علام تنتحب الفتاة!

صدقوني لست أسيفا على تدهور الإقتصاد ، كما لم أتباكى على آثاره المجاورة بحيواتنا المعيشية ، بقدر حسرتي وغصة بالحلق مقيمة أسكنها ذهاب الاخلاق…. العمود الفقري للأمة يتداعى وطبقا لبيت الشعر انما الامم الاخلاق ما بقيت.. الاقتصاد كعلم للبدائل بالامكان الخروج من نفقه المظلم ان التقت الإرادة بالإدارة، وان توجهنا الى المصانع ندير ماكيناتها والى ما حبانا الله من من اراضٍ بتول تنجب لنا قمحا ووعدا وتمني ان نحن حرثناها وبللنا شفاهها الجافة بقطرات ماء تتنزل في كثيرها من السماء مباركة، فقط ان كانت نظرة الإدارة ـ مستقبلية ترنو لعائدها السخي نقدا أجنبيا يحلحل كل أزماتنا التي نحن فيها، وذلك في خفض الضرائب والرسوم العديدة و(رسوم أخرى) وقبل هذا وذاك ..توافر الأخلاق مقابلا موضوعيا للقانون ودستورا معنويا للأمة وترياقا للفساد
صدقوني الأزمة ليست سياسية أو اقتصادية أو…أو…، الازمة في المقام الاول ـ أزمة أخلاق، وما سواه تمظهر وتداعيات وافرازات الفجوة ـ (الاخلاق) … انظروا الى واقعنا اليوم وقد تنزل الفساد من عليائه بقمة السلطة الى أخمص المستويات .. أنظروا الى سيد الدكان وقد تحول الى وحدة سلطوية لحالها يضع التسعيرة بمزاجه ثم يضع “كراعا على كراع” تعبيرا عن عاجبك… عاجبك، ما عاجبك أحلق حواجبك) وان شئت “كما شنبك” وانت في طريقك الى موقع العمل تأمل في سياسات إمبراطورية المواصلات العظمى وكل يغني لهواه .. تارة بتقسيط الرحلة الى ثلاثة اقساط وربما تزيد احخيانا وأخرى بزيادة التعرفة آناء الذروة نهارا جهارساعات الليل، ثم الجزار… انتو اخبار اللحمة شنو! لسه حمراء وكدا غايتو كانت بتحمر لي طوالي… والمدارس والشوارع والبيوت العلاج وما أدراك ما العلاج وقس على ذلك.. فساد في فساد لم ينجو أحد من هذا الاخطبوط لدرجة ما عادت أخبار الفساد التي تنشرها صحافة الخرطوم كما إعلانات محاكم الطلاق.. ما عادت تحرك حاجب الدهشة الذي فضل وضعية السكون ازاء الحالة المستشرية، ذهاب الاخلاق يتهدد نا برغم مخاوف الاخ الشاعر عاطف خيري : ( الرجال على وشك ان يبيعوا شيئا عزيزا فأحترس / والنباح الذي دلك على النبع دل الحرس،
ثم مضي الشاعر زرقاء اليمامة الى المهاجر مكفكفا دموعه بينما نحن هنا نكفكف العويل بعد ان فقدنا وطنا كان اسمه السودان….انظروا اي مبلغا من الانهيار بلغنا اليوم! قبل يومين وانا مترجل من على ظهر الحافلة عند تقاطع شارع المك نمر مع السيد عبد الرحمن ميمما وجهي شطر مكاتب الصحيفةـ “صحافسيون” استوقفني مشهد لا ولم ولن أنساه ما بقيت حيا ارزق .. اربعينية يبدو على ملامح وجهها سيماء ذوي الاحتياجات الخاصة ـ”عقليا” تنتحب بحرقة اختلطت فيها دموعهامع سوائل انفها ومعها فتاة تكفكف عنها مصابها فقلت علام تنتحب الفتاة، اجابتني الفتاة برفقتها “سرقوا موبايلها” فقلت موجها حديثي للضحية الاستثنائية (الله يعوضك) وعليك بمواصلة مشوارك الى وجهتك ، فقالت “الراجل خطف الموبايل من شنطتي ونط في الحافلة وانا ماشة افتشوا ،”فقلت في سري يا لبراءة المسكينة ..لا تزال توصفه بـ “الراجل”… الرجالة تطير” أنظروا الى الفساد وقد لحق باللصوص، وأذكرفي ذات سودان معافى، كان للصوص أخلاق وأعراف وسرقة الضعيف عندهم كانت شينة ومنكورة.. مضيت في طريقي وغصة تحكم قبضتها على انساني المهزوم.. بالله عليكم هل من إنحطاط اعظم مما نحن فيه حين لا يسلم حتى ذوي الاحتياجات الخاصة من هذي السموم التي بثها القوم في جسد الامة … هذه الشريحة التي تستوجب مساعدتنا لا سلب براءتهم واعز مقتنياتهم القصة ما قصة موبايل، بل قيمته المعنوية لديها وقيمة من اهداها اياه فتوازنت معنويا في تواصلها مع الآخرين واحساسها بالمساواة بالأسوياء القصة “مو موبايل” بل ذاكرته التي تختزن عوالمها الجميلة .. لم يسرق ذاك اللص التافه موبايلها بل سرقنا أعز ما نملك كسودانيين وبوصيكم على ضيف الهجوع عشوه وعلى الولد اليتيم ربوه، لم املك سو اللواذ بأقرب زقاق خامل ، قلدت أقرب حائط وانتحبت .. بكيت كما تبكي النساء مجترا بعض قوافٍ عوافٍ من رائعة الحبيب الراحل المقيم الانسان “محجوب شريف” بتسرق سفنجة وملاية/ وغيرك بيسرق خروف السماية/ تصدق في واحد بيسرق ولاية. ولا غرابة فهذي من تلك وكلو من ديلا .
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هذا سرق موبايل ذات الإحتياجات الخاصة! و لكن هل تذكرون ذاك الذئب الحقير في بدايات هذا العهد التافه الذي سلب حياة ذي الإحتياجات الخاصة بعد أن ارتكب معه الفاحشة اغتصاباً بسينما قصر الشباب و الأطفال؟!

  2. هذا سرق موبايل ذات الإحتياجات الخاصة! و لكن هل تذكرون ذاك الذئب الحقير في بدايات هذا العهد التافه الذي سلب حياة ذي الإحتياجات الخاصة بعد أن ارتكب معه الفاحشة اغتصاباً بسينما قصر الشباب و الأطفال؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..