبدو عليه القلق والتوتر.. ثم أجاب على سؤال الرجل الملثم: نعم أبلغنا قيادة الجيش بيوم العرس حتى لا يأتي الطيران الحربي فيظننا تجمعا لأحدى الحركات العسكرية المناوئة للحكومة ويلقي علينا وابل من القنابل.. قيادة الجيش طالبتنا بعدم ارتداء الملابس الخضراء.. فالملابس الخضراء تخص الحركات المسلحة وهي هدف للطيران.. كما ان وقع الملابس الخضراء على من يقودون الطائرات الحربية كوقع اللون الأحمر على الثيران الاسبانية الهائجة.. علمنا فيما بعد ان قائد الطائرة اتصل بالسيد الرئيس وقال له انه يرى شجرا بالقرية ..
امره السيد الرئيس بضرب الشجر حتى لا تتكرر مأساة زرقاء اليمامة ثانية.. السيد الرئيس يعتقد انه ليس بـ (كيشة) حتى ينتظر ان تداهمه تلك الاشجار في قصره الرئاسي المنيف كما فعلت الاشجار قديما بقبيلة جديس التى تنتمى اليها زرقاء اليمامة..
تنهد عبد الكريم نيانق بحرقة وقال: اللعنة حلت بالقرية .. فقدنا كثير من الاحباب جراء القصف المدمر..
قال الرجل الملثم وهو يمسح على رأس الارنب: زرقاء اليمامة رأت شجر يتحرك كان العدو يختبيء خلفه.. والطيار يقول انه راى شجر ثابت لا يتحرك.. والشجر الثابت لا عدو يندس وراؤه..
اجاب عبد الكريم نيانق: السيد الرئيس قال انه قرأ بعض تفاصيل سيرة زرقاء اليمامة.. اما انها رات شجر يمشي أو شجر ثابت لا يتحرك فهذه الجزئية لم يقرأها البتة ..
كان السيد الرئيس يقدم واجب العزاء لأهل الضحايا عبر التلفزيون الرسمي.. طالبهم بالصبر والتفاؤل.. وقال وهو يضغط بيده على صقر الاسبليطة.. يوجد جانب ايجابي دائما وسط العتمة.. رغم ان غارات طائرات الحكومة أشاعت الفوضى والدمار والقتل.. الا انها خلصت الناس من القراد والمرقود والقمل.. كما أعلن تلفزيون الدولة- بعدما بث معزوفة (عيد الفصح الروسي) للموسيقار نيكولاي ريمسكي كورساكوف- ان القرية التى دمرتها قذائف الطيران .. سُجلت كأول قرية خالية من جرثومة الكوليرا في كل انحاء بلاد الغبش.. لان جراثيم الكوليرا ابيدت هي الاخرى عن بكرة أبيها في القصف الماحق والساحق والمميت..
– ألم يسلم احد ..
– اقول لك حسب ما قال السيد الرئيس القراد والمرقود وجرثومة الكوليرا هلكوا..
– اين أبناؤك اذن ..
– مع الاسف الشديد كانوا مع والدتهم في زيارتها لغرب البلاد.. توفوا ايضا لم يعد لي اهل.. بت وحيدا.. رفقائي هم الجبال.. شرقي جبل الهشاب.. وغربي جبل العين.. جنوبي جبل دولار.. اصدقائي هم الاشجار.. الكوك والطلح والكاكاموت والجوغان والكتر..
عندما عندما فقدت اسرتي كانت زيني هبتو صغيرة نوع ما.. في العاشرة من عمرها تقريبا.. تدير العمل والدتها سلام ميتيكي.. ظلت سلام ميتيكي تواسيني باستمرار لم تأخذ منى نقودا لمدة ثلاثة اشهر.. بت اشرب من صبح الشمس الى مغيبها.. كنت مغيبا تماما.. روحي صعدت الى السماء لتلاقي الارواح الهائمة لضحايا حروب الانجليز والتليان.. نعم شاهدت بام عيني الارواح وهي تتلص على الناس في القلابات وفي المتمة ثم تبث الاسرار للحديات (حدان) والنسور ولسحب الماماتوس المرعبة.. ثم تخزنها بين ثنايا أرداف زوجة مثثلا قبر برهان كما يزعم فرد المخابرات.. نعم اصبحت وحيدا ليس لدي اسرة سوى اسرة سلام متيكي.. وقالت لى عندما تكبر بنتها زيني هبتو.. ستجعلني اول رجل في حياتها.. سمعت زيني هبتو ما قالته والدتها.. خجلت وانزوت خلف شجيرات الجاتروفا.. بقية مومسات (جنقرة) الخمسة تعاطفن معي كذلك.. كانت المومس قيزاش مارشا ترسل لى الشاي والبن كل صباح.. والمومس مهاليت ووديد تتعهدني بالخمور البلدية.. والمومس ناتي تيزازو تبعث لى بالانجيرا والدابو والشورو القادم من (ولقا).. والمومس المحتشمة مسرات اقيزي ترسل لى عسل شيلقا ذات المكان الذي سجن الشفتة فيه ود عبيد المسيري..اما الحاج دورو ظل كريما معي كل ثلاثة ايام يرسل لي لفافة شاشمندي..
سأل الرجل الملثم: هل اوفت سلام متيكي بوعدها.. بجعلك اول رجل في حياة زيني هبتو..
– نعم اوفت بوعدها بعد ثلاثة سنوات من غارة السيد الرئيس على قريتنا بغرب البلاد.. كنت اول رجل في حياة زيني هبتو..
– اي زينى هبتو كان عمرها ثلاثة عشر سنة .. أليست صغيرة على المعاشرة..
– هنا في (جنقرة) عندما يروجون لسلعهم يقولون عندنا نساء من عمر 9 سنوات الى 99 سنة.. اي جميع الاعمار ..
– هل هناك رجل يرغب في امرأة عمرها 99 عاما..
– كان هناك رجل وقور اسمه دكتورالفارابي جاء الينا بزعم انه يجري بحوث اكاديمية بخصوص (التاثيرات السالبة والموجبة على طبقات الاوزون).. كنا نعتقد انه يتحدث عن طبقة الاوزون التى في السماء.. ويا للعجب كان يتكلم عن طبقة الاوزون لدي العجائز.. سألناه وهل للعجائز طبقات اوزون وهن في مثل هذه السن؟..
نسج حبال صداقة ومودة مع كتوكتو بر.. بات كتوكتو بر يمده بالنساء الكبيرات من ضمن النساء الاجنبيات اللاتي يهربهن الى العاصمة.. كان دكتورالفارابي يمارس معهن الرذيلة بقوة وبعنف في (خور يابس).. بحجة انه يرغب في معرفة التاثيرات الموجبة والسالبة على غشاء الاوزون ليستفيد منه في دراسته الاكاديمية.. قال لنا ان ما يوجد في الارض يمكن ان يطبق في السماء.. وان النيوترونات التى تحوم على الذرة تشابه دوران الكواكب حول الشمس.. والحديد الذي على كوكب الارض هو ذات الحديد في كوكب بلوتو..
دكتورالفارابي ظل يقول دوما ان (الشجر الكبار فيهو الصمغ).. وذات مرة القي القبض عليه اراد اغتصاب زمزم عميان ضر عندما ذهبت الى الخلاء لجلب الحطب.. قٌدم الى المحكمة قال مدافعا عن نفسه انه يجهز لدراسة اكاديمية ستخدم البلد وانه بصدد تقديم ورقة بحث مطولة لدارسة الماجستير.. وانه كان يريد انزال بعض التطبيقات العملية الخاصة بالبحث على ارض الواقع.. وكان التطبيق العملي من نصيب زمزم عميان ضر.. في المحكمة ابرز بطاقة انتسابه لعضوية الحزب الحاكم.. القاضي اصدر حكما ببراءته لانتفاء القصد الجنائي.. لان الدافع هو الدراسة العلمية البحتة التي تخدم البلاد.. لم يكن الباعث هو البحث عن الشهوة والمتعة والرذيلة.. وأضاف القاضي ان امثال دكتور الفارابي يجب ان تقام لهم التماثيل في الساحات العامة لانهم يفنون انفسهم من اجل خدمة المجتمع.. متجردين عن دوافع الذات الكذوبة..
انتصب عبد الكريم نيانق واستاذن الرجل المثلم من اجل مواصلة مشواره الى عطرب لأداء واجب عزاء والد زد سليكان.. اطلق الرجل الملثم الارنب وقال: بلغ تعازينا لود سليكان.. الان الارنب حرا طليقا..
اطلق الرجل الملثم سراح الارنب.. عندما ذهب عبد الكريم نيانق صوب قرية عطرب ظهر الفتى الحبشي يازاشو يقريم امام الرجل الملثم وجها لوجه.. كان خائفا ومرعوبا ومضطربا..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..