الهرولة ما بين يا ريت ولكن؟!

٭ أغنية يا ريت تلاقي استقبالاً احتفائياً لدى كل المتلقين من كل الأعمار.. وهذا ليس مستغرباً.. فالأغنية الرسالة رغم تلقائيتها وبساطة أدائها وروعته تشكل قطعة حب تحمل معانيها المضاءة داخلها.. فهي بالطبع تتحدث عن تجربة خاصة وصادقة.. تجربة عاطفية دافقة للشاعر الغنائي المبدع المغترب السر قدور تجربته في اطار عاطفي محدود وأمانيه وتمنياته أن يصف مشاعره بكلام لم يقله الناس ويقول عن الريد كلام زي النجوم والماس.
٭ وقد تكون خصوصية الحزن أو خصوصية الفرحة وخصوصية التمني ممكنة بالنسبة للآخرين.. لكن الشاعر لا يستطيع أن يفرح وحده أو يحزن وحده أو يتمنى وحده..
٭ وعليه فإن كلمات السر قدور مع أداء ترباس ضربت على أوتار التمني عند الانسان السوداني في هذا الزمان السوداني الغريب.. فأنت تسمع يا ريت في مسجل الحافلة والبص وعربة التاكسي أو أمجاد ومن القهوة ومن خلال البرامج في الراديو.. بل وتسمعها عند كل أفراد الأسرة في الحمام والمطبخ.
٭ المهم الكل يتغني ويقول يا ريت.. ويغني المغني وكل يبكي ليلاه أو كل على هواه كما تقول العامة.. الطفل يقول يا ريت القى لبن وسكر وحلاوة.. تعبت.. تعبت خلاص.. الأب يقول يا ريت القى الرغيف والسكر في الجمعية التعاونية وقبل ذلك يا ريت القى مواصلات.. تعبت.. تعبت.. خلاص والأم تقول يا ريت القى الفحم والغاز والزيت والرز والعدس.. تعبت.. تعبت خلاص.. والمريض يقول يا ريت القى الدواء والقى البنج والقى الشاش.. تعبت.. تعبت خلاص..
٭ المهم الكل يقول يا ريت يا ريت بما فيهم المحب الذي يتمنى لقاء المحبوب ان كان هناك زمان أو امكانية للحب.
٭ لهذا اسمحوا لي أن أتكيء أنا بدوري على يا ريت مع اعجابي الشديد بها.. اسمحوا لي أن أعبر عن اكتئابي وضجري في هذا الزمن السوداني الغريب والعجيب معاً.. الزمن السوداني الذي أصبحت فيه تطلعات الناس وأمانيهم لا تتجاوز كسرة الخبز وجرعة الدواء والماء وقسمة هواء نقية وساعة أمان من غدر الزمان.
٭ اسمحوا لي أن اسوق لكم دعوة للتأمل عن اليقين والأمل عن لكن ويا ريت? لكن الكلمة الصغيرة الكبيرة.. الصغيرة بعدد الأحرف والكبيرة بما تحدثه من حركة وحيوية في مجريات الأحداث.. انها بأحرفها الثلاثة تقيم الدنيا ولا تقعدها.. تفعل هذا كل يوم.. بل وعلى رأس كل دقيقة من عمر الساعة الواحدة.
٭ الأمل هو الحلم هو التمني هو يا ريت والخلاف بين الحلم والواقع لا يسبب كثير ضرر إذا كان صاحب الأمل أو التمني صادق الإيمان عميق القناعة بحلمه وأمله وإذا كان تأمله في الحياة بانتباه وقوة ملاحظة حاضرة ومتيقظة للمقارنة ما بين الحلم المأمول وحركة العمل لتحقيق هذا الحلم ومتى ما كان العمل صادقاً وبصورة عقلية ووجدانية معاً نحو الهدف تكون نقاط التماس بين الحلم المأمول والواقع وعند وجود هذا التماس تسير الأمور على ما يرام.
٭ إذن ما هي طبيعة أحلام الفرد وأحلام الشعوب وأحلام الأمم.
٭ كل الثورات التي انتظمت تاريخ البشرية بدأت أحلاماً وآمالاً وأماني كبيرة ولحظات نجاحها تكون دائماً البداية لخلق نقاط التماس بين الواقع والحلم وكلما كثرت هذه النقاط قربنا من الهدف.. وأيضاً كلما كثرت هذه النقاط اتسعت مساحات الحديث والنقنقة وتربعت لكن وتزاحمت المصطلحات والمسميات.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..