المال العام والفساد..!

٭ الحديث عن مظاهر الفساد والاعتداء على المال العام بند ثابت ضمن أي حديث بين اثنين أو ثلاثة أو مجموعة يضمهم لقاء حتى ولو عابراً وقصيراً.. دائماً هناك حكايات وملاحظات واتهامات ووقائع تشير إلى ان الاعتداء على المال العام يتم وبأساليب عجيبة وغريبة ودائماً هناك حكايات تروى عن المسؤول الفلاني الذي يستخدم أكثر من عربة والذي يحدد أثاث منزله مع أثاث المكتب والذي يخلق المأموريات والأسفار.. والذي يصرف صرف من لا يخشى الفقر.. والذي.. والذي..
٭ والمراجع العام كلما يمثل أمام المجلس الوطني يتحدث عن الاعتداء على المال العام في كل المستويات في الحكم الاتحادي والولائي.. على مستوى المؤسسات والشركات والهيئات والبنوك.. يعني حالة نهب عامة بكل الطرق وجميع الوسائل.. التزوير والتغول والتبديد والاسراف والاهمال.
٭ هذا واقع مأساوي ان تتصاعد جرائم المال العام بهذا المستوى ولا تقرع أجراس الخطر في كل مكان.. المراجع العام يقدم تقريره أمام المجلس الوطني ويجزع الأعضاء ويغضبون وينتقدون ويصرخون ويشيرون إلى هنا وهناك وهذا وذاك وتنتهي المسألة.. ويأتي العام القادم لترتفع النسبة بصورة أكثر جنونية طالما ان درجة استشعار الخطر لم تغادر محطة الاشارة إلى مرحلة التفعيل والمحاكمات والعقوبات بل وينشأ حديث من نوع آخر هو حديث التسويات.. تسويات في قضايا الاختلاسات وخيانة الأمانة.
٭ قد يقال ان مثل هذه الجرائم تحدث في كل المجتمعات وان الجشع والطمع في الكسب غير المشروع من السقطات الانسانية التي لا بد من مواجهتها في معركة مستمرة بين الخير والشر طالما هناك حياة على ظهر الأرض.
٭ وقد يقال ان الضجة التي تثيرها هذه القضايا لا تعني ان المجتمع كله قد فسد.. حتى لا نظلم أنفسنا ونسقط في هوة الاحباط وتصيبنا الكآبة النفسية وبعدها العجز عن التصرف واليأس من الإصلاح.
٭ لكن تصاعد هذه النسبة في هذا المدى القصير والتعامل مع التجاوزات بالعادية وعدم الاستنكار بدأ بالرشوة التي تغير اسمها وصارت «الحافز» و«حاجة كده» لا يخجل منها الراشي ولا المرتشي.. بل المرتشي يقولها بقوة عين حقي كم وحقي وينو.. يحدث هذا وسط آلية إعلامية قوية تتحدث عن مشروع حضاري يجب أن يقوم أساساً على قيم الدين الإسلامي السمحاء التي أول ما تقوم عليه الأمانة والصدق.. هذا التصاعد يفرض علينا واجباً ملحاً وهو النظرة لهذه الظاهرة بحجم خطورتها ونواجهها بجدية أكثر ولا نتركها للتبريرات يجب أن تقوم بدراسة ومعرفة الدوافع التي أدت إلى الانحراف في التصرف حيال المال العام والفساد بهذا الحجم وبهذه الصورة.
٭ والمسألة كلها في رقبة النظام وسياساته وعلى رأسها الاقتصادية وهنا تبرز أهمية دور القيادات السياسية كقدوة ليس في تقديم النموذج الأخلاقي فحسب بل وهي كقدوة تقوم بوظيفة سياسية لأنها تضع المعايير التي يزن بها الجميع تصرفاتهم وهي التي تهييء المناخ لنشأة الدوافع والطموحات سواء أكانت طيبة أو شريرة نبيلة أو خسيسة تتجه إلى الصالح العام أم هي محصورة في نطاق المصالح الخاصة.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..