المرأة تعيش لا مقهورة ولامنهورة

الرأى اليوم
💎8 مارس عيد إعتمدته الأمم المتحدة ، كيوم عالمى للإهتمام بقضايا المرأة والنوع (الجندر)، جاء الإختيار متزامناً مع واقعة تاريخية، لأول إضراب نسائى لعاملات مصانع النسيج فى الولايات المتحدة الأمريكية ، للمطالبة بالأجر المتساوى ، من هنا نطرح السؤال التقليدى ، هل للمرأة قضية ؟؟؟؟ نعم للمرأة قضايا ، ناتجة من الإضطهاد التاريخى الذى تعرض له جنس النساء ، إضطهاد هدد كينوتها الإنسانية ،عبر مسار تاريخى طويل ، ترتبت عليه تمايزات كثيرة وكبيرة ، بوصفها كأنثى والنوع المقابل، هذا التراكم السلبى إستنهض عدد من المفكرين والناشطين من الجنسين لرفضه ومناهضته ، والسعى الجاد لتشكيل وعى مغاير ، لقضايا المرأة والنوع ، لإستعادة الإتزان للمجتمع ، من أجل العدالة والإنصاف ،وخير النوع البشري ورفاهيته.
💎قضايا النوع ، قضايا معقدة ، لتباينها من مجتمع لآخر ، ومن طبقة لأخرى ، قضايا المدن والريف ، قضايا الفقر والغنى ، فضايا الحروب والإستقرار ، لكن الرابط الموضوعى بينها أن هناك نوع مستحوذ و آخر مظلوم ، لابد من التضامن والعمل من أجل إنصافه بدأت الحركة النسوية النهوض فى أوريا بعد عصر الأنوار ، وإمتدت من فرنسا إلى بريطانيا ومنها للولايات المتحدة الأمريكية ، من داخل هذا النهوض ، بدأ الوعى بقضايا النوع ومظلومية النساء فى الإفتضاح والشيوع ، عمت حركة (الفيمينيزم) العالم ، وأرتبطت فى العالم الثالث بحركة التحرر الوطنى من الإستعمار .
💎بدأت الحركة النسائية فى مصر ، مرتبطة بحركة التحرر من الإستعمار ، فظهرت هدى شعراوى ومن بعدها دكتورة نوال السعداوى ، وكما ظهر عدد من الكتاب فى اليسار المصرى يساندون قضايا المرأة، ويدعون للمساواة ، منهم زكى محمود ومحمود أمين العالم ، فقد عاصرنا ونحن طلاب بالجامعة ، بعض من زخم الحركة النسائية المصرية، تعرفنا على سهير القلماوى ، وبنات النقاش (أمينة وفريدة ) ، وعايدة العزب موسي ، وصافيناز كاظم ، وإستمعنا لمحاضرات السيدة زينب الغزالى
💎بدات الحركة النسائية الحديثة فى السودان متزامنة مع مناهضة الإستعمار ،فقد بدأت بتحرك مجموعة من النساء فى بيت المهدى، لدعم التعليم المسائى للنساء لمحو الأمية والتدبير المنزلى ، ولايمكن إغفال الدور التنويرى الهام الذى إطلع به السيد بابكر بدرى فى تعليم المرأة والإهتمام بقضاياها ، ثم جاء جيل الرائدات مدينة محمد عبدالله ، ودكتورة خالدة زاهر السادات ، ومن ثم تبلور الإتحاد النسائى بقيادة السيد فاطمة أحمد إبراهيم ، فقد كانت الحركة النسائية السودانية متقدمة بمراحل على الحركات النسوية العربية والأفريقية ، قد ظهر جيل من المفكرين الداعمين لقضايا المرأة منهم السيد قاسم أمين ، والاستاذ محمود محمد طه ، والسيد الصادق المهدى هؤلائى كتاب لهم مساهمات نوعية فى دعم قضايا المرأة والجندر فى البلاد ، فقد حققت المرأة السودانية مكاسب كبيرة، فيما يتعلق بالعمل والحقوق السياسية والمدنية ، مقارنة برصيفاتها فى المنطقة ، فأصبح دفتر الحضور النسائى فى الحياة العامة شامخاً ومتسعا ، فقد كانت أسماء بارزة لعبت أدوار كبيرة من أجل النهوض بقضايا النساء .
💎أذكر فى عام 1997 بدعوة كريمة من السيده القوت عبدالرحمن المهدى، فى شقتها بالمهندسين ، قامت بدعوة عدد من الرائدات فى الحركة النسوية السودانية أذكر منهم ، الدر محمد عبدالله ، نفيسة المليك ، أم سلمة سعيد ، عزيزة مكى ، حاجة كاشف ، محاسن عبدالعال و أخريات العتب على الذاكرة ، فقد تشرفت أن أكون الرجل الوحيد بين المدعوات أُتيحت لى فرصة نادرة ، بصفتى الأمين العام للتجمع الوطنى الديمقراطى فى مصر فى ذلك الوقت الإجتماع والإستماع لهذه الكوكبة الرائدة من النساء ، فقد دار نقاش عميق ومسئول عن واقع البلاد ومستقبلها ، كما تطرق للحديث لقضايا النساء وبعض التاريخ ، هذا جيل مقتدر من النساء ومناضل يجب الإطلاع على تجربته ومعرفتها للعمل على تطويرها والبناء عليها ، لمواجهة تحديات قضايا المرأة فى السودان .
💎الحركة النسائية العالمية مليئة الرموز ، والنساء المكافحات من مختلف الأجناس ، فقد شهدنا جين فوندا الأمريكية الجنسية، فقد كنا نحتشد بقصر الثقافة بالزقازيق، لحضور أفلامها ، كما شهدت الأم تريزا ، وهى تتحدث فى المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان بفينا ، وكذلك السيدة مريم ماكيبا على ذات المنصة ، وشهدنا حفلها الساهر فى المساء بمدينة فييينا ، وألتقينا بالسيدة إيزابيلا أم بروزو، فى مؤتمر السكان العالمى بالقاهرة ، هذا بالأضافة للتعرف إلى فاطمة أحمد إبراهيم والسيد سارا الفاضل محمود ،لقد تصفحت أمس واليوم كتاب (المرأة السودانية حاضرها ومستقبلها ) تحرير دكتورة بلقيس بدرى ، يضم الكتاب حوالى إثنين وعشرين ورقة عمل حررتها أقلام نسائية سودنية ، تناولت كل جوانب قضية المرأة على المستوى النظرى و أقتراح الحلول ، فهو كتاب يستحق الإطلاع لللمهتمين بقضايا الجندر فى البلاد ، إصدار دار مدارك للنشر هذا الحشد من النساء الموحيات Inspiring Women ، يعطى القناعة ، أن تاييد ومساندة قضية المرأة ، هى الضفة الصحيحة من التار يخ الإنسانى ، التى يجب أن يلتزمها المثقفين والنشطاء والدعاة للتقدم .
💎ختامة
فى هذا اليوم التحية لكل النساء فى العالم ، وتحية خاصة للمرأة السودانية ، فى مناطق الحروب ، ومعسكرات اللجوء والنزوح ، والتحية للمرأة المكافحة، وهى تعمل بشرف، فى بيع الطعام أو الشاى من أجل رعاية الأسرة والأطفال كما قال شاعر الشعب الشريف ( كفتيرة تفك الخيرة أحسن من غيرا) ، والتحية للنساء اللأئى يواجهن التربص و الإستهداف، من المتنطعين بإسم الفضيلة وهم الأرازل ، لابد من مواجهة القوانين التى تذل النساء ، وتقهرهن، فى مقدمتها قانون النظام العام فى السودان ، فقد أصبح مطية ، ومدخل لضعاف النفوس لقهر و أذلال النساء.
💎أقترح فى يوم المرأة التواصى لإصدار أطلس للرائدات ،فى مجال قضايا النساء فى السودان ، يبدأ من عصر الممالك النوبية إلى الممالك فى الوسط والغرب ، ومساهمات النساء السودانيات عبر الحقب ، ليكون هذا الأطلس هادئى ومحفز ، لمزيد من البحث والمعرفة ، عاشت المرأة لا مقهورة و لا منهورة ، سيدة على نفسها ومالها و مستقبل حياتها
صلاح جلال
[email][email protected][/email]